إشكالية تطبيق اتفاقية هامبورغ لسنة 1978 أمام القضاء المغربي

ذ. يونس بنونة
قاض بابتدائية أنفا

تدخل الأستاذ بنونة يونس، خلال المناضرة التي نظمت بالمعهد العالمي للدراسات البحرية، بتاريخ 14/5/1992، حول موضوع " النظام البحري الجديد، المتفرع عن اتفاقية هامبورغ، الخاصة بالنقل البحري للبضائع بطريق البحر، واثر ذلك على المغرب".

سأرتكز، في تدخلي هذا، على عرض بعض نقط الخلاف بين مقتضيات ظهير 31 مارس1919، وكذا مقتضيات اتفاقية هامبورغ لسنة 1978، ثم اشكالية التطبيق امام القضاء.

ذلك ان المغرب انضم الى اتفاقية هامبورغ، بعد التوقيع على محضر ايداع وثائق الانضمام اليها بمدينة نيويورك بتاريخ 17/7/1981، ووقع نشر الاتفاقية بالجريدة الرسمية(1)، بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 14/11/1986، رقم 24 و84 و1، وبالرجوع الى المادة 30 من الاتفاقية، فانه سيبدا نفاذها في اليوم الاول من الشهر التالي لانقضاء سنة واحدة، على تاريخ ايداع الوثيقة العشرين، من وثائق التصديق او القبول او الانضمام.

ومما تجب ملاحظته، هو ان الاتفاقية ستدخل حيز التطبيق والتنفيذ في فاتح نوفمبر1992 - لكون دولة زامبيا انضمت الى الاتفاقية بتاريخ 1/10/1991، وأتمت بذلك النصاب القانوني لتطبيقها وتنفيذها - وعلى هذا الاساس، ستصبح مسؤولية الناقل البحري في ظل القانوني المغربي - واعتبارا من تاريخ نوفمبر1992 - منظمة وفق ظهير مارس 1919، وكذا اتفاقية الامم المتحدة لنقل البضائع بطريق البحر لسنة 1978، وبالتالي يثور معه التساؤل حول امكانية تمسك احد اطراف عقد النقل البحري، بتطبيق الاتفاقية المذكورة بدل القانون الوطني امام القضاء، ما دامت تحمي مصالحه وحقوقه، ثم كيف يمكن التوفيق بين مقتضيات هذه الاتفاقية، وكذا مقتضيات الفصل 267 ق ت ب. الذي تعد مقتضياته من النظام العام. والذي يستلزم تطبيق القانون الوطني حتى ولو كانت تذكرة الشحن او سند النقل منشأ في بلاد اجنبية، او كان الاطراف قد اشترطوا اخضاع عقد النقل البحري لقانون اجنبي .

وانطلاقا مما ذكر، سأحاول التركيز على نقط الخلاف التالية :
أولا : بخصوص الخطا الملاحي :
قد يكون الضرر الحاصل للبضاعة، ناتج عن خطا ملاحي او في ادارة السفينة، وفي هذه الحالة يكون بامكان الناقل البحري، اثبات ما ذكر، قصد اعفائه من المسؤولية، وهو ما اكده نص الفصل 364 ق ت ب. الفقرة الثانية، بقوله " …. الا انه يمكن للمجهز ان يتحلل من الاخطاء المرتكبة من طرف الربان او المرشد او الملاحين في تنفيذ مهامهم التي تتعلق بالسفينة".

اما بالنسبة لاتفاقية هامبورغ 1978، فانها قد الغت الاخذ بالاخطاء الملاحية. او في ادارة السفينة، ووضعت قاعدة عامة في المادة 5، فقرة 1، اقرت فيها مسؤولية الناقل البحري، ما دامت البضاعة تحت حراسته، وما لم يثبت هو او تابعوه انه اتخذ جميع الاحتياطات الضرورية لمنع وقوع الحادث المتسبب في الضرر(2).
--------------
(1) راجع في هذا الصدد الجريدة الرسمية عدد 3959 بتاريخ غشت 1988.
(2) لقد تبنى مشروع قانون الملاحة التجارية لسنة 1984، موقف اتفاقية هامبورغ لسنة 1978، ذلك ان المشروع نص على حالات الاعفاء من المسؤولية في الفصل 360 منه، ولم يضمنه حالة الاعفاء بسبب الخطا الملاحي او في ادارة السفينة، وبذلك يتعين على الناقل اثبات اتخاذ التدابير المعقولة والمستلزمة لتفادي الحدث ومخلفاته طبقا للفصل 358 منه، للقول باعفائه من المسؤولية في حالة الخطا في الملاحة او في ادار السفينة.
--------------------


وعلى هذا الاساس قد يتمسك الناقل البحري بمقتضيات الفصل 264 ق ت ب ويثبت ان الضرر الحاصل للبضاعة راجع الى اخطاء في الملاحة او في ادارة السفينة، غير ان المرسل اليه او مؤمنه يواجهه بمقتضيات المادة 5 من الاتفاقية، بسبب عدم اتخاذه الاحتياطات الضرورية هو وتابعوه لمنع وقوع الحادث، وبالتالي تثور معه اشكالية تطبيق القانون الوطني ام الاتفاقية، حينما يعرض النزاع على القضاء .

ثانيا : تحديد المرحلة البحرية التي يمكن خلالها مساءلة الناقل البحري :
ينص الفصل 218 ق ت ب. " ويجب على الربان ان يتسلم البضائع على حافة السفينة، على نفقة المجهز، وان يضعها في ميناء الوصول تحت الرافعات تحت تصرف المرسل اليهم". يتبين من هذا النص ان مسؤولية الناقل البحري تبتدئ من تاريخ تسلم البضاعة على حافة السفينة، وتنتهي بوضعها تحت الروافع وتحت تصرف المرسل اليهم، نظرا لنظام المقاول الاجباري - مكتب استغلال الموانئ - الذي ناخذ به، فقد تضاربت اجتهادات القضاء المغربي بخصوص تحديد المرحلة البحرية، فالبعض منها اخذ بمبدا وحدة عقد النقل البحري، وذهب الى اعتبار الناقل البحري مسؤولا عن كل هلاك او عوار يصيب البضاعة مادامت في عمدته ولغاية التسليم الفعلي للمرسل اليه (3) مستشهدا في ذلك بمقتضيات الفصل 78 ق تجاري والفصل 221 ق ت ب (4) في حين ذهب البعض الاخر منها الى الاخذ بمبدا تجزئة عقد النقل البحري وبالتالي اعتبار مسؤولية الناقل البحري تنتهي بمجرد افراغ البضاعة تحت الروافع، وتسليمها الى مكتب استغلال الموانئ، والذي يتدخل في عمليات الشحن والافراغ بقوة القانون وجبرا على اطراف عقد النقل، وهذا ما اكده المجلس الاعلى في قراره الصادر بتاريخ 9 ابريل1986 في الحيثية التالية " حيث ان مكتب الشحن الذي يتولى تسلم البضاعة من الناقل البحري …. فانه حين يحوز البضاعة، فانها تخرج من حراسة الناقل البحري، لتبتدئ مسؤوليته هو، فلا يجوز ان يتابع الناقل بالخسارة التي تعود الى مسؤولية مكتب الشحن …."(5).

والملاحظ ان اتفاقية هامبورغ لسنة 1978، وضعت حدا لهذا التضارب، اذ نصت المادة الرابعة منها فقرة ب على ان البضاعة تعتبر في عهدة الناقل البحري الى حين الوقت الذي يقوم فيه بتسليم البضاعة الى المرسل اليه. او في الحالات التي يتسلم فيها المرسل اليه البضاعة من الناقل، بوضعها تحت تصرفه على نحو يتفق مع العقد …. او تسليم البضاعة الى سلطة او طرف ثالث، توجب القوانين او اللوائح السارية في ميناء التفريغ تسليم البضائع اليه.
-------------------------
(3) قرار المجلس الاعلى بتاريخ 25/6/1986 رقم 1583 ملف عدد 93155 غير منشور. قرار المجلس الاعلى بتاريخ 17/6/1987 رقم 1411 غير منشور .
قرار المجلس الاعلى بتاريخ 04/9/1988 رقم 2353 ملف عدد 99960 غير منشور .
(4) الفصل 221 ق ت ب " يبقى مؤجر السفينة مسؤولا عن كل هلاك او عوار يصيب البضاعة ما دامت تحت حراسته وما لم يثبت وجود قوة قاهرة".
(5) راجع في هذا الصدد المجلس الاعلى رقم 975 ملف عدد 91002 غير منشور .
قرار المجلس الاعلى بتاريخ 5/7/1987 رقم 1698 ملف عدد 97357 غير منشور.
--------------------------
فكما هو الشان بالنسبة للمغرب الذي ياخذ بنظام المقاول الاجباري، تنتهي مسؤولية الناقل البحري بمجرد تسليم البضاعة الى مكتب استغلال الموانئ (6).

نستخلص مما سبق انه في نطاق التشريع المغربي وخاصة الفصلين 218 و221 ق ت ب. تبقى مسؤولية الناقل البحري قائمة لغاية التسليم الفعلي للبضاعة الى المرسل اليه. في حين ان مسؤولية الناقل البحري في ظل الاتفاقية تنتهي بمجرد تسليم البضاعة الى سلطة او طرف ثالث - مكتب استغلال الموانئ - توجب القوانين او اللوائح السارية في ميناء التفريغ تسليم البضاعة اليه، ونتيجة لذلك قد يتمسك الناقل البحري بتطبيق الاتفاقية في حين يتمسك المرسل اليه بالتشريع، وتبرز معه بالتالي اشكالية تطبيق التشريع الوطني ام الاتفاقية.

ثالثا : بخصوص الإجراءات المسطرية لمقاضاة الناقل البحري .
استنادا الى الفصل 262 من ظهير 17/3/53، فانه لا تقبل اية دعوى تعويض بسبب عوار خصوصي او هلاك جزئي ضد الربان او المجهر او اصحاب البضائع، اذ لم يقع تنظيم احتجاج معلل داخل اجل ثمانية ايام …… من تاريخ اليوم الذي وضعت فيه البضائع فعليا تحت تصرف المرسل اليه … ولم يتبع هذا الاحتجاج بدعوى قضائية داخل اجل تسعين يوما.

وعلى هذا الاساس يتعين على المرسل اليه او مؤمنه عند مقاضاته للناقل البحري احترام الاجراءات المنصوص عليها في الفصل المذكور، والا كانت دعواه معرضة للدفع بعدم القبول عند اثارته من ذوي المصلحة (7) بخلاف الامر بالنسبة لاتفاقية هامبورغ لسنة 1978، فقد اقتصرت المادة 19 منها على ضرورة توجيه اخطار بالهلاك او التلف وذلك على الاكثر في اليوم الاول الذي يلي يوم استلام المرسل اليه للبضائع والا اعتبرت البضاعة قد سلمت له بالحالة التي وصفت بها في وثيقة الشحن، ما لم يثبت العكس، ذلك ان الاتفاقية لم تحدد اجلا معينا لرفع دعوى التعويض،
--------------------
(6) يلاحظ ان بهذا الخصوص ان مشروع قانون الملاحة التجارية لسنة 1984 تضمن نفس الفقرات الواردة بالاتفاقية، وذلك في الفصل 358 منه بخصوص تحديد المرحلة البحرية.
(7) باستثناء الحالة التي يتم فيها التنازل عن مقتضيات الفصل 262 ق ت ب بخصوص احترام اجل رفع الدعوى داخل اجل التسعين يوما - كتابة من طرف الناقل البحري. اذ في مثل هذه الحالة يبقى الدفع بعدم القبول غير ذي موضوع .
-------------------
ولم ترتب عن عدم توجيه الاخطار بالهلاك، عدم قبول الدعوى، وانما اقتصرت فقط على قلب عبء الاثبات، بمعنى اخر انه في حالة عدم قيام المرسل اليه بتوجيه الاخطار بالهلاك. فانه يبقى على عاتقه اثبات البضاعة قد تضررت وهي في عهدة الناقل البحري، وبذلك تتعطل قرينة الخطا المقترض المقررة لفائدة المرسل اليه او مؤمنه(8).

ولعل التساؤل الذي يثار في هذا الصدد، هو في حالة دخول الاتفاقية حيز التطبيق هل يمكن للناقل البحري التمسك بمقتضيات الفصل 262 ق ت ب باعتبارها تحمل مصالحه بسبب عدم قيام المرسل اليه بالاجراءات المنصوص عليها فيه ؟
وهل يبقى من حق المرسل اليه التمسك بمقتضيات المادة 19 من الاتفاقية ما دام بامكانه اثبات كون البضاعة قد تضررت وهي بعهدة الناقل البحري ؟
بمعنى اخر انه ستثور امام القضاء اشكالية تطبيق التشريع المغربي وكذا الاتفاقية في ان واحد.

رابعا : بخصوص صحة شرط الاختصاص المضمن بسند الشحن :
ذلك انه استنادا الى مقتضيات الفصل 264 ق ت ب يكون باطلا وعديم الاثر كل شرط مدرج في وثيقة الشحن او في سند كان يتعلق بنقل بحري منشا في المغرب او في بلاد اجنبية تكون غايته مباشرة او غير مباشرة اعفاء المجهز من مسؤوليته او مخالفة قواعد الاختصاص .

وعلى هذا الاساس يظل الشرط الوارد في سند الشحن، والذي بمقتضاه يمنح الاختصاص لاحدى المحاكم الاجنبية غير الوطنية، باطلا وعديم الاثر في ظل التشريع المغربي (9) وهو ما اكده القضاء المغربي كذلك، ففي قرار المجلس الاعلى بتاريخ 20/11/1976 (10) تضمن الحيثية التالية " وحيث انه اذا كان من المسلم حسب قواعد الاختصاص المحلي طبقا للفصلين 23 و35 ق م م والتي ليست من النظام العام، لان طرفي النزاع يمكنهما ان يتفقا على خلافه، فان العمل خلاف ذلك، اذا كان الامر يتعلق بالنقل عن طريق البحر، فقد نص الفصل 264 ق ت ب، انه يعد باطلا وعديم الاثر كل شرط ادرج في وثيقة الشحن لكون الغاية منه مخالفة قواعد الاختصاص …. وان محكمة الرباط حينما قضت بعدم اختصاصها للنظر في النازلة اعتمادا على الفصل 33 الوارد بتذكرة الشحن، تكون بذلك خالفت مقتضيات الفصل 264 ق ت ب وعرضت حكمها بسبب ذلك للنقض …".
---------------------------
(8) الملاحظ ان مشروع قانون الملاحة التجارية لسنة 1984 اخذ بنفس المفهوم الوارد في الاتفاقية وذلك في الفصل 370 منه .
(9) بخلاف الوضع بالنسبة للتشريع الفرنسي، اذ يعتبر مثل هذا الشرط صحيحا، ما دام الاختصاص المكاني لا يعد من النظام العام، وان القاضي الفرنسي ذهب الى ابعد من ذلك، واعتد بشرط الاختصاص المدون بوثيقة الشحن بالرفع من عدم توقيعها من طرف الشاحن ( راجع في هذا الصدد قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 3/1/1989 منشور بمجلة DMF العدد 492 صحيفة 154.
(10) قرار المجلس الاعلى رقم 677 منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 130 صحيفة 100.
---------------------------
اما بالنسبة لاتفاقية هامبورغ لسنة 1978، فان الامر خلاف ذلك، فالمادة 21 من الاتفاقية، بعد ان منحت للطرف المدعي الخيار في رفع دعوى التعويض، سواء امام المركز الرئيسي للمدعى عليه، او مكان ابرام العقد، او ميناء الشحن او التفريغ، اشارت في الفقرة الرابعة، او الى أي مكان يعين لهذا الغرض في عقد النقل البحري، تاركة بالتالي الخيار للطرفين امر تحديد المحكمة المختصة عند وقوع نزاع بينهما.
وعلى هذا الاساس تثور اشكالية التوفيق امام القضاء بين مقتضيات الفصل 264 ق ت ب والمادة 21 من الاتفاقبية المذكورة (11).

خامسا : بخصوص مدة التقادم :
بالرجوع الى مقتضيات الفصل 263 ق ت ب يتبين ان المشرع المغربي حدد اجل تقادم دعوى المسؤولية في مدة سنة تبتدئ من تاريخ وصول البضاعة او من تاريخ اليوم الذي كان عليه ان تصل فيه، وان هذا النص يعتبر من النظام العام، وبالتالي لا يمكن للاطراف مخالفته، ويتعين على المحكمة اثارته تلقائيا (12).

اما بالنسبة لاتفاقية هامبورغ لسنة 1978، فقد حددت اجل التقادم في مدة سنتين، وذلك من تاريخ تسليم البضاعة الى المرسل اليه او تسليم جزء منها او في حالة عدم التسليم، فمن اخر يوم كان ينبغي تسليمها فيه، استنادا الى المادة 20 منها، وقد تم تمديد الاجل الى سنتين وذلك بضغط من الدول النامية التي ساهمت في وضع الاتفاقية. وعلى هذا الاساس فان التشريع الوطني حدد اجل التقادم في سنة، في حين ان الاتفاقية تحدد الاجل في سنتين، فاذا ما تمت مقاضاة الناقل البحري خارج اجل السنة، واثار هذا الاخير الدفع بالتقادم استنادا الى الفصل 263 ق ت ب. فانه يتعين على المحكمة التصريح بسقوط الدعوى لتقادمها، ولكن مع ذلك قد يتمسك المرسل اليه بمقتضيات المادة 20 من الاتفاقية لعدم مرور اجل السنتين، وفي هذه الحالة تثور اشكالية تطبيق القانون الوطني ام الاتفاقية.
------------------------
(11) الملاحظ ان المشرع المغربي لسنة 1984 حافظ على مبدا عدم جواز مخالفة قواعد الاختصاص ومنح الاختصاص لمحكمة اجنبية، وذلك في الفصل 366 منه.
(12) يلاحظ ان المشرع المغربي سنة 1984 حدد هو الاخر اجل التقادم في مدة سنة الا ان هذا الاجل يسري من اليوم الذي تسلم فيه البضاعة الى المرسل اليه او جزء منها، وبالتالي لم يعتمد تاريخ وصول البضاعة، كما هو الامر بالنسبة للتشريع الحالي .
-----------------------
سادسا : بخصوص تحديد المسؤولية :
استنادا الى الفصل 266 من ظهير 16/9/1959، فانه في حالة عدم تضمين سند الشحن قيمة البضاعة، فان مسؤولية المجهز او الربان تحدد في مبلغ الف درهم للطرد، وذلك بالرغم من كل اتفاق مخالف .
بخلاف الوضع بالنسبة لاتفاقية هامبورغ، فقد حددت مسؤولية الناقل البحري في المادة السادسة منها عند عدم تحديد قيمة البضاعة في سند الشحن في مبلغ يعادل 835 وحدة حسابية عن كل طرد او وحدة، او في مبلغ يعادل 2,5 وحدة حسابية عن كل كيلو غرام من الوزن القائم للبضاعة الهالكة المتضررة.

وعلى هذا الاساس عندما لا تتضمن وثيقة الشحن قيمة البضاعة، فانه يبقى من حق الناقل البحري الدفع بمقتضيات الفصل 226 ق ت ب وتحديد مسؤوليته على اساس 1000 درهم للطرد الواحد، في حين قد يتمسك المرسل اليه بمقتضيات المادة السادسة من الاتفاقية، ويلتمس تحديد مسؤولية الناقل على اساس مبلغ يعادل 385 وحدة حسابية عن الطرد الواحد او على اساس 2,5 وحدة لحسابية عن كل كيلو غرام من الوزن القائم للبضاعة المتضررة، ما دام هو الاصلح له، وبالتالي يثور معه التساؤل حول تطبيق القانون ام الاتفاقية.

هذه اذن جملة من التساؤلات والاشكاليات التي ستطرح على القضاء المغربي بعد دخول اتفاقية هامبورغ حيز التطبيق والتنفيذ ابتداء من فاتح نوفمبر1992 وسيبقى للقضاء كلمة الفصل فيها، الا ان الذي تجدر ملاحظته في هذا الصدد هو ان مشروع قانون الملاحة التجارية لسنة 1984 قد تبنى احكام اتفاقية هامبورغ لسنة 1973 لا من حيث مدة المسؤولية ولا من حيث تحديد المسؤولية، ولا من حيث الاجراءات المسطرية لرفع دعوى المسؤولية، وانه بدخول المشروع هو الاخر حيز التنفيذ، ستصبح مسؤولية الناقل البحري منظمة وغير متعارضة مع الاتفاقية .
-------------------------
(13) وحدة حسابية تعادل تقريبا مبلغ 4000 درهم و2,5 وحدة حسابية تعادل تقريبا 12,5 درهم ( راجع في هذا الصدد رسالة د. الحاتمي فريد، النقل البحري للبضائع على ضوء التشريع المغربي) صفحة 334.
الملاحظ ان المشروع المغربي لسنة 1984 قد اخذ بنفس المقتضيات الخاصة بتحديد المسؤولية الوارد عليها النص في الاتفاقية، وذلك في الفصل 361 منه.
-----------------------

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 66، ص 77.

0 التعليقات:

Post a Comment