التصفية القضائية وآثارها

من إعداد: ذ/ محمد أمركي
نائب رئيس المحكمة التجارية بأكادير

مقدمة:
سن المشرع المغربي نظاما لمعالجة صعوبات المقاولة في الكتاب الخامس من مدونة التجارة المحدث بمقتضى الظهير الشريف رقم 83/96/1 ( المؤرخ في 01/08/1996 والمشرع المغربي بإحداثه للنظام المذكور المستلهم من التشريع الفرنسي يؤكد وجود تحول جذري في النظرة للمقاولة باعتبارها معطى اجتماعي يساهم في خلق الثروات وهو في ذلك يستهدف تحقيق ثلاث غايات أساسية :

أ- المحافظة على مناصب الشغل Sauvegarde de l'emploi
ب - تأمين استمرار نشاط المقاولة La pérennité de l'entreprise
ت- أداء الديون Purement positive

واستحدث المشرع تبعا لذلك نظام الوقاية الداخلية وكذا نظام الوقاية الخارجية راغبا في ذلك تأمين استمرار نشاط المقاولة كما استحدث نظام التسوية القضائية بعدما ثبت التوقف عن الدفع رغبة في إيجاد مخطط الاستمرارية أو التفويت ضمانا للأهداف الثلاثة الآنفة الذكر إلى جانب ذلك أحدث نظام التصفية القضائية باعتباره أسوأ حل للمقاولة يصبح الهاجس الرئيسي هو أداء الديون .

ولعل مسطرتي التسوية القضائية والتصفية القضائية لهما تأثير على الضمان العام للدائنين وعلى شخص المدين ومسؤوليته في التسيير كما أناط النظامين بالقضاء وظائف لم يكن يمارسها قط في النظام الاقتصادي وسنقتصر في بحثنا على إطلالة سريعة على نظام التصفية القضائية وذلك بتقسيم الموضوع على مبحثين .

المبحث الأول: شروط فتح مسطرة التصفية القضائية :
- المطلب الأول : متى يمكن فتح مسطرة التصفية القضائية وفي أية مرحلة 3
- المطلب الثاني : التوقف عن الدفع شرط موضوعي للاستجابة للطلب وعدم إمكانية أي تصحيح لوضعية المقاولة .
- المطلب الثالث : الحكم بالتصفية القضائية شكلياته .

- المبحث الثاني : آثار فتح مسطرة التصفية القضائية .
- المطلب الأول : آثار الحكم بالتصفية في مواجهة المدين بالمقاولة .

المبحث الأول
شروط فتح مسطرة التصفية القضائية

المطلب الأول : الشروط الواجب توفرها في طلب فتح مسطرة التصفية القضائية
أشار المشرع المغربي في الكتاب الخامس من مدونة التجارة إلى التصفية القضائية في الفصل 9ا9 وما بعده مسجلا بذلك قواعد المسطرية المنصوص عليها في الفصل 560 إلى 570 من مدونة التجارة مشيرا إلى انطباقها على طلب فتح مسطرة التصفية القضائية وتلك القواعد تتعلق بشكليات رفع الطلب وصفة رافع الطلب ومرفقات الطلب وكيفية البت في الطلب وتعيين أجهزة المسطرة ولعل أنه ليس من المفيد الإضافة في تلك الشكليات إذ أن مجرد قراءة النصوص كافية للإلمام بالموضوع إلا أن الأهم هو حصر الحالات التي يمكن للمحكمة فيها التصريح بالتصفية القضائية وهي كالتالي:

1 - يمكن منذ البداية التصريح بالتصفية القضائية للمقاولة :
منذ البداية وليس لازما المرور عبر التسوية القضائية ولا فتح المرحلة المؤقتة إذا تبين توقف المقاولة عن أداء ديونها وتبين أن تصحيح وضعية الشركة مستحيل Le redressement est manifestement impossible وأضاف المشرع الفرنسي إضافة إلى شرط استحالة التصحيح كون المقاولة توقفت عن نشاطها .

2- يمكن التصريح بالتصفية بعد مرور المرحلة المؤقتة وتبين استحالة اعتماد مخطط الاستمرارية أو التفويت اعتمادا على تقرير السنديك .

3- يمكن التصريح بالتصفية القضائية في أية مرحلة من مراحل المسطرة إعمالا
للفصل 572 من مدونة التجارة وذلك استنادا إلى تقرير السنديك أو مراقب الدائنين أو رئيس المقاولة أو تلقائيا استنادا إلى تقرير القاضي المنتدب المقرر لوقف جزئي أو كلى لنشاط المقاولة .

المطلب الثاني : التوقف عن ألد فع ء وعد م إمكانية تصحيح وضعية المقاولة

هذان شرطان أساسيان للاستجابة لفتح مسطرة التسوية القضائية والتوقف عن دفع الديون المستحقة عند الحلول أثار إليه المشرع المغربي في الفصل 560 من مدونة التجارة مستعملا صيغة عدم القدرة على سداد الديون المستحقة على المقاولة عند الحلول ثم إعادة في الفصل 561 من المدونة حين أوجب على رئيس المقاولة إذا ما أرتأ طلب فتح مسطرة المعالجة أن يقوم داخل أجل 15 يوما الذي تلي التوقف عن الدفع .

ولقد أشار المشرع المغربي في الفصل 560 من مدونة التجارة على أن مسطرة معالجة صعوبات المقاولة تطبق على كل تاجر أو حرفي وكل شركة ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم عند الحلول والتنصيص المذكور لا يعطي تعريفا شاملا لمفهوم التوقف عن الدفع تاركا لذلك للاجتهاد القضائي صحيح أن المشرع حدد نوعية الدين وأشار إلى أنه يجب أن يكون مستحقا أي غير معلق على شرط إضافة إلى حلول أجل الوفاء بالدين . ولم يشر أن عدم القدرة على سداد الديون المستحقة ناتج عن انعدام سيولة نقدية حالة وهذا ما يقودنا إلى الاستنجاد بالفقه والتشريع المقارن وعلى الخصوص التشريع الفرنسي.

والمشرع الفرنسي عرف التوقف عن الدفع بأنها الوضعية التي يستحيل فيها على المدين أن تواجه فيها أصوله المتوفرة لخصومه المستحقة ( المادة 3 من قانون 25/01/1985) وانطلاقا من هذا التعريف فإن وضعية التوقف عن الدفع هي حالة عدم التوازن بين الخصوم والأصول وأن يكون هذا الاختلال ليس مرحلة عرضية يمكن تجاوزها إذ يجب أن يكون الاختلال من شأنه جعل المدين في وضعية الاستحالة لأداء المدين لديونه الحالة وعلى هذا الأساس قرر القضاء الفرنسي ما يلي...

* لا يمكن استنتاج التوقف عن الدفع بمجرد الوقوف على حصيلة سلبية للشركة (فرار تجاري مؤرخ في 03/11/1992 جيرلا بيريوديك).
* لا يتحقق التوقف عن الدفع بالنسبة للمدين الذي أدى الديون المستحقة عليه المطالب
بها بين يدي الحارس القضائي ذلك أن المبالغ المؤداة على هذا النحو وان كانت غير قابلة للتصرف حالا بالنسبة للدائن فإنها غير كذلك بالنسبة للمدين إذ أن تحميد المبالغ المطلوبة تم بصفة مؤقتة استنادا تدبير تأميني Mesure de sûreté . Com 30/01/1990 Rev.jur.com

* عدم أداء دين واحد كاف لتحقيق حالة التوقف عن الدفع ، Paris 4 Novembre 1986 cités J.c.p. édition E. 1987.1.1.16159n°2

* كما أنه تحقق وضعية التوقف عن الدفع طبعا إذ تمكنت المقاولة من الاستمرار في
أداء ديونها الحالة لكن إذا ثبت أن وسائل الأداء المستعملة يطبعها التدليس كالحصول على السيولة النقدية باستعمال وسائل غير شرعية وتدليسية أو فقط كالحصول على أصول الشركة كإصدار كمبيالات مجاملة أو تفويت أصول الشركة بثمن بخس أو الاقتراض بفائدة جد مرتفعة .

* كما أن القضاء الفرنسي ذهب إلى أن التمويل غير العادي للشركة يخفي حالة التوقف عن الدفع التي توجد عليه شركة مساهمة مثل التسبيقات الحساب الجاري للشركة التي قام بها رئيس المجلس الإداري للشركة استنادا إلى قرض حصل عليه هذا الأخير باسمه الشخصي بعدما رفض البنك منح الشركة أي اعتماد .

* وبخصوص طبيعة الديون المكونة لواقعة التوقف عن الدفع والتي أشارنا إلى وجوب كونها ديون مستحقة وحالة الأداء قضت محكمة الاستئناف التجارية بباريس في قرارها المؤرخ في 07/09/1996 أن التوقف عن الدفع لم ينشأ بعد استنادا إلى المنازعة في بعض الديون وغياب المطالبة ببعض الآخر.

ويؤخد من التعريف الفرنسي لحالة التوقف عن الدفع كما أشير إليه سلفا أنه يتكون من عنصرين : أصول أو موجودات متوفرة l'actif disponible أو خصوم أو الديون المستحقة ومطلوبة ومقارنة مع التشريع المغربي في إطار مدونة التجارة فإن هذا الأخير لا يتحدث فقط عن التوقف عن الدفع كحالة تعبر عن العجز المالي والاقتصادي للمدين وإنما يشير إلى الصعوبات التي تعترض المقاولة والتي من شأنها أن تؤدي العجز عن أداء الديون المستحقة .
والعمل القضائي بالمحاكم التجارية كرس مجموعة من المعايير التي يمكن اعتمادها في تحديد واقعة التوقف عن الدفع ومن هذه المعايير: وجود دين أو ديون ثابتة وحالة ومستحقة الأداء ومطالب بها وأن المقاولة أصبحت عاجزة عن سداد هذه الديون .

وتأسيسا على تلك المفاهيم جاء في قرار المحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء الصادر بتاريخ 10/11/2000 ملف عدد 1270/2000/11 : "أن التوقف عن الدفع شرط موضوعي لتبرير فتح مسطرة المعالجة يوجب وجود دين ثابت وحال الأداء ومطالب به وكون المقاولة أصبحت عاجزة عن سداد الديون" .

وبخصوص ضرورة ثبوت المديونية بصفة قطعية للاستجابة لفتح مسطرة ورد في إحدى قرارات محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ملف رقم 2826/2000/11 أن الدين المستأنف عليه لازال منازعا فيه وبالتالي غير ثابت وغير مستحق الأداء ومن تمة لا يعطي لصاحبه الصفة في طلب فتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة فبالأحرى البحث في شرط التوقف عن الدفع بالنسبة للمقاولة وعن مدى اختلال وضعيتها المالية .

ويستخلص مما ذكر أن القضاء يركز في تعليلاته لمفهوم التوقف عن الدفع على طبيعة الدين أو الديون والوضعية الاقتصادية والمالية للشركة وعلى الخصوص المستحقة الطالبة لها والتي تعجز المقاولة عن تغطيتها تأصولها المتوفرة أي السيولة الموجودة بخزينة المقاولة .

المطلب الثالث : الحكم بالتصفية القضائية شكلياته
1. للمحكمة الحق في التصريح بالتصفية القضائية في كل وقت : يمكن التصريح بالتصفية دون فتح المرحلة المؤقتة إذا تبين جليا التوقف عن الدفع وعدم نجاعة أي تسوية قضائية للشركة (الفصل 568 من مدونة التجارة ).
2_. التصريح بالتصفية القضائية في مرحلة الإعداد بناء على تقرير القاضي المنتدب أو طلب معلل من السنديك أو من مراقب أو من رئيس المقاولة أو تلقائيا (الفصل 572 من مدونة التجارة ).
3. تصرح بالتصفية القضائية في حالة إذا ما رفضت حصر مخطط التسوية المعروض عليها.

وفي حالة فسخ مخطط الاستمرارية يمكن للمحكمة تلقائيا او بطلب من احد الدائنين وبعد الاستماع الى السنديك تقرير التصفية القضائية.

في حالة عدم وفاء المفوت له بالتزامه (الفصل 613 من مدونة التجارة) ويتضمن الحكم القاضي بفتح مسطرة التصفية القضائية تعيينا لأجهزة المسطرة، في حالة التصريح بفتح مسطرة التصفية اساسا دون مرور من المرحلة الاعدادية يتم تعيين القاضي المنتدب وسنديك التصفية.

ثم التصريح بفتح المسطرة بعد الفترة الاعدادية فإن المحكمة تضع حدا لمهمة السنديك المعين وتغيير مهمته من سنديك للتسوية الى سنديك التصفية.

ولسنديك التصفية دورا هاما خاصة انه يعهد اليه بالقيام بعمليات الصفية وفي نفس الوقت يحقق الديون ويقوم بفسخ عقود العمل ومتابعة الدعاوي الجارية ويطالب بتنفيذ العقود ومتابعة تنفيذ الايجار ومطالبة ان اقتضى الحال تعديل تاريخ التوقف عن الدفع وان ينصب نفسه مطالبا بالحق المدني وممارسة دعاوي المدين في اموال هذا الاخير اذا ان التصفية تغل يد المدين في التصرف في امواله ويحل سنديك التصفية محل اجهزة الشركة وله الحق في مطالبة الشركاء اي بالتمرير الكامل لرأسمال الشركة التي عهد اليه مهمة تصفيتها وله الحق في تسيير الحساب البنكي الا ان التشريع الفرنسي حدد فترة التسيير في ستة اشهر فقط ابتداء من تاريخ الحكم بعد مرور الفترة يكون الزاما موافقة القاضي المنتدب بعد استشارة النيابة العامة ويتعين على السنديك التصفية اخبار كل من وكيل الملك وقاضي المنتدب بالاجراءات المتخذة والعمليات المنجزة ومرة في السنة يرفع تقريرا عن العمليات الرامية الى تصفية اصول المقاولة والمبالغ المستخلصة وقائمة توزيع ناتج التصفية على الدائنين.


المبحث الثاني:
الآثار الخاصة بفتح مسطرة التصفية القضائية

سنقارب هذا المبحث في مطلب فريد نتعرض فيه لآثار حكم التصفية القضائية في مواجهه المدين .

المطلب الأول : الآثار ا لمترتبة عن الحكم القاضي بالتصفية القضائي في مواجهة المد ين :
سنتعرض للآثار التي يرتبها حكم التصفية القضائية في مواجهة المدين في ثلاثة فقرات كالتالي:
الفقرة الأولى: غل المد ين في التصرف في أهواله
الفقرة الثانية : سقوط أو حلول آجال الديون المؤجلة
الفقرة الثالثة : أثر التصفية القضائية على الشخص المعنوي

الفقرة الأولى : غل يد المدين في التصرف في أمواله
مفهوم غل اليد والإستثننائات التي ترد عليه .
لعل أهم أثر للتصفية القضائية على شخص المدين هو غل هذا الأخير عن التصرف في أمواله وتسييرها ويشمل هذا الإجراء أمواله الحالية أو التي سيمتلكها ويقوم سنديك التصفية بممارسة حقوق المدين وإقامة دعاوى بشأن ذمته المالية طيلة فترة التصفية القضائية (الفصل 619 من مدونة التجارة ).

وقد لاحظ الأستاذ أحمد شكري السباعي في كتابه الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات (الجزء الثالث ) أن المادة 619 من مدونة التجارة رفعت اللبس والغموض الذي كان سائدا بخصوص نطاق غل يد المدين في التصرف في أمواله حيث إن الفصل الحالي وفق في التصريح على أن نطاق غل اليد يشمل أعمال الإدارة والتصرف وحق التقاضي إلا أنها سكتت عن إمكانية قبول المدين متدخلا في الدعوى خاصة إذا كان ذلك مفيدا. وغل يد المدين في التصرف في أمواله ليس رهينا إعماله بضرورة نشر الحكم بالتصفية ولا يمكن استبعاد هذا الأثر على أساس حسن نية الأغيار ومع ذلك فإن للإجراء المذكور استثناءات منها :
ـ يمكن ممارسة الدعاوى المتعلقة بحقوقه الشخصية والأدبية والعائلية المحضة .
ـ يمكن تنصيب نفسه طرفا مدنيا بهدف إثبات إدانة مقترفي الجريمة في حقه إلا أن التعويضات المحكوم بها تستوفي لصالح المسطرة وقد سار المشرع الفرنسي في هذا الاتجاه مانعا المدين من إقامة دعوى مدينة تابعة (الفقرة 8 من المادة ( 152من قانون 1985 حيث أجاز فقط للسنديك إقامة مثل هاته الدعاوى انسجاما مع فكرة أن المبالغ التي سيحكم بها هي حق للدائنين أو المسطرة ويشملها مبدأ غل اليد الذي ينسجم بالضرورة على الأموال الحاضرة والمستقبلة والمشرع المغربي نص صراحة في الفصل 619 من المدونة على حق المدين في تنصيب نفسه طرفا مدينا إلا أن التعويضات التي قد تناله من ذلك تستخلص لفائدة المسطرة .

* يمكن استئناف حكم القاضي بالتصفية .
* أن يطلب من القاضي المنتدب تقديم طلب لاستبدال السنديك .
* متى يبدأ غل اليد ومتى ينتهي؟
نصت مدونة التجارة في المادة 619 القرة الثالثة على تاريخ بداية سريان مبدأ غل اليد فأكدت على أنه يسري من تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة وهذا المقتضى هو نفسه المطبق في ظل القانون التجاري القديم المادة 203 واستينادا إلى ذلك فإن إغفال الحكم التصريح بتاريخ بداية سريان غل يد المدين يجعل المقتضى المذكور ساريا ما دام أن القانون نفسه يؤكد ذلك ولا يؤثر استئناف الحكم على المقتضى المذكور.

أحيانا يثور التساؤل حول قيام المدين المقاول بإجراء تصرف في أمواله قبل ساعات من النطق بالحكم عمليا لا يذكر ساعة النطق بالحكم إلا أن قرارا لمحكمة النقض الفرنسية المؤرخ في 10 أبريل 1957 أكدت أن غل اليد يعتبر منتجا لإثارة ابتدأ من الساعة الأولى ليوم صدور الحكم ومقتضى غل اليد الناتج مباشرة عن الحكم بالتصفية القضائية ينشأ بقوة القانون ومن النظام العام .

آثار غل اليد:
يترتب عن التصرف المنجز خرقا لمبدأ غل اليد البطلان المطلق لعلة أن التصرف صادر من شخص لا صفة له في القيام بالتصرف وكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان لكون الغاية من تقرير مبدأ غل يد المدين هو حماية وأموال المسطرة ومصالح الدائنين وللدفع بالبطلان يتعين إثبات ما يلي:
ـ أن التصرف صادر من المدين المقاول الموضوع تحت نظام التصفية القضائية .
ـ أن يكون التصرف صدر يوم الحكم أو بعده إذ أن صدوره قبل فتح المسطرة يمكن أن يثار بطلانه استنادا إلى فترة الريبة .

الفقرة الثانية : سقوط أو حلول آجال الديون المؤجلة.
يختلف مصير الديون الغير الحالة في مرحلة التصفية القضائية عنه في المرحلة الإعدادية إذ أن النطق بالتصفية القضائية يؤدي حتما إلى حلول آجال الديون المؤجلة إعمالا لنص الفصل 627 من مدونة التجارة وأن مقتضى حلول أجل الديون تفرضه طبيعة التصفية القضائية التي توجب بيع أصول المقاولة وتوزيع ناتجها إن وجد على الدائنين . كما أن الحكم القاضي بالتفويت الكلي للمقاولة يترتب عنه بالضرورة استحقاق للديون الغير الحالة بنص الفصل 5ا6 من المدونة والعلة أن التفويت يعد بيعا يكون فيه الثمن محددا ونزعا للمقاولة من مالكها وذلك حفاظا على استمرارية المقاولة والحفاظ على منصب الشغل عكس الحكم القاضي بحصر مخطط الاستمرارية الذي لا يترتب عنه سقوط الآجال بالنسبة للديون الغير المؤجلة إلا أن للمحكمة الحق في تخفيض الآجالات الفصل 599 من مدونة التجارة .

- مبدأ حلول أجل الديون المؤجلة ينسحب على كافة الديون سواء العادية أو المقرونة برهن حيازي أو رسمي وتنطبق قاعدة عدم ممارسة الإجراءات الفردية من طرف الدائن بعد فتح مسطرة التصفية القضائية لكن بصفة مؤقتة فقط إذ بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الحكم بفتح التصفية القضائية دون قيام السنديك بتصفية الأموال المثقلة يعود حق الدائن المرتهن وذي الامتياز العام في ممارسة الدعاوى الفردية لاقتضاء دينه ويشترط أن يكون صرح بديونه لدى السنديك .

- ينسحب مقتضى الديون المؤجلة على سائر الديون كيفما كانت طبيعتها وشكلها سواء آجالات قانونية أو اتفاقية أو قضائية ويحتج على الكفلاء، بسقوط الأجل إعمالا للمادة 662 من مدونة التجارة واعتبار الكفيل يترتب عليه حلول أجل الدين بالنسبة إليه حتى قبل حلول أجل الدين الأصلي كما أن الكفيل يحرم من مزية تجريد المدين الأصلي من أمواله إذا كان هذا المدين في حالة إعسار ووقع شهره (المادة 1137 من قانون الالتزامات والعقود).

الفقرة الثالثة : أثر التصفية القضائية على الشخص المعنوي حل الشخص المعنوي وقفل التصفية :
- حل الشخص المعنوي : انعدام أي نص يؤكد على أن الحكم بالتصفية القضائية يؤدي حتما إلى القول بحل الشركة إلا أنه باستعمال بعض المقارنات في القوانين المنظمة للشركات ستساعدنا إلى استنتاج الحل المنطقي لهذا الإشكال ومن ذلك صدور حكم بالتصفية القضائية على الشريك المتضامن في شركة تضامن يؤدي حتما إلى حل الشركة التي ينتمي إليها مما يجعل من الأولى حسب ما أورده الأستاذ شكري السباعي في كتابة الوسيط الجزء الثالث أن تصفية الشركة يترتب عنه القول بحل الشخص المعنوي ويبقى وجوده قائما بالقدر اللازم لإجراء التصفية انسجاما مع المبادئ الواردة في القانون المنظم لشركات المساهمة التي تؤكد أن الشخصية المعنوية للشركة تبقى قائمة لأغراض التصفية إلى حين اختتام إجراءاتها وأن المصفي يفتح حسابا خاصا للتصفية يشار فيه أنه مفتوح لحساب شركة مساهمة في طور التصفية وأن لا ينتج آثاره اتجاه الأغيار إلا من تاريخ
التقييد في السجل التجاري .

قفل عمليات التصفية :
خصص المشرع المغربي لموضوع قفل التصفية المادتين 635 و 636 من المدونة ويتم قفل التصفية استنادا إلى حكم من المحكمة التجارية ويمكن التصريح بقفل لمسطرة في أي وقت ولو تلقائيا بعد استدعاء رئيس المقاولة وبناء على تقرير القاضي المنتدب ولكل ذي مصلحة المطالبة بقفل المسطرة.
والحكم القاضي بإقفال إجراءات مسطرة التصفية لا يجوز قوة الشيء المفضي به فيمكن أن يطلب من المحكمة استئناف عمليات التصفية من جديد .
وأحول النطق بقفل التصفية تنحصر في إحدى الأسباب الثلاثة التالية :
1. إذا لم يعد ثمة خصوم واجبة الأداء.
2. توفر السنديك على المبالغ الكافية لتغطية ديون الدائنين .
3. استحالة الاستمرار في القيام بعمليات التصفية القضائية لعدم كفاية الأصول .
ويترتب عن الحكم بقفل المسطرة ما يلي:

1- انتهاء مهمة أجهزة المسطرة (الفصل 640 م.ت. ).

2- زوال أو انتهاء غل يد المدين في التصرف في أمواله حيث يسترجع هذا الأخير حقه في الإدارة والتسيير (9ا6 م .ت ) واسترجاع المدين لحريته في الإدارة والتصرف والتقاضي مقرون كذلك بعدم صدور حكم في سقوط الأهلية التجارية .

3- استرجاع الدائنين الحق في إقامة الدعاوى الفردية خاصة إذا حكم بقفل عملية التصفية لعدم كفاية الأصول وهذا المقتضي غير منصوص عليه في المدونة وكان قائما في ظل قانون التجارة الملغى لسنة 1913.

وجاء في قرار محكمة النقض الفرنسية المؤرخ في 17/10/2000 أن قفل مسطرة التصفية القضائية لعدم كفاية الأصول يضع حدا لمبدأ غل يد المدين في التصرف في أمواله ويحق للمدين نفسه إقامة دعوى لاستخلاص دين نشأ بعد فتر المسطرة والذي لم يستخلصه سنديك التصفية ورد في تعليق Alain lienhard على القرار المذكور ما يلي:

إن استعادة الدائنين لحقهم في إقامة المتابعات والدعاوى الفردية بعد قفل المسطرة لعدم كفاية الأصول من بين المواضيع الهامة في نظام المساطر
الجماعية فإن منح الحق للمدين نفسه يعد موضوعا أكثر حداثة ويجد سنده
في مقتضيات الفصل 152 من قانون 25/01/1985 الذي ينص على أن غل
يد المدين يبدأ من تاريخ الحكم بالتصفية القضائية ويبقى قائما طالما لم
يتم إقفال المسطرة ولم يميز النص بين حالات الإقفال بل أخذ بعموميات مما
يدل على أنه بمجرد قفل المسطرة يسترجع المدين حقه في الإدارة والتسييرL'administration et la disposition de ses biens أي الحرية في
التصرف وفي قرار لمحكمة النقض الفرنسية المؤرخ في 14/11/2000 يؤكد ولأول مرة أن ميلاد حق الدائن في إقامة الدعاوى الفردية يتعلق بالديون التي نشأت بعد فتح المسطرة ويشترط في تلك الديون أن لا يطالها التقادم .



مجلة المرافع

3 التعليقات:

Unknown said...

Good infos
thanx

Unknown said...

Good infos
thanx

admin said...

استشارة قانونية
النفقة
استشارة قانونية في العقار

Post a Comment