النقيب حسن وهبي
هيئة المحامين بأكادير
تمهيـد:
المحاماة مهنة حرة مستقلة تساعد القضاء في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء(2).
والمحامي أستاذ يعمل بوحي من ضميره أقسم اليمين القانونية على أن يمارس مهام الدفاع والاستشارة بكرامة وضمير واستقلال وإنسانية وأن لا يحيد عن الاحترام الواجب... لقواعد مجلس الهيئة الذي ينتمي إليه...(3).
ولم تكن قواعد مجلس الهيئة الذي ينتمي إليه المحامي، في جزء كبير منها، سوى مجموعة من الأعراف والتقاليد المهنية توارثها المحامون جيلا بعد جيل، منها ما تحقق بفعل الممارسة المتواترة، ومنها ما بذل المحامون من أجل تكريسه والذود عنه جليل التضحيات.
ولم تكن الأعراف والتقاليد المهنية تهدف في مجملها إلا إلى تيسير عمل المحامي، وضبط علاقاته مع محيطه المهني، في مناخ تسوده الحرية والاستقلال وتضبطه مجموعة من الأخلاق السامية، تجعل المحامي مكللا بكل مبادئ الصدق والأمانة، والإخلاص، والشرف، والكرامة، والمروءة، والضمير، والإنسانية، والتجرد، واللياقة، والزمالة(4)... وهي أخلاق ومبادئ يلزم المحامي التقيد بها ليس فقط في علاقاته المهنية بل وفي حياته الخاصة وسلوكه الشخصي.
ولعل المحامين أكثر الناس من أصحاب المهن الحرة تمسكا بالأعراف والتقاليد المهنية إلى حد القداسة، وأقلهم استعدادا للعدول عنها أو التفريط فيها حتى تساوى الإخلال بها مع الإخلال بالقانون، وطالت بذلك المخالفة التأديبية كل مخالفة للنصوص القانونية أو التنظيمية أو قواعد المهنة وأعرافها أو إخلالا بالمروءة والشرف ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني"(5).
والمحامون كانوا دائما مدعوين ليس فقط إلى العمل على احترام قوانين وظيفتهم وأعرافها وتقاليدها ولكنهم "ملزمون أيضا بالعمل ضمن مؤسساتهم المنتخبة على تطويرها لما فيه المصلحة العامة"(6).
وإذا كان المحامون ملزمون بتطوير أعرافهم وتقاليدهم المهنية، فإن ذلك التطوير لا يمكن أن يتم إلا في إطار المبادئ العامة التي تحكم المهنة، والتي لا يمكن أن تكون في أي وقت من الأوقات موضوع مساومة أو مناقشة، وإلا فقدت مهنة المحاماة بمجرد المساس بها الدعائم الأساسية لبقائها.
وأعني بها مبادئ الحرية والاستقلال والأخلاق الحميدة.
نعم، إن مهنة المحاماة أصبحت اليوم بالفعل، أكثر من أي وقت مضى، مدعوة إلى تحديث آليات عملها بما يفرضه التطور الهائل والسريع الذي يعرفه العالم في شتى مناحي الحياة، ولكنها بالمقابل مدعوة إلى المحافظة على أعرافها وتقاليدها في مبادئها الأساسية، والعمل على تطويرها أيضا.
فالأعراف والتقاليد المهنية لم تكن في يوم من الأيام، وعلى مدى مسيرة المهنة عبر قرون من الزمن، لتقف حائلا دون مواكبة التطور التكنولوجي، والاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي الذي يعرفه العالم، إن لم تكن مهنة المحاماة في حد ذاتها دافعا إلى التغيير وإلى التطور في واحد أو أكثر من هذه المجالات.
وانطلاقا من هذه المقدمة ستتم معالجة الموضوع انطلاقا من المحاور التالية:
ـ المحور الأول: مهنة المحاماة ومتطلبات التحديث.
ـ المحور الثاني: الأعراف والتقاليد المهنية والنظام العالمي الجديد للمهنة.
ـ خاتمة.
المحور الأول:
مهنة المحاماة ومتطلبات التحديث
إن ما يعرفه العالم في السنين الأخيرة من نتائج حتمية لظاهرة "العوملة"، في ظل النظام العالمي الجديد، المبني أساسا على حماية الرأسمال الأجنبي تشجيعا للاستثمار، وتحرير الاقتصاد، والفتح التدريجي للحدود، والتقليص من الرسوم الجمركية، واستغلال هذا المناخ من طرف الفاعلين الاقتصاديين الذين تبنوا استراتيجية النمو الاقتصادي الشامل عالميا، وعلى رأسهم الشركات المتعددة الجنسيات أو التي ينصرف نشاطها بشكل أساسي إلى التصدير(7). يلقي بتحديات كبيرة ليس فقط على المجتمع الدولي كما هو، وإنما أيضا على مختلف الدول ذات السيادة وعلى مؤسساتها، بما فيها المؤسسات المهنية.
فإذا كان البعض دولا أو مؤسسات يشارك في فرض العولمة وجني أرباحها، فإن البعض الآخر يحاول جاهدا التأقلم مع متطلباتها، بينما يتحمل الباقي تبعاتها وأوزارها أمرا واقعا لا مفر منه(8).
ومهنة المحاماة في بلدنا كغيرها من المهن الأخرى وفي ظل هذا التحدي، مدعوة ليس إلى القبول بالأمر الواقع قدرا محتوما، ولا إلى التأقلم معه مداراة له أو استدرارا لعطفه، لأنه لا عاطفة لديه أصلا، ولكن إلى التصدي له بكل الوسائل الممكنة وفرض التعامل معه في إطار من المصالح المشتركة، تعامل الند للند.
وبما أن الصمود في هذه المواجهة يقتضي على الأقل وبالضرورة تكافؤ في الفرص والإمكانيات، فإنه يبدو منذ الوهلة الأولى أن الشروط الموضوعية لكسب الرهان غير متوفرة على الإطلاق، وهو ما يستلزم وبكل استعجال استنفار كل الطاقات والوسائل القانونية والتقنية والاقتصادية وذلك من أجل: (9).
ـ مشاركة المحامين مشاركة فعلية وفعالة في النهوض بعملية الإصلاح القضائي سلوكا وممارسة، والإسهام في تحديث آليات العمل القضائي، حيث "يكون القضاء بدوره في مستوى التحديات المطروحة عليه ليس بصفته حاميا للحقوق والحريات وحسب، ولكن بالأساس كباعث على الثقة التي تحفز إلى المبادرة، وكعامل من عوامل التنمية.
وسيكون من العبث التفكير في الرفع من مستوى الأداء المهني للمحامي ماديا وأدبيا، ليكون في مستوى التحديات التي تواجهه، بمعزل عن النهوض بالجهاز القضائي إلى أقصى درجة ممكنة من الفعالية والتجرد، والعكس بالعكس.
ـ توسيع ميدان نشاط المحامي وطنيا وأن يمتد إلى دول الشمال، وليس العكس(10).
مع تطوير الاتفاقيات القضائية مع دول الشمال، من أجل توفير مكاسب مشتركة وعلى قدم المساواة بين الأطراف.
ـ العمل من أجل توحيد قوانين ممارسة مهنة المحاماة، وهي أسرة عالمية بطبيعتها تكاد تكون أهدافها وتقاليدها موحدة.
ـ تبادل الخبرات والتجارب المهنية بين المحامين، على الصعيد العالمي، وذلك بتبادل الوفود بين الهيئات الوطنية مع مثيلاتها في دول الشمال، بمساعدة الدولة على غرار الوفود المتبادلة بين الهيئات القضائية.
ـ التعجيل بتكوين المعاهد الجهوية للتمرين المنصوص عليها في المادة السادسة من ظهير 10 شتنبر 1993 المنظم للمهنة، مع توفير الإمكانيات المادية والتقنية لها من أجل إعداد المحامي المتمرن وتكوينه تكوينا جيدا يؤهله للقيام بأعباء المهنة على أحسن وجه.
تنظيم دورات تدريبية للمحامين الرسميين بنفس المعاهد في إطار برامج للتكوين المستمر مواكبة للمستجدات التي تعرفها الساحة المهنية في شتى المجالات العلمية والتقنية.
ـ العمل على خلق مراكز ثنائية أو دولية للتكوين والتأهيل المهني المشترك للاستفادة من التجارب المشتركة للمحامين على الصعيد الدولي.
ـ استعمال التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة بفعالية وعقلانية، وتوسيع استعمالاتها في شتى المجالات المهنية والقضائية، سواء في نشاط الهيئات، أو في علاقاتها مع الأعضاء، وفي الجهاز القضائي، وفي علاقاته بأطراف العمل القضائي، نظرا لما توفره من كلفة ولما تضمنه من فعالية وسرعة، وتجرد، فالآلة لا تعرف الخطأ العمدي ولا النزوات.
ـ خلق مراكز دولية للتحكيم مشتركة بين محامي الشمال والجنوب فالتحكيم هو قضاء المستقبل.
ـ التخصص في ممارسة العمل المهني والقضائي، مع تجديد أشكال الممارسة المهنية (السماح بممارسة المهنة في إطار شركات مهنية مدنية).
ـ مراجعة القوانين المنظمة للمهنة والأنظمة الداخلية بما يتلاءم وضرورات التعامل مع الواقع العالمي الجديد للمهنة بما لا يمس بمبادئها الأساسية.
المحور الثاني:
الأعراف والتقاليد المهنية في ظل النظام العالمي الجديد للمهنة
إن الدعوة إلى الأخذ بزمام المعرفة القانونية، واكتساب الخبرات والمهارات العلمية والتقنية، ليس هدفا في حد ذاته، بقدر ما هو وسيلة من أجل تحسين وتطوير أساليب الأداء المهني، وبالتالي قيام مهنة المحاماة بوظيفتها الاجتماعية والإنسانية على أكمل وجه.
والمحامي ليس مطالبا اليوم بأن يبقى، كما كان عليه المحامي التقليدي، وكما أريد له أن يكون على مدى عقود من الزمن، حبيس ردهات المحاكم، وزوايا مكتبه، بل أصبح ملزما بالانفتاح على العالم على رحابته، فقد أصبح مجال عمله من التوسع يوما عن يوم بحيث يطال كل مناحي الحياة، وتجاوز الحدود السياسية والجغرافية والغوية والدينية وغيرها.
وقيام المحامي بواجباته المهنية في ظل هذه الشروط الجديدة لا يعفيه إطلاقا من التمسك بالأعراف والتقاليد المهنية، والعمل على تطويرها مع ما يتناسب والمسؤوليات الجديدة الملقاة على عاتقه.
إن وسائل الاتصال الحديثة كمثال تضع المحامي أمام تحديات حقيقية، فإذا كانت توفر له السرعة والدقة والفعالية، فإنها تضع إشكاليات بخصوص آداب المخابرة، والحفاظ على السر المهني مثلا.
ومن جانب آخر يمكن أن نلاحظ بمراجعة الماضي القريب كيف أن زمن الخطابة في مهنة المحاماة قد أخذ في الأفول وربما إلى غير رجعة، ليفسح المجال للكتابة، والورق بدوره أخذ يحزم حقائبه للرحيل لتحل محله وسائل الاتصال المعلوماتي (الأنترنيت والهواتف النقالة وغيرها...).
إن هذه التغييرات المتلاحقة والتي أخذت وثيرتها في التصاعد في السنين الأخيرة بحكم التقدم التكنولوجي وفي ظل المتغيرات الدولية المتسارعة لابد وأن تضع الأعراف والتقاليد المهنية موضع اختبار حقيقي.
فقد تعالت بعض الأصوات من داخل الساحة المهنية تنادي بمراجعة جذرية لقواعد المهنة وآدابها، ليس لأن العديد منها قد عفا عليه الزمن وحسب، وإنما بدعوى أنها قد أصبحت تقف حجر عثرة في وجه التقدم المنشود للمهنة وتقيد من حريتها واستقلالها، وقد أكدت التجربة أن بعض هذه الأصوات على قلتها لم تكن تهدف في حقيقة الأمر إلى الإفلات من كل وازع أخلاقي يضبط السلوك المهني ويجعله محل مراقبة دائمة، إذ لا مراء في أن المسؤولية يجب أن تكون حاضرة دائما إلى جانب الحرية والاستقلال.
إن تحيين النصوص المنظمة للمهنة، والأنظمة الداخلية للهيئات، لابد وأن يسيرا جنبا إلى جنب مع متطلبات كل مرحلة، ولن تكون المهنة عاجزة في أي مرحلة من المراحل عن الاستجابة لما تمليه عليها مثلها العليا من ضوابط وأخلاقيات.
ففي جميع المراحل التي قطعتها مهنة المحاماة على مر العصور، ظلت وفية لمبادئ الحرية والاستقلال وتوارثت مشعل الدفاع عن الحقوق والحريات، وتكبدت في سبيل ذلك الكثير من العنت في بعض المراحل من تاريخها، وفي جلها كانت متربعة عرض الزعامة، ففي فرنسا مثلا استأثر المحامون بالسلطة السياسية أحيانا، وكانوا في طليعة خطباء المعارضة أحيانا أخرى (الإمبراطورية الثانية)، ومثلوا البرلمان في ظل الجمهورية الثالثة بفرنسا، وكان منهم الوزراء بل وكان جل رؤساء الجمهورية الفرنسية من المحامين(11).
ولدى محامي دول الجنوب ما يكفي من الإرادة والإقدام، للسير قدما بل واستعمال ما تفرزه العولمة من آثار، لحل المشاكل الناجمة عن نماء بلادهم الفوضوي والاستفادة من الفضاءات الاقتصادية والعلمية الجديدة لاختراع وسائل حديثة للتآزر المهني(12).
وحتى لا يضل المحامون الطريق وهم في صراع مع متطلبات التحديث المهني من جهة، ومع ما تستتبعه من إيجاد آليات أدبية تحافظ للمهنة على انضباطها وانتصارها لقيم العدالة من جهة أخرى، فإن عليهم أن يضعوا نصب أعينهم في كلا الحالتين مبادئ أساسية كانت منذ القدم البوصلة التي يهتدون بها سواء في أزهى عصور المهنة رفعة، أو في أكثر حالاتها ضعفا:
أولا ـ الاستقلال:
إن المحامي ليس مساعدا للقضاء، ومن المؤسف حقا استمرار استعمال هذا التعبير في حق المحامين، أو استعمالهم له في حق أنفسهم، فالمساعدة مجدية حقا ولكنها ليست ضرورية أو حتمية(13).
فلا يمكن تصور قيام عدالة من دون دفاع حر ومستقل.
فالمحامي إذن جزء من أسرة القضاء، أي أنه عنصر من عناصر تكوينها، غير أنه في ذات الوقت لا يعتبر جزءا من السلطة القضائية(14).
إن استقلال المحاماة في أفضل تعبير هو "الكفاية الذاتية الوظيفية المصحوبة بأشكال المسؤولية التي تضمن أداء المحامي بشكل يطمئن المتقاضين إلى من يمثلونهم ويثقون بهم، وتخلق لدى المحامين القدرة على مقاومة جميع الضغوط والتدخلات من أي مصدر كان"(15).
الحريــة:
منذ القدم كانت النظرة التقليدية للمحاماة ولا تزال أنها نقيض للسلطة، والصورة التلقائية والعفوية للمحاماة في المنظور الشعبي أنها حامل مشعل المواجهة ضد سلطة الاتهام أو سلطة القمع.
وحتى في الحالات التي تفتح فيها السلطة أبوابها للمحاماة فإنها غالبا ما تكون جليسا مزعجا.
والحرية والاستقلال هما وجهان لعملة واحدة، وتفقد تلك العملة شرعية التداول عند فقدها لأي منهما.
الأخـلاق:
إن تحديث المهنة عملا وسلوكا لا يتناقض إطلاقا مع التمسك بآدابها، وعندما تمتزج الكفاءة المهنية بالأخلاق المهنية الرفيعة فذلك منتهى ما تصبو إليه كل مهنة شريفة.
ومهنة المحاماة بما تسديه من خدمة عامة، تهدف بالأساس إلى العمل على سيادة القانون، والإسهام في إشاعة العدل بين الناس والطمأنينة على أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، لابد وأن تكون أخلاق ممارسيها على جانب كبير من السمو.
وسمعة أية مجموعة منظمة إنما تنطبع بمسلك أعضائها، ولكي تؤدي المحاماة رسالتها على أكمل وجه، لابد أن تجد ضمانتها الأولى في كفاءة واستقامة المحامين، وفي تمسكهم بالقيم الخلقية وبمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة(16).
خاتمـة:
وأخيرا فقد سلف الذكر بأن تحديث مهنة المحاماة وتأهيلها لمواجهة التحديات التي تواجهها، لا يمكن أن تتم بمعزل عن النهوض بالقضاء الذي تعتبر جزءا أساسيا من مكوناته.
والعدالة لابد وأن تتأثر بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لأي بلد في شموليته.
إن دولة الحق والقانون، التي يسود فيها حكم القانون، وتحترم فيها الحقوق والحريات، وتصان فيها كرامة الفرد وحقوق الجماعة، وتمارس فيها الديموقراطية الحقيقية هي المشتمل الطبيعي لقيام عدالة مستقلة ونزيهة.
وهكذا فإن رسالة الدفاع دائما، وعبر تاريخها الزاخر بالعطاء، وإلى جانب ما توجبه على المحامين من الأخذ بزمام المعرفة، والتقيد بالأخلاق الحميدة، فإنها تحثهم على التحلي بالشجاعة الأدبية والسياسية، ليس في مفهومها الضيق، من أجل زمام المبادرة، في طليعة القوى الحية للمجتمع الداعية إلى التغيير نحو الأفضل.
الهوامش:
(1)هذا العرض ساهمت به هيئتنا في أشغال الندوة الوطنية لجمعية هيئات المحامين بالمغرب حول المحاماة في أفق القرن الواحد والعشرين (فاس 24-25 نوفمبر 200).
(2)المادة 1 من ظهير 10-9-1993 المنظم لمهنة المحاماة.
(3)من قسم المحامي، المادة 12 من نفس الظهير.
(4)ديبادجة النظام الداخلي لهيئة المحامين بأكادير المصادق عليه بتاريخ 06 ماي 1999. (منشورات المرافعة، العدد الثاني، طبعة 1999، قوانين وأنظمة داخلية، الصفحة 44).
(5)المادة 59 من ظهير 10-09-1993 المنظم لمهنة المحاماة.
(6)ديباجة النظام الداخلي لهيئة المحامين بأكادير المصادق عليه بتاريخ 06 ماي 1999. (منشورات المرافعة، العدد الثاني، طبعة 1999، قوانين وأنظمة داخلية، الصفحة 44).
(7)سؤل مدير شركة "نستلي" عن جنسيته وأجاب جنسيتي "نستلي".
(8)منشورات المرافعة التي تصدر عن هيئة المحامين بأكادير، العدد 1 المتضمن لأشغال ندوة "العولمة وآثارها المحتملة على مهنة المحاماة في دول الجنوب" التي نظمتها هيئة المحامين بأكادير يومي 9 و10 أبريل 1999.
(9)المرجع السابق.
(10)إشارة إلى القرار الأخير لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء الذي يجيز للأجنبي فتح فرع لمكتبه بالمغرب، مقارنة مع المادة 25 من القانون المنظم للمهنة الذي لا يجيز للمحامي أو للمحامين الشركاء المغاربة أن يكون لهم أكثر من مكتب واحد.
(11)Les règles de la profession d'avocat, Jacques Hamelin et André Damien, 9ème édition, Dalloz, p/ 537.
(12)منشورات المرافعة التي تصدر عن هيئة المحامين بأكادير، العدد 1 المتضمن لأشغال ندوة "العولمة وآثارها المحتملة على مهنة المحاماة في دول الجنوب" التي نظمتها هيئة المحامين بأكادير يومي 9 و10 أبريل 1999.
(13)Devoirs et prérogatives de l'avocat, Cléo leclerceq, p. 25.
(14)نفس المرجع السابق.
(15)استقلال المحاماة للنقيب أحمد عيدو، مجلة "المحامون" العدد 19، صفحة 803.
(16)مجموعة التشريعات المتعلقة بالمحامين، 1998، نقابة المحامين، عمان.
هيئة المحامين بأكادير
تمهيـد:
المحاماة مهنة حرة مستقلة تساعد القضاء في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء(2).
والمحامي أستاذ يعمل بوحي من ضميره أقسم اليمين القانونية على أن يمارس مهام الدفاع والاستشارة بكرامة وضمير واستقلال وإنسانية وأن لا يحيد عن الاحترام الواجب... لقواعد مجلس الهيئة الذي ينتمي إليه...(3).
ولم تكن قواعد مجلس الهيئة الذي ينتمي إليه المحامي، في جزء كبير منها، سوى مجموعة من الأعراف والتقاليد المهنية توارثها المحامون جيلا بعد جيل، منها ما تحقق بفعل الممارسة المتواترة، ومنها ما بذل المحامون من أجل تكريسه والذود عنه جليل التضحيات.
ولم تكن الأعراف والتقاليد المهنية تهدف في مجملها إلا إلى تيسير عمل المحامي، وضبط علاقاته مع محيطه المهني، في مناخ تسوده الحرية والاستقلال وتضبطه مجموعة من الأخلاق السامية، تجعل المحامي مكللا بكل مبادئ الصدق والأمانة، والإخلاص، والشرف، والكرامة، والمروءة، والضمير، والإنسانية، والتجرد، واللياقة، والزمالة(4)... وهي أخلاق ومبادئ يلزم المحامي التقيد بها ليس فقط في علاقاته المهنية بل وفي حياته الخاصة وسلوكه الشخصي.
ولعل المحامين أكثر الناس من أصحاب المهن الحرة تمسكا بالأعراف والتقاليد المهنية إلى حد القداسة، وأقلهم استعدادا للعدول عنها أو التفريط فيها حتى تساوى الإخلال بها مع الإخلال بالقانون، وطالت بذلك المخالفة التأديبية كل مخالفة للنصوص القانونية أو التنظيمية أو قواعد المهنة وأعرافها أو إخلالا بالمروءة والشرف ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني"(5).
والمحامون كانوا دائما مدعوين ليس فقط إلى العمل على احترام قوانين وظيفتهم وأعرافها وتقاليدها ولكنهم "ملزمون أيضا بالعمل ضمن مؤسساتهم المنتخبة على تطويرها لما فيه المصلحة العامة"(6).
وإذا كان المحامون ملزمون بتطوير أعرافهم وتقاليدهم المهنية، فإن ذلك التطوير لا يمكن أن يتم إلا في إطار المبادئ العامة التي تحكم المهنة، والتي لا يمكن أن تكون في أي وقت من الأوقات موضوع مساومة أو مناقشة، وإلا فقدت مهنة المحاماة بمجرد المساس بها الدعائم الأساسية لبقائها.
وأعني بها مبادئ الحرية والاستقلال والأخلاق الحميدة.
نعم، إن مهنة المحاماة أصبحت اليوم بالفعل، أكثر من أي وقت مضى، مدعوة إلى تحديث آليات عملها بما يفرضه التطور الهائل والسريع الذي يعرفه العالم في شتى مناحي الحياة، ولكنها بالمقابل مدعوة إلى المحافظة على أعرافها وتقاليدها في مبادئها الأساسية، والعمل على تطويرها أيضا.
فالأعراف والتقاليد المهنية لم تكن في يوم من الأيام، وعلى مدى مسيرة المهنة عبر قرون من الزمن، لتقف حائلا دون مواكبة التطور التكنولوجي، والاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي الذي يعرفه العالم، إن لم تكن مهنة المحاماة في حد ذاتها دافعا إلى التغيير وإلى التطور في واحد أو أكثر من هذه المجالات.
وانطلاقا من هذه المقدمة ستتم معالجة الموضوع انطلاقا من المحاور التالية:
ـ المحور الأول: مهنة المحاماة ومتطلبات التحديث.
ـ المحور الثاني: الأعراف والتقاليد المهنية والنظام العالمي الجديد للمهنة.
ـ خاتمة.
المحور الأول:
مهنة المحاماة ومتطلبات التحديث
إن ما يعرفه العالم في السنين الأخيرة من نتائج حتمية لظاهرة "العوملة"، في ظل النظام العالمي الجديد، المبني أساسا على حماية الرأسمال الأجنبي تشجيعا للاستثمار، وتحرير الاقتصاد، والفتح التدريجي للحدود، والتقليص من الرسوم الجمركية، واستغلال هذا المناخ من طرف الفاعلين الاقتصاديين الذين تبنوا استراتيجية النمو الاقتصادي الشامل عالميا، وعلى رأسهم الشركات المتعددة الجنسيات أو التي ينصرف نشاطها بشكل أساسي إلى التصدير(7). يلقي بتحديات كبيرة ليس فقط على المجتمع الدولي كما هو، وإنما أيضا على مختلف الدول ذات السيادة وعلى مؤسساتها، بما فيها المؤسسات المهنية.
فإذا كان البعض دولا أو مؤسسات يشارك في فرض العولمة وجني أرباحها، فإن البعض الآخر يحاول جاهدا التأقلم مع متطلباتها، بينما يتحمل الباقي تبعاتها وأوزارها أمرا واقعا لا مفر منه(8).
ومهنة المحاماة في بلدنا كغيرها من المهن الأخرى وفي ظل هذا التحدي، مدعوة ليس إلى القبول بالأمر الواقع قدرا محتوما، ولا إلى التأقلم معه مداراة له أو استدرارا لعطفه، لأنه لا عاطفة لديه أصلا، ولكن إلى التصدي له بكل الوسائل الممكنة وفرض التعامل معه في إطار من المصالح المشتركة، تعامل الند للند.
وبما أن الصمود في هذه المواجهة يقتضي على الأقل وبالضرورة تكافؤ في الفرص والإمكانيات، فإنه يبدو منذ الوهلة الأولى أن الشروط الموضوعية لكسب الرهان غير متوفرة على الإطلاق، وهو ما يستلزم وبكل استعجال استنفار كل الطاقات والوسائل القانونية والتقنية والاقتصادية وذلك من أجل: (9).
ـ مشاركة المحامين مشاركة فعلية وفعالة في النهوض بعملية الإصلاح القضائي سلوكا وممارسة، والإسهام في تحديث آليات العمل القضائي، حيث "يكون القضاء بدوره في مستوى التحديات المطروحة عليه ليس بصفته حاميا للحقوق والحريات وحسب، ولكن بالأساس كباعث على الثقة التي تحفز إلى المبادرة، وكعامل من عوامل التنمية.
وسيكون من العبث التفكير في الرفع من مستوى الأداء المهني للمحامي ماديا وأدبيا، ليكون في مستوى التحديات التي تواجهه، بمعزل عن النهوض بالجهاز القضائي إلى أقصى درجة ممكنة من الفعالية والتجرد، والعكس بالعكس.
ـ توسيع ميدان نشاط المحامي وطنيا وأن يمتد إلى دول الشمال، وليس العكس(10).
مع تطوير الاتفاقيات القضائية مع دول الشمال، من أجل توفير مكاسب مشتركة وعلى قدم المساواة بين الأطراف.
ـ العمل من أجل توحيد قوانين ممارسة مهنة المحاماة، وهي أسرة عالمية بطبيعتها تكاد تكون أهدافها وتقاليدها موحدة.
ـ تبادل الخبرات والتجارب المهنية بين المحامين، على الصعيد العالمي، وذلك بتبادل الوفود بين الهيئات الوطنية مع مثيلاتها في دول الشمال، بمساعدة الدولة على غرار الوفود المتبادلة بين الهيئات القضائية.
ـ التعجيل بتكوين المعاهد الجهوية للتمرين المنصوص عليها في المادة السادسة من ظهير 10 شتنبر 1993 المنظم للمهنة، مع توفير الإمكانيات المادية والتقنية لها من أجل إعداد المحامي المتمرن وتكوينه تكوينا جيدا يؤهله للقيام بأعباء المهنة على أحسن وجه.
تنظيم دورات تدريبية للمحامين الرسميين بنفس المعاهد في إطار برامج للتكوين المستمر مواكبة للمستجدات التي تعرفها الساحة المهنية في شتى المجالات العلمية والتقنية.
ـ العمل على خلق مراكز ثنائية أو دولية للتكوين والتأهيل المهني المشترك للاستفادة من التجارب المشتركة للمحامين على الصعيد الدولي.
ـ استعمال التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة بفعالية وعقلانية، وتوسيع استعمالاتها في شتى المجالات المهنية والقضائية، سواء في نشاط الهيئات، أو في علاقاتها مع الأعضاء، وفي الجهاز القضائي، وفي علاقاته بأطراف العمل القضائي، نظرا لما توفره من كلفة ولما تضمنه من فعالية وسرعة، وتجرد، فالآلة لا تعرف الخطأ العمدي ولا النزوات.
ـ خلق مراكز دولية للتحكيم مشتركة بين محامي الشمال والجنوب فالتحكيم هو قضاء المستقبل.
ـ التخصص في ممارسة العمل المهني والقضائي، مع تجديد أشكال الممارسة المهنية (السماح بممارسة المهنة في إطار شركات مهنية مدنية).
ـ مراجعة القوانين المنظمة للمهنة والأنظمة الداخلية بما يتلاءم وضرورات التعامل مع الواقع العالمي الجديد للمهنة بما لا يمس بمبادئها الأساسية.
المحور الثاني:
الأعراف والتقاليد المهنية في ظل النظام العالمي الجديد للمهنة
إن الدعوة إلى الأخذ بزمام المعرفة القانونية، واكتساب الخبرات والمهارات العلمية والتقنية، ليس هدفا في حد ذاته، بقدر ما هو وسيلة من أجل تحسين وتطوير أساليب الأداء المهني، وبالتالي قيام مهنة المحاماة بوظيفتها الاجتماعية والإنسانية على أكمل وجه.
والمحامي ليس مطالبا اليوم بأن يبقى، كما كان عليه المحامي التقليدي، وكما أريد له أن يكون على مدى عقود من الزمن، حبيس ردهات المحاكم، وزوايا مكتبه، بل أصبح ملزما بالانفتاح على العالم على رحابته، فقد أصبح مجال عمله من التوسع يوما عن يوم بحيث يطال كل مناحي الحياة، وتجاوز الحدود السياسية والجغرافية والغوية والدينية وغيرها.
وقيام المحامي بواجباته المهنية في ظل هذه الشروط الجديدة لا يعفيه إطلاقا من التمسك بالأعراف والتقاليد المهنية، والعمل على تطويرها مع ما يتناسب والمسؤوليات الجديدة الملقاة على عاتقه.
إن وسائل الاتصال الحديثة كمثال تضع المحامي أمام تحديات حقيقية، فإذا كانت توفر له السرعة والدقة والفعالية، فإنها تضع إشكاليات بخصوص آداب المخابرة، والحفاظ على السر المهني مثلا.
ومن جانب آخر يمكن أن نلاحظ بمراجعة الماضي القريب كيف أن زمن الخطابة في مهنة المحاماة قد أخذ في الأفول وربما إلى غير رجعة، ليفسح المجال للكتابة، والورق بدوره أخذ يحزم حقائبه للرحيل لتحل محله وسائل الاتصال المعلوماتي (الأنترنيت والهواتف النقالة وغيرها...).
إن هذه التغييرات المتلاحقة والتي أخذت وثيرتها في التصاعد في السنين الأخيرة بحكم التقدم التكنولوجي وفي ظل المتغيرات الدولية المتسارعة لابد وأن تضع الأعراف والتقاليد المهنية موضع اختبار حقيقي.
فقد تعالت بعض الأصوات من داخل الساحة المهنية تنادي بمراجعة جذرية لقواعد المهنة وآدابها، ليس لأن العديد منها قد عفا عليه الزمن وحسب، وإنما بدعوى أنها قد أصبحت تقف حجر عثرة في وجه التقدم المنشود للمهنة وتقيد من حريتها واستقلالها، وقد أكدت التجربة أن بعض هذه الأصوات على قلتها لم تكن تهدف في حقيقة الأمر إلى الإفلات من كل وازع أخلاقي يضبط السلوك المهني ويجعله محل مراقبة دائمة، إذ لا مراء في أن المسؤولية يجب أن تكون حاضرة دائما إلى جانب الحرية والاستقلال.
إن تحيين النصوص المنظمة للمهنة، والأنظمة الداخلية للهيئات، لابد وأن يسيرا جنبا إلى جنب مع متطلبات كل مرحلة، ولن تكون المهنة عاجزة في أي مرحلة من المراحل عن الاستجابة لما تمليه عليها مثلها العليا من ضوابط وأخلاقيات.
ففي جميع المراحل التي قطعتها مهنة المحاماة على مر العصور، ظلت وفية لمبادئ الحرية والاستقلال وتوارثت مشعل الدفاع عن الحقوق والحريات، وتكبدت في سبيل ذلك الكثير من العنت في بعض المراحل من تاريخها، وفي جلها كانت متربعة عرض الزعامة، ففي فرنسا مثلا استأثر المحامون بالسلطة السياسية أحيانا، وكانوا في طليعة خطباء المعارضة أحيانا أخرى (الإمبراطورية الثانية)، ومثلوا البرلمان في ظل الجمهورية الثالثة بفرنسا، وكان منهم الوزراء بل وكان جل رؤساء الجمهورية الفرنسية من المحامين(11).
ولدى محامي دول الجنوب ما يكفي من الإرادة والإقدام، للسير قدما بل واستعمال ما تفرزه العولمة من آثار، لحل المشاكل الناجمة عن نماء بلادهم الفوضوي والاستفادة من الفضاءات الاقتصادية والعلمية الجديدة لاختراع وسائل حديثة للتآزر المهني(12).
وحتى لا يضل المحامون الطريق وهم في صراع مع متطلبات التحديث المهني من جهة، ومع ما تستتبعه من إيجاد آليات أدبية تحافظ للمهنة على انضباطها وانتصارها لقيم العدالة من جهة أخرى، فإن عليهم أن يضعوا نصب أعينهم في كلا الحالتين مبادئ أساسية كانت منذ القدم البوصلة التي يهتدون بها سواء في أزهى عصور المهنة رفعة، أو في أكثر حالاتها ضعفا:
أولا ـ الاستقلال:
إن المحامي ليس مساعدا للقضاء، ومن المؤسف حقا استمرار استعمال هذا التعبير في حق المحامين، أو استعمالهم له في حق أنفسهم، فالمساعدة مجدية حقا ولكنها ليست ضرورية أو حتمية(13).
فلا يمكن تصور قيام عدالة من دون دفاع حر ومستقل.
فالمحامي إذن جزء من أسرة القضاء، أي أنه عنصر من عناصر تكوينها، غير أنه في ذات الوقت لا يعتبر جزءا من السلطة القضائية(14).
إن استقلال المحاماة في أفضل تعبير هو "الكفاية الذاتية الوظيفية المصحوبة بأشكال المسؤولية التي تضمن أداء المحامي بشكل يطمئن المتقاضين إلى من يمثلونهم ويثقون بهم، وتخلق لدى المحامين القدرة على مقاومة جميع الضغوط والتدخلات من أي مصدر كان"(15).
الحريــة:
منذ القدم كانت النظرة التقليدية للمحاماة ولا تزال أنها نقيض للسلطة، والصورة التلقائية والعفوية للمحاماة في المنظور الشعبي أنها حامل مشعل المواجهة ضد سلطة الاتهام أو سلطة القمع.
وحتى في الحالات التي تفتح فيها السلطة أبوابها للمحاماة فإنها غالبا ما تكون جليسا مزعجا.
والحرية والاستقلال هما وجهان لعملة واحدة، وتفقد تلك العملة شرعية التداول عند فقدها لأي منهما.
الأخـلاق:
إن تحديث المهنة عملا وسلوكا لا يتناقض إطلاقا مع التمسك بآدابها، وعندما تمتزج الكفاءة المهنية بالأخلاق المهنية الرفيعة فذلك منتهى ما تصبو إليه كل مهنة شريفة.
ومهنة المحاماة بما تسديه من خدمة عامة، تهدف بالأساس إلى العمل على سيادة القانون، والإسهام في إشاعة العدل بين الناس والطمأنينة على أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، لابد وأن تكون أخلاق ممارسيها على جانب كبير من السمو.
وسمعة أية مجموعة منظمة إنما تنطبع بمسلك أعضائها، ولكي تؤدي المحاماة رسالتها على أكمل وجه، لابد أن تجد ضمانتها الأولى في كفاءة واستقامة المحامين، وفي تمسكهم بالقيم الخلقية وبمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة(16).
خاتمـة:
وأخيرا فقد سلف الذكر بأن تحديث مهنة المحاماة وتأهيلها لمواجهة التحديات التي تواجهها، لا يمكن أن تتم بمعزل عن النهوض بالقضاء الذي تعتبر جزءا أساسيا من مكوناته.
والعدالة لابد وأن تتأثر بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لأي بلد في شموليته.
إن دولة الحق والقانون، التي يسود فيها حكم القانون، وتحترم فيها الحقوق والحريات، وتصان فيها كرامة الفرد وحقوق الجماعة، وتمارس فيها الديموقراطية الحقيقية هي المشتمل الطبيعي لقيام عدالة مستقلة ونزيهة.
وهكذا فإن رسالة الدفاع دائما، وعبر تاريخها الزاخر بالعطاء، وإلى جانب ما توجبه على المحامين من الأخذ بزمام المعرفة، والتقيد بالأخلاق الحميدة، فإنها تحثهم على التحلي بالشجاعة الأدبية والسياسية، ليس في مفهومها الضيق، من أجل زمام المبادرة، في طليعة القوى الحية للمجتمع الداعية إلى التغيير نحو الأفضل.
الهوامش:
(1)هذا العرض ساهمت به هيئتنا في أشغال الندوة الوطنية لجمعية هيئات المحامين بالمغرب حول المحاماة في أفق القرن الواحد والعشرين (فاس 24-25 نوفمبر 200).
(2)المادة 1 من ظهير 10-9-1993 المنظم لمهنة المحاماة.
(3)من قسم المحامي، المادة 12 من نفس الظهير.
(4)ديبادجة النظام الداخلي لهيئة المحامين بأكادير المصادق عليه بتاريخ 06 ماي 1999. (منشورات المرافعة، العدد الثاني، طبعة 1999، قوانين وأنظمة داخلية، الصفحة 44).
(5)المادة 59 من ظهير 10-09-1993 المنظم لمهنة المحاماة.
(6)ديباجة النظام الداخلي لهيئة المحامين بأكادير المصادق عليه بتاريخ 06 ماي 1999. (منشورات المرافعة، العدد الثاني، طبعة 1999، قوانين وأنظمة داخلية، الصفحة 44).
(7)سؤل مدير شركة "نستلي" عن جنسيته وأجاب جنسيتي "نستلي".
(8)منشورات المرافعة التي تصدر عن هيئة المحامين بأكادير، العدد 1 المتضمن لأشغال ندوة "العولمة وآثارها المحتملة على مهنة المحاماة في دول الجنوب" التي نظمتها هيئة المحامين بأكادير يومي 9 و10 أبريل 1999.
(9)المرجع السابق.
(10)إشارة إلى القرار الأخير لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء الذي يجيز للأجنبي فتح فرع لمكتبه بالمغرب، مقارنة مع المادة 25 من القانون المنظم للمهنة الذي لا يجيز للمحامي أو للمحامين الشركاء المغاربة أن يكون لهم أكثر من مكتب واحد.
(11)Les règles de la profession d'avocat, Jacques Hamelin et André Damien, 9ème édition, Dalloz, p/ 537.
(12)منشورات المرافعة التي تصدر عن هيئة المحامين بأكادير، العدد 1 المتضمن لأشغال ندوة "العولمة وآثارها المحتملة على مهنة المحاماة في دول الجنوب" التي نظمتها هيئة المحامين بأكادير يومي 9 و10 أبريل 1999.
(13)Devoirs et prérogatives de l'avocat, Cléo leclerceq, p. 25.
(14)نفس المرجع السابق.
(15)استقلال المحاماة للنقيب أحمد عيدو، مجلة "المحامون" العدد 19، صفحة 803.
(16)مجموعة التشريعات المتعلقة بالمحامين، 1998، نقابة المحامين، عمان.
0 التعليقات:
Post a Comment