رفض التبليغ

رفض التبليغ

(الفصل 39 من ق م م)

الأستاذ الحسن بويقين

الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بسطات

رغم أن أغلب أوراق التبليغ معيبة شكلا بل وموضوعا في معظم الأحيان، إلا أن الأطراف وخاصة من لهم المصلحة في التمسك ببطلان تلك الأوراق كثيرا ما لا يفطنون إلى ما فيها من عيوب، ولو تنبهوا إليها لكثرت الطعون أو على الأقل الدفوع بإبطال التبليغات، ولتعرضت حقوق المستفيدين من التبليغ للضياع، وتعرض القائمون بالتبليغ لعواقب المسؤولية المدنية ولربما المسؤولية الجنائية في بعض الحالات. ومن الإشكاليات التي تطرحها عملية التبليغ ما يواجه به أحيانا عون التبليغ من رفض التوصل سواء من طرف المراد إعلانه شخصيا أو من طرف من له الصفة نيابة عنه بحكم القانون، ورفض التبليغ بصفة عامة قد يكون في شكل امتناع عن التوصل بالإجراء بعد الإفصاح عن الهوية، وقد يكون في شكل الامتناع عن الإفصاح عن الهوية مع تعذر التثبت منها من طرف عون التبليغ، وقد اعتبرت بعض التشريعات رفض التوقيع باستلام الإجراء بمثابة رفض التبليغ عكس التشريع المغربي الذي يقرر بأن رفض التوقيع أو العجز عنه يعتبر تبليغا نظاميا وعلى العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ الإشارة إلى ذلك والتوقيع على شهادة التسليم وإرجاعها إلى كتابة الضبط.

ومن أهم المشكلات العملية التي يطرحها رفض التوصل بالتبليغ، واختلف حولها العمل القضائي امتناع من وجده عون التبليغ بموطن المراد إعلانه عن الإدلاء باسمه أو صفته أو بهما معا، هل يمكن اعتبار هذا الموقف بمثابة رفض التوصل الذي يترتب عنه التبليغ الصحيح وفق مقتضيات الفصل 39 من ق م م أم أن مقتضيات هذا الفصل لا تسمح بالقول بهذا الاستنتاج ذلك ما سنحاول مناقشته في هذا الموضوع.

الامتناع عن الإفصاح عن الهوية أثناء التبليغ:

قد يكون رفض توصل الشخص الموجود بالموطن المراد إنجاز الإعلان فيه في شكل الامتناع عن الإفصاح عن الهوية مما يحول دون معرفة ما إذا كانت للمخاطب معه صفة في استلام التبليغ أم لا، وهذا الامتناع قد يشمل فقط عدم ذكر الاسم مع الإفصاح عن الصفة وهي الحالة الغالبة في الحياة العملية، والتي ترتب عنها نوع من التضارب في العمل القضائي بالمغرب كما سنرى، وقد يشمل الامتناع الاسم والصفة معا، وإذا كانت التشريعات لم تنظم إشكالية رفض الإفصاح عن الهوية عند التبليغ فإن ذلك راجع إلى أن من الخطوات الأساسية التي يجب على عون التبليغ القيام بها بعد التأكد من موطن المراد إعلانه البدء بسؤال من وجد به عن اسمه وصفته إذ بالاسم يمكن التثبت من الصفة وبالصفة يمكن التثبت من صلاحية أو عدم صلاحية الشخص المخاطب في استلام الإجراء، ويترتب عن ذلك أنه بدون الإفصاح عن الاسم والصفة لا يجوز تسليم التبليغ لمن وجد بموطن المراد إعلانه إذ يعد ذلك بمثابة عدم وجود أحد يصح له قانونا تسلم الإعلان بالموطن، ولا ينبغي للمكلف بالتبليغ الإصرار على معرفة اسم وصفة الموجود بموطن المراد إعلانه لما في ذلك من تدخل في شؤون الأفراد الخاصة فضلا عن أن النصوص القانونية المنظمة لعملية التبليغ لا تسمح له بذلك، ولا يجب الخلط بين ما ذكر، ومبدأ مسؤولية صاحب الموطن عمن يوجد به إذ هذا المبدأ يعني أنه عندما ينتقل عون التبليغ إلى موطن المراد إعلانه ويجد به شخصا ادعى أن له الصفة في استلام الإعلان نيابة عن المعلن إليه، وصرح بتلك الصفة وباسمه وسلمه العون الورقة القضائية فإن هذا التبليغ يكون صحيحا دون أن يترتب عن ذلك بطلان التبليغ ولا مسؤولية القائم به إذا ما ثبت عدم صحة الإعلان المتمثل في انعدام صفة من تسلم الإجراء، بخلاف ما إذا امتنع عن التصريح باسمه وصفته فلا يمكن القول باعتبار ذلك بمثابة رفض التبليغ إذ أن هذا الرفض لكي يعتبر تبليغا صحيحا يجب أن يصدر عن الطرف، أو من له الصفة في استلام الإعلان وهذا لا يتأتى إلا بالإدلاء بالاسم والصفة من طرف الشخص المخاطب معه بالموطن المراد إنجاز الإعلان فيه.

وفي موضوع الامتناع عن الإفصاح عن الهوية قضت محكمة النقض المصرية بأنه إذا كان امتناع من يوجد من الأشخاص في موطن المطلوب إعلانه من ذكر اسمه أو صفته التي تميزه. له استلام الصورة هو بمثابة عدم وجود من يصح قانونا تسليم الورقة إليه فإنه إذا امتنع المخاطب معه عن ذكر اسمه فلا يبطل الإعلان إغفال المحضر إثبات صفة الشخص، إذ لا جدوى من إثبات الصفة ما دام أنه لا يمكن التثبت منها متى كان الاسم غير معلوم ولا يكون للمحضر في هذه الحالة إلا أن يسلم الورقة لجهة الإدارة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان إعلان المطعون عليه بالصورة التنفيذية للحكم المنفذ به استنادا إلى خلو الإعلان من ذكر صفة المخاطب معها رغم أنها امتنعت من ذكر اسمها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون(1).

وذهبت محكمة الاستئناف العليا البحرينية إلى أن الإدلاء بالاسم وحده دون ذكر الصفة يجعل التبليغ مخالفا للقانون إذ قضت، بأن التبليغ الذي تم لمن تدعى فائزة محمد عبد الله، وخلت الأخضارية من بيان صفتها وما إذا كانت من أقارب المعلن إليه الذين يقيمون معه في معيشة واحدة يكون تبليغا مخالفا للقانون، وبالتالي باطلا...(2).

ولكن ما موقف المشرع المغربي من المبادئ السابقة؟ وبعبارة أخرى في حالة رفض الإفصاح عن الاسم والصفة أو أحدهما أثناء محاولة إنجاز التبليغ هل يعد بذلك بمثابة رفض التوصل المعتبر بمثابة تبليغ صحيح بعد مرور أجل 10 أيام على تاريخ الرفض أم أن الامتناع عن الإدلاء بالاسم والصفة يعد بمثابة عدم وجود من يصح التبليغ إليه؟

بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 39 من ق م م (فقرة 4) والتمعن فيها يتبين أنها تشترط الرفض الذي يعتبر توصلا صحيحا أن يصدر عن الطرف أو الشخص الذي له الصفة في استلام الاستدعاء ومعلوم أن نعت الشخص بالطرف يستوجب أن يكون معلوم الهوية ولا يتأتى ذلك إلا بمعرفة اسمه ولقبه وما يثبت أنه الشخص المستهدف من التبليغ، وامتناعه عن الإفصاح عن هويته مع تعذر التثبت منها من طرف المكلف بالتبليغ يفتقد معه رفض التوصل أحد شروطه الأساسية، ولا يمكن اعتباره بالتالي توصلا صحيحا.

كما تشترط نفس المقتضيات أن يكون من صدر عنه رفض التوصل ذا صفة في استلام الاستدعاء، والصفة لا تثبت إلا بالتصريح بها في حالة تعذر التثبت منها من طرف عون التبليغ، وعلى فرض التصريح بها فلابد من الإدلاء بالاسم إذ به يمكن التثبت من الصفة عند المنازعة فيها، ولذا نميل إلى القول بأن مقتضيات الفصل 39 من ق م م تستوجب لاعتبار رفض التوصل تبليغا صحيحا الإدلاء بالهوية بالنسبة للطرف المراد إعلانه والتصريح بالاسم والصفة بالنسبة للشخص الذي يصح التبليغ إليه بالموطن نيابة عن المراد إعلانه، هذا ما لم تكن هناك قرائن يمكن التثبت بواسطتها من الصفة المصرح بها من طرف المخاطب معه بالموطن كصدور الرفض من الأب أو الأم أو الزوج أو الابن أو البنت أو الزوجة بحيث لا يمكن أن يكون للمرء إلا أب واحد وأم واحدة وللمرأة زوج واحد، كما لا يكون للشخص سوى زوجة واحدة في حالة عدم إثبات التعدد، كما قد لا يكون للمعلن إليه سوى ابن واحد أو بنت واحدة ففي كل هذه الحالات إذا صرح الموجود بالموطن بصفته ورفض التوصل والإفصاح عن اسمه اعتبر ذلك بمثابة توصل صحيح متى تأكدت المحكمة من تلك الصفة ولو لم يصرح باسمه إذا التثبت من الصفة في كل تلك الحالات غير متوقف على الإدلاء بالاسم.

لكن ما موقف القضاء المغربي من إشكالية رفض الإفصاح عن الاسم والصفة؟

موقف العمل القضائي من إشكالية الامتناع عن ذكر الاسم والصفة:

ينقسم العمل القضائي بشأن مشكلة امتناع من وجد بموطن المراد تبليغه عن ذكر اسمه أو صفته إلى اتجاهين:

1 ـ الاتجاه الأول:

يشترط هذا الاتجاه لاعتبار الرفض بمثابة تبليغ صحيح أن يصدر عن شخص معلوم الهوية بتصريحه باسمه وصفته للتثبت من صلاحيته لاستلام الإجراء موضوع التبليغ فإذا رفض الإفصاح عن هويته، اعتبر ذلك بمثابة عدم وجود من يصح تسليم التبليغ إليه، ومن أمثلة القرارات الصادرة في هذا الاتجاه قرار المجلس الأعلى عدد 617 الذي جاء فيه:" حقا تبين من مراجعة وثائق الملف والقرار المطلوب نقضه صحة ما عابه الطاعن عليه ذلك أن الطاعن أثار أن التبليغ غير قانوني لأن من امتنع عن تسليم طي التبليغ لم تكتب هويته حتى يمكن التأكد من كونه ضمن الأشخاص المنصوص عليهم في الفصل 39 من ق م م، الذين يعتبر توصلهم محل المعني بالأمر توصلا قانونيا بعد عشرة أيام من تاريخ الرفض غير أن المحكمة ردت على دفعه بما لخص في الوسيلة أعلاه.

أن المحكمة المصدرة للقرار باعتبارها طي التبليغ الذي يحمل امتنعت بنته من التوصل بمثابة التوصل بعد عشرة أيام مطبقة مقتضيات الفصل 39/3 من ق م م مع أن طي التبليغ لم يحمل هوية البنت الممتنعة حتى نتأكد من علاقتها بالمعني بالتبليغ، وبالتالي صفتها، واعتبار التوصل حاصلا بعد العشرة أيام الموالية لتاريخ الامتناع قد جعلت قضاءها غير معلل ومطبقا مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 39 من ق م م تطبيقا غير سليم لأنها تتعلق بمن عرفت هويته وبالتالي عرضته للنقض(3).

وفي نفس السياق جاء في قراره عدد 572 ما يلي: يجب أن تتضمن شهادة التسليم بيان اسم من سلم له الاستدعاء، فلا يكفي الإشارة إلى أن عائلة المعني بالتبليغ رفضت تسلم الاستدعاء، لهذا تكون المحكمة قد خرقت الفصل 39 من ق م م لما اعتبرت شهادة تبليغ الحكم الابتدائي التي ورد فيها أن عائلة المعني بالأمر رفضت تسلم الطي، ورتبت على ذلك التصريح بعدم قبول الاستئناف لوقوعه خارج الأجل(4).

وجاء في قرار آخر بأن رفض الشخص الذي يقدم له الطي إعطاء اسمه لعون التبليغ ليس من بين الحالات الواردة في الفصل 39 من ق م م التي يعتبر فيها الرفض تبليغا صحيحا لأن مقتضيات هذا الفصل تقتضي ضرورة تعيين الشخص الذي تسلم الطي بتسجيل هويته الكاملة بشهادة التسليم(5).

وجاء في قرار آخر للمجلس الأعلى " أنه يتضح من وثائق الملف الابتدائي أن الطالبة استدعيت بجلسة 2/3/1987، وأرجعت شهادة التسليم بملاحظة اسم مجهول بشركة صوفاك وحسب قول ممثل الشركة، والذي صرح بأنه ينقص الاسم واللقب، وبالنسبة للاستدعاء المتعلق بجلسة 6/4/1987 أرجعت شهادة التسليم بملاحظة لا يوجد هذا الاسم بشركة صوفاك حسب قول كاتبة الشركة التي امتنعت عن ذكر اسمها، وأن الطالبة رغم إثارتها لهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف لم تجب عليه، وأن عدم جوابها يجعل قرارها قد خرق الفصل 39 من ق م م، وعرضته للنقض"(6).

ويبدو أن الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى كانت تسير على نفس النهج حيث جاء في أحد قراراتها أن التبليغ الذي يقع للغير بموطن إليه إذا كانت شهادة التسليم لا تتضمن ما يوضح هوية هذا المتسلم يكون التبليغ غير صحيح(7).

2 ـ الاتجاه الثاني:

يكتفي هذا الاتجاه بتصريح من يخاطبه عون التبليغ بموطن المراد إعلانه بصفته كخادم أو قريب أو من الساكنين مع المعني بالتبليغ، وإن لم يفصح عن اسمه حيث يعتبر ذلك بمثابة رفض التوصل الذي يعد تبليغا صحيحا في اليوم العاشر الموالي لتاريخ الرفض، ومما جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى في هذا الصدد "حيث لئن كان الفصل 39 من ق م م يقضي بصيغة الوجوب على ضرورة تضمين شهادة التسليم توقيع الطرف المبلغ إليه أو توقيع الشخص الذي تسلمها في موطنه، فإن الفقرة الرابعة من نفس الفصل تنص على أنه إذا رفض الطرف أو الشخص الذي له الصفة تسلم الاستدعاء أشير إلى ذلك في الشهادة، وتضيف الفقرة الخامسة... ويعتبر الاستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض من الطرف أو الشخص الذي له الصفة في تسلم الاستدعاء، وبالرجوع إلى شهادة التسليم يتضح منها أن عون التبليغ أشار فيها إلى أن أخت المعني بالأمر رفضت التسليم والتوقيع كما رفضت الإدلاء باسمها، وأن القرار المطعون فيه لما اعتبر هذا الرفض بمثابة التبليغ الصحيح طبق مقتضيات الفصل 39 من ق م م تطبيقا سليما ولم يخرق أي مقتضى(8).

وجاء في قرار آخر "بأن المحكمة استندت فيما عللت به قرارها على ما دونه مأمور التبليغ من أن خادم المطلوب في النقض امتنع عن تسليم الظرف وذكر اسمه، واعتبرت ذلك تبليغا قانونيا طبقا للفصل 39 من ق م م مشيرا إلى أن التبليغ قامت به جهة رسمية، ولا يمكن الطعن فيه إلا بالزور مما يجعل قرارها معللا بما فيه الكفاية، ومرتكزا على أساس"(9).

ويبدو أن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى بدورها تسير على هذا النهج حيث ورد في أحد قراراتها ما يلي:" حيث إنه ثبت من وثائق الملف (شهادة التسليم المتعلقة بجلسة 20/12/1995) أن المحكمة الابتدائية وجهت الاستدعاء للطاعنة، وضمن العون في شهادة التسليم أن الحارس امتنع عن تسليم الاستدعاء وعن التوقيع، وبالتالي فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالقرار المطعون فيه لم يخرق حق الدفاع"(10).

ويلاحظ أن هذا الاتجاه هو السائد لدى القسم المدني الرابع الذي أصبح بعد إحداث المحاكم التجارية يكون القسم الأول للغرفة التجارية بالمجلس الأعلى، وكذا القسم المدني الخامس الذي أصبح بدوره يشكل حاليا القسم الثاني للغرفة التجارية، كما تسير على نفس النهج الغرفة الاجتماعية، ولذا فلا غرابة إذا وجدنا بعض محاكم الموضوع تعتنق نفس الاتجاه فقد ورد في أحد قرارات محكمة الاستئناف بسطات ما يلي:

"وحيث أن تضمين شهادة التسليم لرفض والدة المعني بالأمر التوصل والتوقيع ليس من شأنه أن يؤثر على صحة التبليغ حسب ما استقر عليه المجلس في العديد من قراراته منها القرار عدد 3933/90 بتاريخ 17/12/1990 الذي جاء فيه لما أثار المبلغ في محضر التبليغ أن التبليغ وقع بتاريخ 20/11/1987، وأن والدة المعني بالأمر رفضت حيازة الطي، والإدلاء باسمها، ولم يطعن المطالب في هذا المحضر الرسمي بأي طعن قانوني مما يكون معه التبليغ موافقا للفصول 37 و38 و39 من ق م م وفي قرار آخر بتاريخ 16/11/1993 تحت عدد 268 جاء فيه أن الإشارة إلى صفة الأم تغني عن بيان اسمها مما يكون معه التبليغ صحيحا"(9).

تقييم الاتجاهين:

إذا كان الاتجاه الأول يتفق وما عليه العمل القضائي المقارن، ويسير في نفس الوقت مع التفسير الصحيح لظاهر مقتضيات الفصل 39 من ق م م التي تفيد كما بينا سابقا أن رفض التوصل بالتبليغ لا يعتبر تبليغا صحيحا إلا إذا صدر من الطرف أو الشخص الذي له الصفة في استلام الإجراء، وبديهي أن الطرف وكذا من له الصفة في الاستلام لا يمكن التأكد من صلاحيتها في استلام التبليغ إلا بالإدلاء بهويتهما بواسطة ذكر الاسم الكامل، فإن الاتجاه الثاني يعتبر كرد فعل على تعنت بعض المتعاملين مع الإجراءات القضائية بسوء نية، وكمحاولة للحيلولة دون عرقلة أولئك لتوصل ذوي الحقوق إلى حقوقهم خاصة وأن يتعذر في كثير من الأحيان على المكلف بالتبليغ التثبت بوسائله الخاصة من هوية من يجده بموطن المراد إعلانه فضلا عن أنه لا يجوز له المبالغة في ذلك حتى لا يتدخل في الشؤون الخاصة للأفراد فيكون معرضا للمساءلة إلا أن الاتجاه الثاني يخالف مقتضيات الفصل 39 المذكور ويتعارض مع المنطق ذلك أنه بدون الإدلاء بالاسم لا يمكن التثبت من الصفة إلا في حالات خاصة كما سبقت الإشارة إلى ذلك مثل تصريح الممتنع من التبليغ إليه بصفته كأب أو أم أو زوج إذ لا يتصور أن يكون للمرء سوى أب واحد وأم واحدة كما لا يتصور شرعا أن يكون للزوجة سوى زوج واحد، في حين يتصور أن يكون للمراد إعلامه أكثر من خادم أو قريب أو زوجة، ولابد من ذكر اسم من رفض من هؤلاء التوصل بالإجراء حتى يكون التبليغ إليهما صحيحا لذا نميل إلى تأييد الاتجاه الأول الذي يستوجب الإفصاح عن الاسم والصفة معا.

الهوامش:

(1)نقض بتاريخ 31/05/1979 طعن رقم 934 س 46 ف أنور طلبة الموسوعة ص: 186 وكذا أحمد مليجي التعليق على المرافعات ص: 261 ونقض بتاريخ 2/12/1987 طعن رقم 571 بسنة 52 ف أحمد هندي الإعلان القضائي طبعة 1999 ص: 179.

(2)قضية رقم 1636/م/84 بتاريخ 5/3/85 المجلة العربية للفقه والقضاء، الأمانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب عدد 3 أبريل 1986.

(3)بتاريخ 6/3/91 ملف مدني عدد 4496/88 غير منشور.

(4)بتاريخ 23/3/1983 قضاء المجلس الأعلى عدد 35-36 ص 11.

(5)قرار مدني عدد 442 بتاريخ 25/2/1987 ملف مدني عدد 129/96 مجلة المحاكم المغربية عدد 49 ص 48.

(6)قرار عدد 2466 بتاريخ 29/2/1993 ملف مدني عدد 237/89 غير منشور وفي هذا السياق صدر قرار آخر بتاريخ 18/7/1963 قضى بإلغاء قرار محكمة الاستئناف بالرباط لعد ثبوت هوية مستلم التبليغ، عمل كتابة الضبط ندوات 81/1982 ص 269.

وكذا قراره عدد 16 بتاريخ 28/2/1977 ملف اجتماعي عدد 57794 نفس المرجع ص: 358.

وقرار عدد 188 بتاريخ 15/3/1978 ملف اجتماعي عدد 5580 نفس المرجع ص: 359.

(7)قرار عدد 104 بتاريخ 5/1/1994 ملف مدني عدد 897 القسم المدني الرابع غير منشور.

(8)قرار عدد 2621 2621 بتاريخ 20/06/1994 القسم المدني الرابع غير منشور.

ومن نفس المعنى قرار آخر عدد 283 بتاريخ 30/01/1991 عبد العزيز توفيق، التنظيم القضائي الجزء الأول ص 151 وقرار بتاريخ 9/12/1998 ملف مدني عدد 382 القسم المدني الخامس غير منشور وقرار عدد 3933 بتاريخ 17/12/1990 ملف مدني عدد 3051/89 عبد الله العبدوني مسطرة بطلان إجراءات التبليغ مداخلة ألقيت في اليوم الدراسي حول الإصلاح القضائي لسنة 1974 بعد مرور ربع قرن أقامته محكمة الاستئناف بالرباط بالمعهد الوطني للدراسات القضائية.

(9)قرار عدد 802 بتاريخ 28/7/1998 ملف اجتماعي عدد 658 /97 غير منشور.

(10)قرار بتاريخ 26/04/2000 ملف عقاري عدد 2551/99/3 غير منشور.

مجلة المرافعة

0 التعليقات:

Post a Comment