دور القضاء في مسطرة التحفيظ العقاري من خلال اجتهادات المجلس الأعلى

ذ. جيلالي بوحبص
قاضي بابتدائية الرباط

ونحن بصدد تناول دور القضاء في مسطرة التحفيظ لابد أن نستحضر الإطار التاريخي لدخول ظهير 13 غشت 1912 حيز التطبيق، هذا الإطار الذي تحدده المرجعيات التالية:
أولا: إن هدف المستعمر كان هو الاستحواذ على الأراضي فكان لابد من خلق إطار قانوني يبرر شرعة ذلك.

ثانيا: العمل على تقسيم مسطرة التحفيظ وجعلها مسطرة إدارية في مجملها ولا تصيح مسطرة قضائية إلا في حالة وجود تعرضات عجزت المرحلة الإدارية عن استيعابها.

ثالثا: تهميش دور القضاء وتقييده بمقتضيات تشريعية ورادة في الظهير حتى لا يلعب الدور المنوط به في حماية الحقوق.

رابعا: إن الوضعية التي كان يعيشها المغرب من انتشار الأمية ورفض كل ما هو أجنبي بما فيه الأنظمة القانونية المستوردة جعلت هذا الظهير يستفيد منه في غالب الأحيان الأجانب والعملاء.
كما أن التعرضات كانت تتميز بكونها قليلة بالنظر لانعدام الوعي بأهمية مسطرة التحفيظ ومن تم كان دور القضاء هامشيا.

على العموم يتضح من خلال هذه المرجعيات أنه كان هناك حصار تشريعي على القضاء حتى لا يلعب الدور الأساسي في مسطرة التحفيظ هذا الحصار التشريعي الذي دعمه حصار واقعي يتمثل في عدم استيعاب المغاربة لمسطرة التحفيظ في بدايتها ومن ثم أثر ذلك على عدد التعرضات التي تصل بين يدي القضاء.

ولكن مع توالي السنين حاول الاجتهاد القضائي فك هذا الحصار التشريعي وذلك بمحاولته خلق قواعد جديدة من جهة والتعامل مع القواعد المتواجدة من جهة ثانية تعاملا إيجابيا بهدف تفعيل دوره كحارس للحقوق دون الخروج عن الفلسفة العامة لنظام التحفيظ، والتي يمكن تلخيص أهدافها في خلق الأرضية المتينة للبنية العقارية وتطهيرها وإعطائها الحجية التي تستحقها.

وتجدر الإشارة أولا إلى تناول هذا الموضوع لن يكون بالتركيز على الجانب التشريعي لأن ذلك سيكون من باب تحصيل حاصل ويمكن اعتماد المراجع العامة لذلك سيكون التركيز على جانب تعامل الاجتهاد القضائي.

بخصوص هذا النقطة يتبين أن الاجتهاد القضائي حاول أن يتعامل إيجابيا مع ما هو متواجد من نصوص تشريعية كما حاول أن يخلق قواعد أن نسميها بقواعد قضائية ويمكن أن نقسم تعامل الاجتهاد القضائي مع مسطرة التحفيظ إلى مستويين.

المستوى الأول:
وهو محاول إقراره العديد من القواعد المسطرية في رواج دعوى مطلب التحفيظ أمامه وهذه القواعد تتميز عن قواعد المسطرة المدنية.

المستوى الثاني:
هو محاولة التعامل إيجابيا مع التعرضات باعتبار هذه الأخيرة هي مجال اختصاصه فمن خلالها يضع يداه على النزاع.

المبحث الأول: القواعد المسطرية في دعاوى طالب التحفيظ

من خلال التفحص والاطلاع على بعض القرارات يتبين أنها حاولت من جهة عدم اعتبار الشكليات المسطرية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية واجبة التطبيق في دعاوى مطالب التحفيظ حتى في حالة عدم التنصيص على هذه القواعد في ظهير التحفيظ العقاري كما حاولت من جهة ثانية التمسك بخصوصيات المسطرة المنصوص عليها في ظهير 1913.

المطلب الأول: استبعاد قواعد قانون المسطرة المدنية في دعاوى مطالب التحفيظ

نجد في هذا المجال العديد من القرارات ففي قرار تحت عدد 827 بتاريخ 3 أبريل 1985 في الملف المدني 745/98 ذهب المجلس الأعلى إلى أن عدم التعريف بأطراف النزاع وفقا لما تقتضي به المسطرة المدنية في المادة 142 في مقال الاستئناف لا يشكل إجراءا جوهريا.

وجاء بالعلل التالية:
"حيث يتبين أن القرار المطعون فيه قد تنحى عن الصواب حينما قضى بعدم قبول الاستئناف شكلا استنادا لمقتضيات الفصل 142 من ق.م.م الذي يوجب أن يتضمن المقال الأسماء الشخصية والعائلية لكل من المستأنف عليه على أن موضوع النزاع يتعلق بطلب تحفيظ عقار مما يحتم تطبيق الفصل 42 من ظهير 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري الذي تعتبر تنصيصاته آمرة ما دام النزاع منحصرا بين طالب التحفيظ والمتعرضين حتى ولو لم يتضمن المقال الاستئنافي اسم المستأنف عليما المتعرضين.

كما يلاحظ أن استبعاد قواعد المسطرة المدنية لم يقتصر على شكليات المقال الاستئنافي بل تجاوزه إلى شكل الأحكام، فمن الشكليات الضرورية للحكم تحت طائلة البطلان هي تضمنه لأسماء أطراف الدعوى إلا أن قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 19/1/1983 تحت عدد 73 اعتبر أن عدم الإشارة إلى أسماء أطراف الدعوى لا يؤثر في الحكم ما دام أن مطلب التحفيظ المتواجد.

بالملف يشتمل على جميع هذه الأسماء معللا قراره بما يلي:" لكنه علاوة على أن مقتضيات الفصل 50 من ق.م.م المحتج به يتعلق بالبيانات الواجب التنصيص عليها في أحكام المحاكم الابتدائية فإن إغفال المحكمة لذكر وسائل الأطراف وما إذا كانوا حضروا جلسات المناقشة وأدلوا بمذكرات أم لا ليس من البيانات الإلزامية فإن إغفال القرار المطعون فيه التنصيص على باقي أسماء الورثة لم يحصل منه أي ضرر للطاعن ما دام أن مطلب التحفيظ الموجود بالملف يشتمل على جميع أسماء الورثة مما تكون معه الوسيلة في جميع فروعها غير مرتكزة على أساس".

وهذه القاعدة التي انتهجها المجلس الأعلى والمتمثلة في استبعاد قواعد المسطرة المدنية امتدت حتى إلى حد عدم تبليغ الأحكام الصادرة في مطالب التحفيظ وفقا لما تقضي به المادة 40 من ق.م.م بالجلسة بل يتعين تبليغ ملخص من الحكم مع الإشارة إلى إمكان استئنافه داخل الأجل ووفقا للمادة 40 من ظهير التحفيظ لكون المقتضيات الخاصة واجبة التطبيق على المقتضيات العامة وهو ما يستشف من خلال القرار الصادر تحت عدد 11 بتاريخ 1990ملف مدني عدد 1140/84.

كما نجد أن المجلس الأعلى ذهب إلى أن المسطرة الكتابية وضرورة الاستعانة بمحام والمنصوص عليها في المادة 31 من ظهير 15 شتنر 1993. بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة غير ضرورية بالنسبة لدعاوى مطالب التحفيظ القرار عدد 934 الصادر بتاريخ 1968 أبريل 1992 في ملف الغرفة المدنية 1401/87.

وعلى أي فإن موقف المجلس الأعلى كان أكثر صراحة في قرارين صادرين له الأول تحت عدد 229 صادر بتاريخ 15 ماي 1968 والذي جاء بما يلي:
" لا تخضع مسطرة التحفيظ لمقتضيات قانون المسطرة المدنية ما عدا في الأحوال المنصوص عليها صراحة".

والثاني تحت عدد 339 الغرفة امدنية ملف رقم 1418 بتاريخ 27 أكتوبر 1977 والذي جاء بما يلي:
" الظهير المطبق على العقارات المحفظة لا يشترط أي شكل معين للتبليغ كما أنه لا يحيل على قواعد المسطرة المدنية".

من خلال ما ذكر أعلاه يتبين أن المجلس الأعلى حاول أن يقلص تطبيق المقتضيات الواردة في قانون م.م في دعاوى مطالب التحفيظ ولعل التبرير الذي جعل اجتهاد المجلس الأعلى ينحو هذا المنحى هو محاولة جعل تلك الدعاوى تسير بالسرعة اللازمة دون أن تغرق في الشكليات المنصوص عليها في ق.م.م والتي من شأنها إطالة أمد النزاع وقد ارتكز اجتهاده هذا تارة على كون ذلك لا يشكل ضررا للأطراف وتارة أخرى لكون غالبية الشكليات منصوص عليها في الظهير تبناها المجلس الأعلى وهو ما سيظهر لنا من خلال تناولنا لذلك في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: خصوصيات المسطرة المنصوص عليها في ظهير 1913.

في هذا المجال يلاحظ أن المجلس الأعلى حاول التقيد بما تنص عليه مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري عوض التقيد بقانون المسطرة المدنية وكمثال على ذلك نسوق القرارات التالية:
قرار أول صادر بتاريخ 15 شتنبر 1983 في الملف المدني عدد 317-95 والذي ذهب بخصوص المقال الاستئنافي المتعلق بدعوى مطلب التحفيظ إلى عدم التعرض فيه بالضرورة لأوجه الاستئناف المقرر استنادا لما تقضي به المادة 42 من ظهير مسطرة التحفظ حيث جاء بالعلل التالية:" وحيث إنه لذلك ( أي ما تقضي به المادة 42) لا يكون المستأنف في مسطرة التحفيظ ملزما بالإدلاء بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه داخل أجل محدد إ لا بعد توجيه أمر إليه بذلك من طرف المستشار المقرر الذي لم يحدد له أجل".

وإذا كانت هذه القاعدة في رأينا تعمل على حماية أطراف الدعوى وذلك بفتح المجال واسعا لأطراف الدعوى لتقديم أوجه استئنافهم وذلك بالزيادة في المدة وذلك إلى حين صدور إشعار المستشار المقرر فإنها تعمل من جهة ثانية إلى إطالة أمد النزاع.

وهناك قرار ثان تحت عدد 1411 صادر بتاريخ 18 يوليوز 1984 ملف مدني 026/85 ذهب إلى أن المحكمة يتعين عليها في حالة الطعن في مقرر المحافظ القاضي باعتبار عمليات التحفيظ كأن لم تكن أن تتأكد من كون هذا الأخير قد قام بتوجيه إنذار بالقيام بإجراءات متابعة التحفيظ طبقا لما تقضي به المادة 50 من ظهير التحفيظ واعتبر أن عدم احترام ذلك يجعل الحكم الذي لم يأخذ بعين الاعتبار ذلك خارقا للقانون حيث جاء بالعلل التالية:" حقا إن المحكمة لما أيدت الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى لعدم إثبات أن الطاعن قام بما يوجبه عليه الفصل 50 من ظهير 12 غشت 1912 قبل أن يطلع على ملف القضية الذي كان يجب أن يحال عليها من طرف المحافظ لتتأكد من تلقاء نفسها من أن هذا الأخير قام بإنذار الطاعن قبل أن يتخذ مقرره المطعون فيه تكون قد خرقت المقتضيات المشار إليها أعلاه وعرضت قرارها للنقض".

وهذا القرار بانتهاجه هذا السبيل يحاول في رأينا تكريس سياسة التحفيظ لكونه يعطي طالب التحفيظ إمكانية لتحفيظ عقاره وذلك حتى في حالة عدم وضع الوثائق اللازمة فلا تنزع عليه صفة طالب التحفيظ ولا تلغى عمليات التحفيظ إلا إذا توصل بقرار المحافظ العقاري الذي ينذره بضرورة القيام بإجراءات متابعة التحفيظ وعلى هذا الأخير أن يقوم بذلك.

هذه بصفة عامة بعض الخصوصيات المتعلقة بالإجراءات المسطرية بخصوص دعاوى مطالب التحفيظ لكن في رأينا تبقى القواعد التي ابتدعها الاجتهاد القضائي بخصوص التعرضات هي المجال الخصب للاجتهاد القضائي باعتباره كما أسلفنا القول هو مجال اختصاصه وهو المنفذ الذي يضع من خلاله يده على النزاع.

المبحث الثاني: حدود صلاحية المحكمة للبت في التعرضات

إن المادة السابعة والثلاثين من قانون التحفيظ في فقرتها الثانية تحدد إطار صلاحية محكمة التحفيظ فيما يتعلق بدعاوى مطالب التحفيظ ذلك أنها تنص على ما يلي:" إن المحكمة تبت في وجود الحق المدعى فيه من قبل المتعرضين ونوعه ومحتواه ومداه وتحيل الأطراف قصد العمل بقرارها على المحافظ الذي له وحده النظر في قبول التحفيظ أو رفضه كلا أو بعضا وذلك مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 96.

والاجتهاد القضائي في تعامله مع هذه الفقرة خلق العديد من القواعد ويمكن تقسيمها إلى قاعدة رئيسية وهي اعتبار المتعرض بمثابة مدع وبالتالي يقع عليه عبء الإثبات وهو موضوع المطلب الأول وقواعد ثانوية مرتبطة بهذه القاعدة وهي عديدة ومتعددة وسوف نعالجها في مطلب ثاني.

المطلب الأول: اعتبار المتعرض بمثابة مدع وبالتالي يقع عليه عبء الإثبات

إن هذه القاعدة ليست بالجديدة وإنما كانت متواجدة في عهد الاستعمار أمام المحاكم وكرست بعد ذلك في عهد الاستقلال وفي هذا المجال نجد العديد من القرارات تمثل لها بالقرار المدني عدد 165 الصادر بتاريخ 20/3/1968 والذي جاء بما يلي:" إن طلب التحفيظ يعطي لصاحبه صفة المدعى عليه ولا يجب عليه الإدلاء بحجة حتى يدعم المتعرض تعرضه بحجة قوية.

ولكن قد يطرح تساؤل في حالة تعدد المطالب على نفس العقار فمن هو المتعرض وبالتالي يكون هو المدعي؟ نجد قرار محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 10/11/1928 تحت عدد 751 يجيب على ذلك بما يلي:" يبقى صاحب المطلب الأول من حيث التاريخ محافظا على صفة المدعى عليه في الدعوى حالة حدوث تنازع مطلبين إثر إيداع مطلب التحفيظ لاحق من طرف المتعرض ويبقى صاحب المطلب الثاني من حيث التاريخ متعرضا إزاء الأول وهو ملزم بجميع الإيداعات الواجبة على المدعي".

فهذا القرار والذي تبناه قضاء مرحلة الاستقلال ذهب إلى اعتبار صاحب المطلب الثاني من حيث التاريخ هو المتعرض وبالتالي ينزل منزلة المدعى وهذا الاجتهاد في رأينا يعمل على تحفيز الأشخاص على تحفيظ العقارات، فالعمل على إيداع مطلب التحفيظ من طرف شخص معين يجعله في مركز قانوني متميز وهو مركز مريح لكونه لا يحمله عناء إثبات ما يدعيه في حالة نشوب نزاع بل يقع ذلك على عاتق المتعرض أو طالب التحفيظ اللاحق.

وفي تبريره لهذا المنحى في اعتبار المتعرض بمثابة مدع فإن الاجتهاد القضائي يعتبر أن المتعرض بتعرضه ضد مطلب التحفيظ يعطي ميلادا للنزاع.

لكن هذا التبرير يبقى في رأي البعض غير مبني على أساس قانوني لكون العقار فيطور التحفيظ مازال خاضعا لقواعد الفق الإسلامي وهذا الأخيرة يعتد بقرينة الحيازة لتحديد مركز المدعي من المدعى عليه.

وهذا الرأي له وجاهته القانونية بالنظر لما سار عليه الاجتهاد القضائي خاصة إذا علمنا أن هذا الاجتهاد هو من رواسب عهد الاستعمار الذي كان هدفه الأساسي الاستحواذ على الأراضي.

لكن ما يلاحظ أن الاجتهاد القضائي حاول إدخال تعديلات على هذه القاعدة محاولا الحد من اطلاقيتها وهذا ما سوف يتبين لنا من خلال المطلب الثاني.

المطلب الثاني: بعض القواعد الأخرى التي خلقها الاجتهاد القضائي بخصوص التعرضات:

أهم قاعدة حاول الاجتهاد القضائي من خلالها التقييد من اطلاقية قاعدة اعتبار المتعرض بمثابة مدع هي تلك التي خلقها في العقود الأخيرة والتي أعطت لمحكمة التحفيظ الصلاحية لتفحص الحجج المدلى بها من طرف طالب التحفيظ ومقارنتها مع تلك المدلى بها من طرف المتعرض قصد الترجيح بينهما.

وفي هذا المجال نجد العديد من القرارات نذكر منها القرار المدني عدد 242 الصادر بتاريخ 13/5/1970 والذي جاء بالعلل التالية:
" وإن كان الفصل 37 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري ينص على أن المحكمة تبت فيما يخص وجود ومدى الحق المدعى به من طرف المتعرضين إلا أن هذا النص لا يمنع قضاة الموضوع من فحص الرسوم المستدل بها من لدن الأطراف ليقارنوا بين قوة إثبات كل رسم وذلك لما يملكون من كامل السلطة في هذا الشأن".
وهذا القرار صائب لكونه لم يكتف بمنح الامتياز لطالب التحفيظ كما كان الاجتهاد قديما، بل حاول أن يجعل أطراف الدعوى متساوون وأعطى الصلاحية للمحكمة للترجيح بين حجج كلا الطرفين وهذا من شأنه الحفاظ على حقوق المتعرض وعدم هضم هذه الحقوق بحجة ضرورة الإسراع بمسطرة التحفيظ.

وإن كنا نشير في الأخير أن هناك قاعدة أقرها الاجتهاد القضائي وتتمثل في ضرورة احتراز المحكمة من البت في النزاعات المثارة بين المتعرضين ضد بعضهم البعض واكتفائها فقط بالبت في التعرض الموجه لمطلب التحفيظ من شأنه إطالة أمد النزاع بخصوص نفس العقار.

" فالمتعرض الذي حكم بصحة تعرضه لا يكون بمنأى عن تعرض المتعرضين الآخرين على المطلب الذي يتقدم به لتحفيظ العقار رغم أنهم قد سبق أن ظهروا إلى جانبه في مسطرة التحفيظ السابقة وبخصوص نفس الموضوع وثانيها أن تطبيق مبدأ عدم جواز الفصلين المتعرضين بحذافيره قد يؤدي إلى الحكم بصحة عدة تعرضات في أن واحد مع أنها منصبة جميعها على نفس الحق".

خاتمـــة:
كخلاصة يمكن من خلال الاجتهادات التي تم تحليلها أعلاه استنتاج أن الاجتهاد القضائي حاول أن يتعامل تعاملا إيجابيا مع ظهير 1913 وذلك لخلقه لقواعد مسطرية بشأن دعاوى مطالب التحفيظ ذهب من خلالها إلى عدم تبني قواعد المسطرة المدنية والتركيز على خصوصية القواعد المسطرية الواردة فيظهير1913 والتي تهدف في مجملها إلى الإسراع بعملية التحفيظ وعدم الإغراق في شكليات لا طائل يرجى منها كما أنه حاول أن لا يقتصر بخصوص التعرضات على ما سطره المشرع في المادة 37 من الظهير وعلى ما ابتدعه الاجتهاد القضائي إبان الحماية من اعتبار المتعرض مدعيا وبالتالي يقع عليه عبء الإثبات فلطف من هذه القاعدة وأعطى لمحكمة التحفيظ الصلاحية لمقارنة حجج كل من طالب التحفيظ والمتعرض تحقيقا لنوع من العدالة، وإن كان موقف الاجتهاد القضائي بخصوص بعض النقط التي تؤثر سلبا على مسطرة التحفيظ لم يعرف رد فعل إيجابي من طرفه ونخص بالذكر هنا موقفه بخصوص مدى صلاحية المحكمة بالبت في التعرضات فيما بينها مما يحتاج من طرفه مراجعة هذه المواقف بهدف إيجاد حلول لها يكون هدفها الإسراع بمسطرة التحفيظ دون المساس بحقوق الأطراف.

الهوامش
(1) "صلاحية محكمة التحفيظ للبت فقط ووجوبا في حدود التعرضات" مقال للأستاذ شعيب محمد ناجي منشور بمجلة " المناظرة" عدد 2 يونيو 1997.

2 التعليقات:

Unknown said...

هل من الممكن ان حيلنا على بعض المراجع المعتمدة بخصوص هذا المقال hamza.sbar1991@gmail.com

Unknown said...

شكرا

Post a Comment