دور النيابة العامة في اطار المسطرة المدنية

ادريس السياسي محام عام بالمجلس الاعلى بالرباط

النيابة العامة - هذا المصطلح - يطلق في النظام القضائي المغربي على فئة من رجال القضاء، يوحدهم جميعا السلك القضائي ويشملهم النظام الاساسي لرجال القضاء - الظهير الشريف بمثابة قانون الصادر في 26 شوال 1394 ( 11/11/1974) .

ويقوم بمهام النيابة العامة قضاة بمختلف درجات المحاكم، كما جاء في تاليفها وتنظيمها في الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 المؤرخ في 24 جمادى الثانية عام 1394 ( 15/07/1974) المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة ( الفصول 2 و6 و10) .

وبالنسبة للجلسات التي تعقدها هيئة الحكم في القضايا الجنائية، يعد حضور القاضي الممثل للنيابة العامة بها دائما، دون مشاركته في التداول واصدار الاحكام، عنصرا اساسيا في تشكلها، وضروريا لصحة انعقادها (الفصول 4 و7 و11 من نفس القانون المشار اليه اعلاه ) .

اما بالنسبة للقضايا المدنية فان حضور النيابة العامة بالجلسات التي تعقدها هيئة الحكم بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، هو بالاساس اختياري، بمعنى انه موكول لاجتهاد النيابة العامة لتحضر وتتدخل كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك حسب اجتهادها وحسب معطيات وملابسات كل قضية، ولا يكون الزاميا الا في الاحوال المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية، وخاصة اذا كانت النيابة العامة طرفا رئيسيا كمدعية او مدعى عليها، وكذا في سائر الاحوال المقررة بمقتقضى نص خاص ( الفصلان 4 و7 من نفس القانون المشار اليه اعلاه والفصل 10 من قانون المسطرة المدنية). غير ان حضورها الزامي في جميع الجلسات التي يعقدها المجلس الاعلى، لا فرق بين جلسات القضايا الجنائية وجلسات القضايا المدنية ( الفصل 11 من القانون التنظيمي المشار اليه اعلاه والفصل 375 من قانون المسطرة المدنية ) .

ويختلف دور النيابة العامة في الميدان الجنائي عنه في الميدان المدني .

ففي الميدان الجنائي : وهو في الواقع، الميدان الاساسي لنشاط النيابة العامة، تنظم دورها فيه النصوص القانونية الصادرة في هذا الميدان .

اما في الميدان المدني : فقد تكفل بتنظيم نشاطها فيه، بصفة اساسية قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بمقتضى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 المؤرخ في 11 رمضان عام 1394 ( 28/09/1974) والذي حل محل قانون المسطرة المدنية الصادر بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 9 رمضان عام 1331 (12/08/1913) وبالاخص في القسم الاول - الباب الثاني منه ( الفصول من 6 حتى الفصل 10 ) .

وقد اقتصرت في ورقة العمل هاته التي اتقدم بها بمناسبة الذكرى الاربعينية لتاسيس المجلس الاعلى، على بيان دور النيابة العامة في القضايا المدنية الخاصة، وبكل ايجاز، نزولا عند قرار لجنة التنظيم .

دور النيابة العامة في القضايا المدنية

الاصل في مهام النيابة العامة انها تقوم، وبمساعدة الشرطة القضائية التي تعمل تحت اشرافها، من التثبت من وقوع الجرائم وجمع الادلة عنها والبحث عن مرتكبيها، ثم اقامة الدعوى العمومية على من يكشف البحث عن ضلوعه في ارتكاب الجريمة كفاعل اصلي او شريك او مساعد، لتطبق عليه العقوبة المقررة في القانون الجنائي، ومن تم، فان النيابة العامة تنوب عن المجتمع في الدفاع عن حقه في حياة امنة، وحماية جميع افراده من كل فعل يمس بحقهم في الحياة وبحقوقهم المادية والمعنوية، وذلك عوض اسناد هذه المهمة الخطيرة الى المجتمع نفسه كما كان سائدا في العهود الغابرة .

غير ان المشرع جعل دورها ممتدا حتى الى بعض النزاعات المدنية التي تكتسي صبغة خاصة تقتضي تدخلها لدى القضاء بهدف الحفاظ على نظام عام، او تطبيق قانون، او تحقيق مصلحة عامة .

وقد تولى قانون المسطرة المدنية تحديد دور النيابة العامة امام المحاكم المدنية وذلك في فصول خمسة من الفصل 6 حتى الفصل 10 .

فالفصل 6 ينص على انه :

يمكن للنيابة العامة ان تكون طرفا رئيسيا او ان تتدخل كطرف منضم وتمثل "الاغيار في الحالة التي ينص عليها القانون" .

اذن فدور النيابة العامة في القضايا المدنية اما ان يكون بصفتها طرفا رئيسيا فيها، واما ان يكون بصفتها طرفا منضما فقط .

اولا : دورها كطرف رئيسي :

وهي تكون طرفا رئيسيا في النزاع عندما تكون هي المدعية، اي تاتي المبادرة منها بتقديم طلب للقضاء بقصد اصدار حكم او قرار، وذلك في الاحوال التي يسمح لها القانون بذلك او تكون مدعى عليها، بمعنى ان الغير الذي وجه دعواه عليها هو الذي جعلها طرفا رئيسيا في نزاعه معها. ففي كلتا الحالتين تكون طرفا رئيسيا .

والاحوال التي نص القانون فيها على دور النيابة العامة كطرف رئيس بصفتها مدعية او مدعى عليها كثيرة ومتفرقة في نصوص قانونية مختلفة، وحتى في نص قانوني واحد .

فمن الاحوال الواردة في قانون المسطرة المدنية :

التدابير الواجب اتخاذها ضد اولياء القاصرين ( الفصل 190 ) .

القضايا المتعلقة بتسيير اموال الغائبين ( الفصل 263 ) .

قضايا التركات الشاغرة ( الفصل 267 ) .

قضايا التحجير ( الفصل 197 ) .

التصريحات القضائية المتعلقة بالحالة المدنية وتصحيح وثائقها ( الفصول 217 و218 و219 ) .

ومن الاحوال الواردة في غيره من النصوص القانونية :

احالة بعض الاحكام الصادرة عن محاكم الجماعات او المقاطعات ( الفصل 20 من الظهير الشريف المؤرخ في 24 جمادى الثانية عام 1394 ( 15/07/1974) بشان تنظيم محاكم الجماعات والمقاطعات ) .

حالة النزاع من طرف المحكوم عليه باداء مبالغ مالية في صحة اجراءات الاكراه البدني المتخذة في حقه (الفصل 683 من قانون المسطرة الجنائية ) .

التعرض على بعض مطالب التحفيظ لفائدة المحجورين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين - الفصلان 26 و29 من ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 9 رمضان عام 1331 ( 12/08/1913 ) .

دعاوي البطلان وسقوط الحق في قضايا براءات الاختراع المسلمة من المكتب المغربي للملكية الصناعية - الفصل 52 - الفقرات 2 و4 و5 - والفصل 54 - الفقرتان 3 و4 - من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 23/06/1956 المتعلقة بحماية الملكية الصناعية .

بعض القضايا المتعلقة بمهنة المحاماة - الظهير الشريف رقم 1.93.162 بمثابة قانون المؤرخ في 10/09/1993 بتنظيم مهنة المحاماة - مثل :

طلبات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستيناف التي يوجهها الى نقيب الهيئة بقصد اتخاذه بعض الاجراءات بشان محام ( 56-64-71) او بقصد ان يتخذ مجلس الهيئة مقررات ( المادة 73 ) طعنه لدى محكمة الاستيناف في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة وفي محاضر انتخاب اعضاء مجلس الهيئة واتخاب النقيب ( المادة 90 ) وفي بعض القرارات الصادرة عن النقيب. ( المادة 92 ) طلبه من محكمة الاستيناف معاينة بطلان المداولات والمقررات المتخذة من طرف الجمعية العامة او مجلس الهيئة خارج نطاق اختصاصهما او خلافا للمقتضيات القانونية او من شانها ان تخل بالنظام العام ( المادة 86 ). متابعته تاديبيا للنقيب او لعضوين فاكثر من مجلس الهيئة امام محكمة الاستيناف ( المادة 69 ) وطعنه لدى المجلس الاعلى في القرارات الصادرة عن محكمة الاستيناف في القضايا المشار اليها اعلاه ( المادة 93 ) باستثناء القرارات المتعلقة بتحديد اتعاب المحامين والتي لا تقبل اي طعن ( المادة 92 ) .

قضايا المنازعات بشان الجنسية - الظهير الشريف الصادر بتاريخ 6/9/1958 .

طعن النيابة العامة امام المحكمة الابتدائية في صحة تصريح من التصريحات التي تمت الموافقة عليه سابقا بشان الرغبة في في اكتساب الجنسية المغربية او في فقدانها او التنازل عنها او استرجاعها (الفصل 28 منه ) .

رفع الدعوى من طرف النيابة العامة او من المعني بالامر ضدها بشان الاعتراف بالجنسية او انكارها - فتكون النيابة العامة طرفا رئيسيا بصفتها مدعية او بصفتها مدعى عليها ( الفصلان 36 و41 ) .

قضايا حل الجمعيات - الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15/11/1958 المنظم لحق تاسيس الجمعيات والمغير بمقتضى الظهير الشريف الصادر في (11/04/1973) .

ففي حالة بطلان تاسيس جمعية ( الفصل 3 منه ) تعلن المحكمة حلها بطلب من النيابة العامة. وفي حالة مخالفة مقتضيات الفصل 5 منه يمكن ان يصدر حل الجمعية بطلب من النيابة العامة ايضا ( الفصل 7 منه ) .

متابعة الاعوان القضائيين تاديبيا - القانون رقم 80-41 باحداث هيئة الاعوان القضائيين وتنظيمها المنفذ بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 25/12/1980 .

فعندما تقع مخالفة مهنية من طرف احد الاعوان القضائيين تستحق عقوبة تاديبية من الدرجة الثانية ( السحب المؤقت والسحب النهائي لرخصة مزاولة المهنة) فان متابعته تاديبيا تكون من طرف المحكمة الابتدائية وبطلب من وكيل الدولة لديها ( الفصل 19 من القانون المذكور) .

متابعة العدول تاديبيا - الظهير الشريف الصادر بتاريخ 06/05/1982 بشان تنظيم خطة العدالة .

فاذا ما ارتكب عدل من العدول المسندة اليهم مهمة التوثيق مخالفة مهنية فان متابعته تاديبيا تكون امام محكمة الاستيناف بطلب من الوكيل العام للملك لديها - كما يمكن له الطعن بالنقض ضد القرار الاستينافي ( الفصل 16 من الظهير المذكور ).

والنيابة العامة عندما تكون طرفا رئيسيا في المسطرة، سواء كانت مدعية او مدعى عليها، يكون حضورها الزاميا في الجلسات ( الفصل 10 من ق م م ) .

وتتساوى مع الطرف الاخر في التقاضي، بحيث تعتبر كانها طرف عادي، لها ماله، وعليها ما عليه من الحقوق والواجبات المقررة في مسطرة التداعي، بحيث يجب ان تبلغ طلباتها ومذكراتها اليه كما تبلغ طلباته ومذكراته اليها، ويكون لها حق الترافع اولا اذا كانت هي المدعية وان ترافع بعد المدعي اذا كانت مدعى عليها، ولا يمكن للطرف الاخر ان يخرجها لانه ليس للخصم ان يجرح خصمه. ويحق لها ان تستعمل جميع طرق الطعن المخولة للطرف الاخر ما عدا الطعن بالتعرض ( الفصل 7 من قانون المسطرة المدنية ) لانه لا يتصور غياب النيابة العامة. وهي عندما تكون طرفا رئيسيا في الدعوى يجب ان تبلغ اليها الاحكام والقرارات الصادرة في النزاع لكي تجري اجال الطعن بالنسبة اليها .

ثانيا : دور النيابة العامة بصفتها طرفا منضما

لقد نص الفصل 6 من قانون المسطرة المدنية على انه يمكن للنيابة العامة ان تكون طرفا رئيسيا او ان تتدخل كطرف منضم .

وقد بينا فيما تقدم بعض القضايا التي يكون فيها دور النيابة العامة طرفا رئيسيا في الدعوى سواء كانت مدعية او مدعى عليها .

ونبين فيما يلي، وبايجاز، القضايا التي يكون فيها دور النيابة العامة طرفا منضما .

جاء في الفصل 8 من قانون المسطرة المدنية :

" تتدخل النيابة العامة كطرف منضم في جميع القضايا التي يامر القانون بتبليغها اليها، وكذا في الحالات التي تتطلب النيابة العامة التدخل فيها بعد اطلاعها على الملف، او عندما تحال عليها القضية تلقائيا من طرف القاضي " .

ثم جاء الفصل 9 مبينا ومحددا القضايا التي يجب تبليغها الى النيابة العامة، وجاء في الفقرة 12 منه انه :

" يمكن للنيابة العامة ان تطلع على جميع القضايا التي ترى التدخل فيها ضروريا" .

ثم جاء في الفقرة 13 بعدها : " للمحكمة ان تامر تلقائيا بهذا الاطلاع" .

ويعلم من هذه النصوص ان النيابة العامة تتدخل كطرف منضم اما بصفة الزامية من طرف القانون، واما بصفة اختيارية من طرفها .

أ‌- الحالات التي يكون تدخل النيابة العامة فيها كطرف منضم الزامية .

لقد اوجب المشرع على النيابة العامة ان تتدخل بصفتها طرفا منظما في قضايا محددة اوجب على المحكمة ان تبلغها اليها كما جاء في الفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية الذي يقول : " يجب ان تبلغ الى النيابة العامة الدعاوي الاتية :

1- القضايا المتعلقة بالنظام العام والدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية و" الهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية وممتلكات الاحباس والاراضي الجماعية .

2- القضايا المتعلقة بالاحوال الشخصية والنيابات القانونية .

3- القضايا المتعلقة بفاقدي الاهلية، وبصفة عامة، جميع القضايا التي يكون فيها ممثل قانوني نائبا او مؤازر لاحد الاطراف .

4- القضايا التي تتعلق وتهم الاشخاص المفترضة غيبتهم .

5- القضايا التي تتعلق بعدم الاختصاص النوعي .

6- القضايا التي تتعلق بتنازع الاختصاص، تجريح القضاة والاحالة بسبب القرابة " او المصاهرة" .

7- مخاصمة القضاة .

8- قضايا الزور الفرعي .

ففي هذه القضايا كلها يجب على النيابة العامة ان تتدخل كطرف منضم لتقدم مستنتجاتها فيها كتابة او شفويا .

واذا كان المشرع اوجب على المحكمة ان تبلغ الى النيابة العامة ملفات القضايا المعروضة عليها والتي تتعلق المنازعات فيها باحد الموضوعات المبينة اعلاه، واوجب على النيابة العامة ان تتدخل فيها كطرف منضم، فانه لا يهدف من وراء ذلك الى مساندة النيابة العامة لطرف ضدا على اخر، لان مثل هذا الموقف يمس بمبدا المساواة بين الخصوم الذي هو اساس العدالة، وانما هدفه يتجاوز شخصية الاطراف بحيث ان تدخل النيابة العامة كطرف منضم لا يجعلها طرفا في النزاع، بل تظل اجنبية عنه. وتدخلها منظور فيه الى الدفاع عن نظام عام او مصلحة عامة او حماية حقوق غائبين او اشخاص مفترضة غيبتهم او فاقدي الاهلية، وبعبارة اخرى، فهي تكون طرفا منضما الى الدعوى لا لفائدة طرف من الاطراف، وذلك بواسطة تقديم ملتمساتها الى المحكمة، وفي حدود النزاع كما هو معروض عليها .

ويجب ان تقع الاشارة في الحكم الى ايداع النيابة العامة لمستنتجاتها او تلاوتها بالجلسة تحت طائلة بطلان الحكم ( الفقرة الاخيرة من الفصل 9) .

واعتبارا لكون تدخلها في المسطرة كطرف منضم لا يجعلها طرفا رئيسيا فيه، فانه ليس لها ان ترافع قبل الطرفين المتداعيين، وانما تكون هي اخر من يرافع، ولا يكون للطرفين حق التعقيب على مرافعتها، ويمكن للاطراف استعمال مسطرة التجريح في حق ممثل النيابة العامة كما يجرح قضاة الحكم ( الفصل 299 من قانون المسطرة المدنية ) وليس للنيابة العامة ان تستعمل اي طريق من طرق الطعن في الحكم الذي تصدره المحكمة، ضرورة انها ليست بطرف في النزاع .

نعم يكون للوكيل العام للملك لدى المجلس الاعلى اذا علم بوجود صدور حكم انتهائي على وجه مخالف للقانون او لقواعد المسطرة ولم يتقدم احد من الاطراف بطلب نقضه في الاجل المقرر، حق احالته على المجلس الاعلى بقصد نقضه لفائدة القانون بحيث لا يمكن لاي من الاطراف ان يستفيد من النقض اذا ما وقع ليتخلص من الحكم المنقوض ( الفصل 381 من قانون المسطرة المدنية ) .

كما انه اذا ما تلقى الامر من وزير العدل، يحيل الى المجلس الاعلى القرارات الصادرة عنه والتي قد تكون متسمة بتجاوز القضاة فيها سلطاتهم. وهنا اذا وقع الالغاء فانه يسري على جميع اطراف الدعوى بحيث يستفيد منه من كان القرار صدر ضده، وذلك على عكس الالغاء لفائدة القانون ( الفصل 382 من نفس القانون).

واذا كانت القضايا التي يجب على المحكمة ان تبلغها الى النيابة العامة لكي تتدخل فيها كطرف منضم محددة في نص الفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية فانه بالنسبة للمجلس الاعلى يجب ان تبلغ اليه جميع القضايا المعروضة عليه، كما جاء في الفصل 366 من قانون المسطرة المدنية، الفقرة الثانية، والذي يقول : " اذا راى المستشار المقرر ان القضية اصبحت جاهزة اصدر امرا بالتخلي عنها وتبليغها الى النيابة العامة مع وضع تقريره " .

ويجب على النيابة العامة دائما ان تقدم مستنتجاتها خلال اجل 30 يوما، كما يجب ان تكون حاضرة بالجلسات التي يعقدها المجلس الاعلى وان يقع الاستماع اليها بعد الاستماع الى الاطراف ان طلبوا ذلك ( الفصل 372 ) .

ب‌- الحالات التي يكون الخيار فيها للنيابة العامة في التدخل

فمن جهة اولى : جعل المشرع للنيابة العامة، الحق في الاطلاع على ما تشاء من الملفات المعروضة على المحكمة لتتدخل فيها اذا ما رات ان المصلحة العامة تقتضي تدخلها .

وهنا يكون تدخلها اختياريا وتلقائيا .

وبالطبع، فان استعمالها لهذا الحق الاختياري والتلقائي في التدخل الذي خوله لها القانون انما يكون لرعاية مصلحة عامة، لا لرعاية مصلحة شخصية لطرف من الاطراف الذين يجب ان تصان حقوقهم في التقاضي صيانة كاملة عن اي تدخل كيفما كان مصدره. ولهذا فان على النيابة العامة ان تتخذ الحذر الشديد حتى لا تدخل الا عندما يكون لتدخلها مبرر تمليه مصلحة العدالة وحماية القانون، لا المصلحة الشخصية للاطراف التي يجب ان تبقى بمناى عن اي تدخل .

وهي عندما تتدخل تدلي بمستنتجاتها كتابة او شفويا .

ومن جهة اخرى - جعل المشرع للمحكمة الحق في تبليغها تلقائيا الى النيابة العامة كل قضية رات ان المصلحة العامة تقتضي ان تطلع النيابة العامة عليها .

وهنا ايضا يكون للنيابة العامة الخيار في تقديم مستنتجاتها ان رات في النازلة ما يبرر ذلك، من غير ان تكون ملزمة بتقديم مستنتجاتها لمجرد ان المحكمة احالت عليها القضية بقصد الاطلاع، والحال انها ليست من القضايا الواجبة التبليغ الى النيابة العامة كما سبق بيانه .

وفي الحالات التي يكون تدخل النيابة العامة فيها اختياريا لا تكون بالطبع ملزمة بالحضور بالجلسة مثل عدم الزامها بتقديم مستنتجاتها .

ويستخلص مما تقدم ان النيابة العامة، وهي تقوم بدورها الاساسي في القضايا الجنائية، تقوم في نفس الوقت بدور ذي اهمية كبيرة في القضايا المدنية، وهذا ما يجعل العبء الذي تتحمله ثقيلا جدا، علاوة على مختلف نشاطاتها الولائية والادارية المتعددة .

* مجلة المحاكم المغربية، العدد 84، ص 30 .

0 التعليقات:

Post a Comment