تصفية التركة وقسمتها

للأستاذ محمد الرافعي
المستشار بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء

تمهيد :
موضوع تصفية التركة وقسمتها هو المقصود من دراسة علم الفرائض واما غيره من تصحيح مسائل الورثة فهو كله وسيلة لكيفية قسمة الاموال وايصالها الى اصحابها على قدر سهامهم (1).
وقد تعرض قانون الاحوال الشخصية المغربي لهذا الموضوع في البابين التاسع والعاشر من الكتاب السادس في الفصول :
270 الى 297. واحال في هذا الفصل الاخير على الراجح او المشهور او ما جرى به العمل من مذهب الامام مالك (2).
--------------------------
(1) انظر ص 221/ ايضاح الاسرار المصونة في الجواهر المكنونة لاحمد الرسموكي، وانظر كذلك ص 148/1 فتح القريب المجيب فقد نقل : " ولو قلنا هو ثمرة الفرائض ونتيجتها لم يكن ذلك بعيدا".
(2) الراجح ما قوى دليله، والمشهور ما كثر قائله، وما به العمل هو القول الضعيف الذي حكم به لقضاة العدل، وقد نظم ابو الشتاء ذلك فقال :
ان يكـــن الدليـــــل قد تقـوى فراجح عندهم يسمــــــــــــى
والقول ان كثر من يقول بـه يسمى بمشهور لديهم فانتـبه
والعمل هو الضعيف قد حكم به قضاة العدل رعيا للحكـــم
مشهورهم لراجح تعارضـــا يقدم الراجح وهو المرتضى
وقد العمل حيث ما جــــــرى على سواه مطلقا بلا مــــــرا
ص 40، منهاج الناشئين.
-------------------------
وبناء عليه سأتناول دراسة هذا الموضوع في مبحثين اثنين : الاول اخصصه لموضوع تصفية التركة اذ هو يسبق قسمتها على الورثة واخصص الثاني لدراسة تسليم التركة وقسمتها على الورثة. واركز في دراستي هاته على مذهب الامام مالك باعتباره المذهب الرسمي للدولة وأقارن ان اقتضى الحال بالمذاهب الاخرى.

وتجرد الملاحظة ان موضوع تصفية التركة وقسمتها تعرض له قانون المسطرة المدنية في الفرع العاشر من الباب الثالث المتعلق بالمساطر المتعلقة بالاحوال الشخصية وذلك في الفصول 243 الى غاية الفصل 262.
واحكام هذه الفصول تكاد لا تتعارض مع فصول مدونة الاحوال الشخصية الانفة الذكر اللهم الا ما كان من بعض الاضافات سأنبه عليها في حينها. والله الموفق للصواب.

المبحث الأول
تصفية التركة
من المعلوم ان التركة تتعلق بها حقوق غير حق الارث وهي تعطى بالاسبقية وحسب الترتيب المنصوص عليه فقها وقانونا (3).
ومن المعلوم كذلك ان حق الارث وهو في المرتبة الاخيرة لا ينقل لمستحقه شرعا الا بموت مالكه وبعد تصفية التركة (4).
------------------------
(3) انظر نص الفصل 218 من مدونة الاحوال الشخصية المغربية وانظر قول خليل : باب يخرج من تركة الميت حق. تعلق بعين …." وشراحه في هذا الباب. وانظر كذلك ص 23 وما بعدها من مذكرات الاستاذ الادغيري عبد السلام.
(4) الفصل 219 م ح ش.
-----------------------
أولا : فيما هي هذه التصفية ؟
في حياة الموروث تكون ذمته المالية هي اساس التعاقد، لكن بموته تنتهي ذمته، ويصبح ماله عليه من ديون للتركة وعليها فتكون لها الشخصية الاعتبارية في لغة القانون، لان الذمة عند المالكية لا تبقى عبد الموت لانها صفة من صفات الحياة فتزول بزوالها والدين يتعلق بالتركة نفسها لا بذمة الميت (5).
واذن الامر يحتاج الى عدة اعمال حتى تسدد ديونها وتنفذ وصاياها، ثم ما بقي بعد هذا يقسم على الورثة كل حسب نصيبه الشرعي .
فالمراد بالتصفية على هذا هي مجموع الاعمال التي غايتها حصر حقوق المتوفى والتزاماته واداء الحقوق المتعلقة بالتركة لاصحابها من الدائنين والموصى لهم والورثة (5 م).

وقد ذكر الدكتور يوسف موسى : ان الفقه الاسلامي عني عناية شديدة بما يسمى اليوم ( تصفية التركة) وذلك ضمانا لاصحاب الحقوق المتعلقة بالتركة حتى لا يبغي بعضهم على بعض ومن اجل هذا بين الفقهاء ما يقع على عاتق وصي الميت المختار من تبعات وما يصح او لا يصح من تصرفاته في التركة، كما قرروا ان للقاضي - بما له من الولاية العامة - ان ينصب وصيا اذا لم يكن الميت قد اختار حال حياته وصيا بعد وفاته" (6).
---------------------------------
(5) انظر ص 99/9 الوسيط للسنهوري. وقد ذهب الى اعطاء وصف الشخص الاعتباري للتركة الدكتور عبد الفتاح عبد الباقي قائلا :
" ان مؤدى قاعدة الا تركة الا بعد سداد الديون هو الا توزع اموال المتوفى على ورثته الا بعد وفاء ديونه، واذا ان الامر هكذا فان القانون يفترض بالضرورة وجود شخص تنسب له هذه الاموال الى حين توزيعها على الورثة ولايجاد هذا الشخص، علينا ان نختار بين امرين فاما ان ناخذ بما قاله الشرعيون من اعتبار الشخص بعد موته حيا حكما حتى تسدد ديونه، واما ان نقرر ان شخصية الانسان تنتهي بموته ولكن بعد موته يوجد شخص معنوي جديد هو التركة…. ومما يؤد الامر الاول هو ان الشريعة لا تعرف فكرة الشخصية المعنوية …. ولكنني أميل مع ذلك الى الاخذ بالامر الثاني واعتبار التركة شخصا معنويا يتملك اموال المتوفى ويلتزم بديونه حتى تسدد لان احكام القانون تشف عن الرغبة في اعتبارها شخصا معنويا …..".
انظر ص 67-68 نظرية الحق قلت : ما اشار اليه عبد الفتاح من ان فقهاء الشريعة يعتبرون الشخص بعد موته حيا حكما حتى تسدد ديونه هو مذهب الحنفية والشافعية لان الدين عندهم يبقى في ذمة الميت حتى بعد موته وهو احدى الروايات الثلاث عن ابن حنبل.
وما اشار اليه من نصوص القانون المدني الصريح تشف عن الرغبة في اعطاء وصف الشخص الاعتباري للتركة، نفس الراي يقال بالنسبة لنصوص مدونة الاحوال الشخصية المغربية وكذلك فصول المسطرة المدنية فقد ورد في الفصل 272 مثلا " لا يجوز لاي وارث قبل تصفية التركة ان يتصرف في مال التركة …" فهو قد نسب المال للتركة، وجاء في الفصل 279 " نفقات التصفية على التركة" …. الخ .
(5 مكرر) ( انظر الهامش رقم 1 ص 141 التركة والميراث في الاسلام للدكتور محمد يوسف موسى)
(6) ص 141، التركة والميراث في الاسلام.
---------------------------------------
وموضوع تصفية التركة قبل قسمتها متداخل مع ما يسمى في الفقه الايصاء بالنظر، فقد ذكر الفقهاء هناك شروط الوصي المختار وموجبات عزله، وما هي الاعمال التي له القيام بها الى غير ذلك من الامور التي تعتبر من قبيل تصفية للتركة (7).
لكن لفظ التصفية والمصفي دخيل على الفقه الاسلامي وان نظام التصفية الذي قننته القوانين الوضعية يختلف في بعض اموره عما عليه الشان في الفقه(*).

وقد ذكر ابن عبد البر القرطبي انه ( ينبغي للمرء ان يتخير الوصي لتنفيذ وصيته وللنظر على بنيه اذا اراد ذلك، واذا اوصى الى رجل غير مامون كان للحاكم ان يفسخ وصيته وينقلها الى غيره لان المال للورثة فاذا اخطا الميت في النظر لهم كان الحاكم ناظرا لهم … واذا كان في تركة المتوفى رقيق وماشية ودواب، فمن حسن نظر الوصي بيع الرقيق، ولا باس ان يحبس منهم للخدمة من فيه نصح وكفاية او من يصلح من الإماء للحضانة، واما دواب النتاج فان كان النظر حبسها لفضل نتاجها في ذلك الموضع وذلك الزمان حبسها الوصي على الايتام والا باعها وعوضهم ما هو اغبط، واما الماشية وهي الابل والبقر والغنم فان كان يدويا فكان في حبسها نظر وغبطة للأيتام حبست عليهم والا بيعت ونظر في ثمنها، واما الرباع والحوائط (7 م) فلا يباع شيء منها على يتيم الا عن حاجة او ما يخشى تهدمه او ما لا عائدة ولا مرد فيه او ما جاوره ذو يسار او سلطان فزاد في ثمنه زيادة بينة فيباع منه على ان يعوض الأيتام بالثمن ربعا يكون أبين نفعا … الخ (8).

وقد تعرض ظهير مدونة الاحوال الشخصية لمهام الوصي والمقدم في الباب الرابع من الكتاب الرابع والباب السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر أعني الفصول 147 الى غاية 172 …
-------------------------------
(7) انظر قول خليل : وانما يوصى على المحجور عليه أب وصية كأم ان قل …. وقوله : وللوصي اقتضاء الدين وتأخيره بالنظر والنفقة على الطفل الخ وللتوسعة اكثر ننظر الصفحات 245 وما بعدها من الجزء الاول / مواهب الخلاف.
(*) انظر ص 64-65 وما بعدها من احكام التركات والمواريث للامام محمد ابي زهرة .
(7 مكرر) قال ابو الشتاء : واعلم ان الاصل هو الارض وما عليها من بناء وشجر، ثم البناء يسمى رباعا واصلا والاشجار تسمى بساتين وحوائط واصولا والارض تسمى عقارا لانها تعقر السكة والفأس وتسمى اصلا ايضا ص 256/1 مواهب الخلاف .
(8) انظر ص 1031 - 1033/2 الكافي في فقه اهل المدينة المالكي .
-------------------------------
ثانيا : كيفية تعيين المصفي
والمهم من هذا انه ليس للقاضي ان ينصب وصيا لتصفية التركة وتنفيذ ما عليها من حقوق اذا كان المتوفى قد اختار وصيا قبل موته (9).
وينبغي له ان ينصب مصفيا للتركة من ضمن من يتفق الورثة على اختيار ه والا أجبرهم على ذلك اذا راى موجبا لتعيينه على ان يكون من الورثة بقدر المستطاع وذلك بعد سماع أقوالهم وتحفظاتهم وذلك فيما اذا تعلق بالتركة حق عام او طلبه احد الرشداء من الورثة او كان فيهم قاصرون لا وصي لهم وكذلك اذا كان احدهم غائبا، لان القانون المغربي في الفصل 270 من المدونة والفصل 222 من قانون المسطرة المدنية أوجب على القاضي ان يتخذ عند الاقتضاء جميع ما يجب من الاحتياطات المستعملة للمحافظة على التركة. كما خوله بصفة خاصة الحق في ان يقرر وضع الأختام وايداع النقود والاوراق المالية والاشياء ذات القيمة، والمسطرة المتبعة في ذلك منصوص عليها في الفصول 221 الى 240 من قانون المسطرة المدنية المغربية (10).

وما يتعين عليه اتخاذه اعلاه يكون اما بمبادرة منه اذا كان في الورثة قاصر لا وصي له او كان احدهم غائبا واما بناء على طلب من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية اذا كان الهالك أمينا عموميا، وفي هذه الحالة لا تتخذ الاجراءات المذكورة الا بالنسبة للاشياء المودعة وغرف المسكن التي توجد فيها، واما بطلب من القاصر، كما يمكن له ذلك اذا طلبها احد المعنيين بالامر وكان هناك ما يبررها " الفصل 223 من ظهير المسطرة المدنية".
----------------------
(9) انظر مقتضيات الفصل 157 و195 من مدونة الاحوال الشخصية فقد نص على ما يقوم به الوصي من قبل الاب من الاعمال التي يقوم بها المصفي وظهير المدونة المغربية لم يوجب على القاضي - كما هو الشان في القانون المصري المادة 878 - اقرار تعيين الموروث وصيا للتركة، بل كل ما في الامر انه نص في الفقرة الثانية من الفصل 151 : تعرض الوصاية بمجرد وفاة الاب على القاضي لتثبيتها" وحسنا فعل ظهير المدونة المغربية اذ هو بذلك ينسجم مع ما سار عليه الفقه المالكي والحنفي من ان المرء "المرء اذا اوصى الى رجل غير مامون كان للحاكم ان يفسخ وصيته وينقلها الى غيره" ص 1031/2 الكافي لابن عبد البر، وجاء في مختصر الطحاوي ما يشبه هذا حيث قال : " الاوصياء الاحرار البالغون على ثلاث مراتب : وصي مامون على ما اوصى به اليه مضطلع بالقيام به، فلا ينبغي للحاكم ان يعترض عليه فيما اوصى به ما لم يعلم منه خروجا عن الواجب فيه الى غيره …."
(10) ما ذكر اعلاه من الاحكام يتمشى مع ما سار عليه الفقه الاسلامي من للحاكم نصب وصي في ثلاث حالات: اذا كان في التركة دين او كان فيها وصية او كان في الورثة صغير وذلك للقضاء والتنفيذ وحفظ الصغير نفسه وماله. اداب الاوصياء على هامش جامع الفصولين ج 2 ص 99 نقلا عن هامش ص 142 التركة والمواريث في الاسلام للدكتور محمد يوسف موسى.
------------------------
ثالثا : مهام المصفي :
يعين القاضي للمصفي مهامه التي عليه ان يقوم بها برسم تعيينه الذي يحدد فيه علاوة على ذلك الاجل الذي يتعين فيه على المصفي ان يقدم نتيجة احصاء التركة ( الفصل 276-277 من ظهير مدونة الاحوال الشخصية) والفصل 246-247 من ظهير المسطرة المدنية)
ومن اول هذه المهام التي يتعين المبادرة بها قيامه باحصاء جميع ممتلكات الهالك بواسطة عدلين طبقا لقواعد الاحصاء الجاري بها العمل اذ يعين القاضي تلقائيا او بطلب كل من له مصلحة عدلين للقيام بذلك بحضور الاطراف او ممثليهم، واذ لم يتات استدعاء احد الاطراف لبعد او غيبة او غير ذلك عين القاضي من يمثله، ويشتمل رسم الاحصاء المذكور على التاريخ وبيان من قام به ومكانه والاطراف الذين طلبوه، وتعيين وتقويم الاموال العقارية ان وجدت والسندات والمنقولات والقيم والنقود ( ف 241 من ق م م (10 م) .

ورسوم التركة وتقييد المختلف عن الميت لا يكون حجة على غيره من توافقوا عليه من الورثة فان شهد عليهم بالحضور والموافقة كانت حجة على المتوافقين عليها دون غيرهم نقله في المعيار وعلله بان ما فيها مجرد حكاية وقع إملاؤه على العدلين ولا حجة فيه على غير المشهود عليهم بالموافقة (11).

ويجب عليه ايضا القيام بالبحث عما للتركة من ديون لها او عليها ( ف 249/2/ ق م م). واذا انقضى الميعاد المحدد لتقديم الاحصاء قدم قائمة مفصلة يثبت فيها جميع ما خلفه الهالك من عقار ومنقولات، ويجب عليه ان يثبت في هذه القائمة ما تكشف عنه اوراق الموروث وما هو ثابت في السجلات العامة من حقوق وديون وما يصل الى علمه من أي طريق كان ( ف 250 من ق م م وف 281 من مدونة الاحوال الشخصية) وعليه - اثناء التصفية القيام بما يلزم من اعمال الادارة والنيابة عن التركة في الدعاوى اذ تجري في حقه احكام الوكالة بعوض ولو لم يكن مأجورا (12). واستيفاء ما لها من ديون قد حلت وذلك بالطبع بعد اثبات الموجبات المنصوص عليها فقها. وهي اثبات موت الدائن وعدة ورثته واثبات الدين الذي له الغير وصدور الحكم بذلك لقول الزقاق .
ومن يدعي حقا لميت ليثبتن له الموت والوارث بعد لتفصلا
------------------------
(10) مكرر
(11) انظر شراح لامية الأحكام لدى قول الزقاق ولا يشمل الإشهاد بالحق مسندا لزيد على عمر وسواه من الحلا.
وانظر كذلك ص 217/3 ( المنهل العذب السلسبيل)
(12) الوكالة باعتبار لزومها بالعقد او الشروح وعدم لزومها بواحد منهما فيها تفصيل وحاصله ان كل وكيل مفوضا كان او مخصوصا ممكن عزله كما له هو ان يتخلى عن الوكالة ويعزل نفسه متى شاء وهذا اذا كان بغير عوض لان الوكيل بعوض من السبعة الذين لا يعزلون وهو المشار اليهم بقول الزقاق
سوى وكيل خصام ان نزاع تحصلا ولا عذر او ذي الاجر والعرس
الخ.
فالوكالة عن طريق الاجارة تلزم الموكل والوكيل بالعقد ان كانا راشدين طائعين، انظر ص 125 وما بعدها من الجزء الثاني لمواهب الخلاف.
-------------------------
ويقوم المصفي كذلك بعد استئذان القاضي وموافقة الورثة بوفاء الديون التي على التركة المتعين قضاؤها بعد ثبوت الموجبات اعلاه الا انه هنا تجب يمين القضاء على رب الدين (13).
وهذا في حال حياة رب الدين، واما اذا كان الدين لميت على ميت لم يحلف الا من يظن به العلم من ورثة الدائن وممن يظن به ذلك الزوجة لان الغالب انها تعرف حال زوجها.
اما اذا كان الورثة كلهم لا يظن بهم العلم بان كانوا صغارا او كانوا كبارا ولكنهم كانوا غائبين وانما حضروا بعد موت موروثهم فلا يمين عليهم ويقبضون دينهم بدونها (14).
والاستيفاء المذكور يكون بعد حلول اجل الديون التي هي للموروث، اما اداء ما عليه فيحل ولو كان مؤجلا بموته طبقا لقول ابن عاصم.
وحل ما عليه من ديون اذ ذاك كالحلول بالمنون (15).
واما الديون التي وقع النزاع فيها فتسوى بعد الفصل فيها نهائيا ( ف 254 من ق م م وف 285 من م ح ش).
-------------------------
(13) هي في الحقيقة يمين نفي القضاء، فهي على حذف مضاف والاصل فيها الاستحسان وتسمى يمين الاستبراء لطلب حالفها البراءة من دعوى مقدرة وهي دعوى الغريم البراءة من الحق، وقد أوجبت احتياطا لحق من لا يتاتي له الدفع عن نفسه وجمع النظائر التي تجب فيها هذه اليمين سيدي احمد بن القاضي بقوله :
اذا كان دين على ميــــــــــت وذي غيبة وصبي وجنـــــــون
يميـــن القضـــاء على مــدع عليهم حقوقا قضى الحاكمون
كذاك على الحبس او بيت ما ل وما ما للمساكين فالعالمون
حكوه وفي مستحـق العروض وفي الحيوان لـــه مثبتــــــون
انظر ص 20-21/2 مواهب الخلاف.
(14) انظر ص 23/2/ مواهب الخلاف .
(15) انظر ص 241/2 ميارة على التحفة وص 46 وما بعدها من كتاب مسائل الديون - وبحلول الدين المؤجل بموت المدين قال الشعبي والنخعي وسوار ومالك والثوري والشافعي واصحاب الراي وهو احدى الروايتين عن احمد، وعلة ذلك انه لا يخلو اما ان يبقى في ذمة الميت او الورثة او يتعلق بالمال ولا يجوز بقاؤه في ذمة الميت لخرابها وتعذر مطالبته بها، ولا ذمة الورثة لانهم لم يلتزموها ولا رضى صاحب الدين بذمتهم وهي مختلفة متباينة ولا يجوز تعلقه على الاعيان وتاصيله لانه ضرر بالميت وصاحب الدين ولا نفع للورثة فيه.
ص 482/4 المغني
-----------------------------
وفي حال اعسار التركة او احتمال ذلك يجب على المصفي ان يوقف تسوية أي دين ولو لم يقم في شانه نزاع حتى يفصل نهائيا في جميع المنازعات المتعلقة بديون التركة ( ف 255 من ق م م) ( ف 286 من م ح ش) والدائنون للتركة في حال النزاع لا يكلفون بالحصر اعني اثبات انه لا يوجد دائن غيرهم بخلاف الورثة فان القاضي لا يقسم عليهم حتى يكلفهم ببينة تشهد بحصرهم وموت موروثهم ورتبتهم من الميت قال ابو الشتاء :
" وذلك لان عددهم معلوم بالجيران واهل البلد فلا كلفة في الاثبات عليهم، واما الديون ومقاديرها ولمن هي فيعسر الاطلاع عليها وكثيرا ما يقصد الناس الى كتمانها قاله ابن عبد السلام (6)".

وتجدر الملاحظة ان وفاء ديون التركة يقوم به المصفي مما يحصله من حقوقها وبما تشتمل عليه من نقود ومن ثمن ما في التركة من منقول فان لم يكن كل ذلك كافيا فمن ثمن ما بقي بذلك من عقار التركة، وبيع منقولات التركة وعقاراتها يكون بالمزاد العلني الا اذا اتفق الورثة على ان يتولوا ذلك لانفسهم بقيمته المقررة من طرف الخبراء او بواسطة المزايدة فيما بينهم مع مراعاة المقتضيات المتعلقة بالقاصرين ( ف 256 من ق م م وف. 287 من م ح ش).

والمقتضيات المتعلقة بالقاصرين في الموضوع الانف الذكر منصوص عليها في الفصول 201 الى غاية الفصل 211 من ظ م م والفصل 158 و159 من ظ ح ش وبيان ذلك انه لا يجوز للوصي او المقدم ان يباشر التصرف في عقار القاصر او المهم من امواله بالبيع والشراء او الشركة او الاقراض او الرهن او القسمة او المخارجة او أي نوع من انواع التصرفات المرتبة لحق عيني او المفوتة لاصل او ما يؤدي الى تفويته الا باذن القاضي ولا ياذن هذا الاخير في بيع العقار الا بعد ان يثبت لديه بحجة شرعية :
1- ان الضرورة تدعو لبيع العقار .
2- وان هذا العقار هو الاولى بالبيع من غيره.
3- وان يكون البيع بالمزاد العلني .
4- وان لا يوجد زائد على الثمن الذي أعطي فيه .
5- وان يكون الثمن نقدا وحالا .
----------------------------
(16) ص 251-252/1 مواهب الخلاف.
---------------------------
وذكر التاودي على لامية الاحكام ان الحاكم لا يبيع الا بثبوت يتم المحجور واهماله وملكه لما بيع، وان المبيع هو الاولى وان يكون البيع المذكور بالتسوق. وهو اظهار المبيع للبيع والمناداة عليه مرارا لحصول الرغبة فيه - وعدم الفاء زائد، والسداد في الثمن أي عدم النقص فيه، وكونه عينا حالا لا عرضا ولا مؤجلا، وكونه بالخيار اياما ثلاثة، ومن الشروط كذلك حيازة الشهود له اهـ. بتصرف (17).

ونقل ابو الشتاء في حاشيته له ما نصه : " وحاصل ما أفاده خليل في هذا المقال مع شراحه ان بيع الحاكم يكون بشروط ثلاثة عشر :
دعاء الضرورة لوفاء دين ونحوه من كل ما يبيع له الوصي، وثبوت يتمه واهماله وملكه لما اريد بيعه بالنسبة للاصول وثبوت انه الاولى بالبيع ان كان له غيره وحيازة الشهود (8) والتسوق بالمبيع (19) او تقويم عارف له وعدم الفاء زائد على الثمن الذي اعطي فيه، والسداد في الثمن. وكونه عينا، وكونه حالا، والتصريح باسماء الشهود على المعمول به". اهـ (20).

ويظهر من عرض النصوص الفقهية اعلاه ونص الفصل 159 وغيره من نصوص مدونة الاحوال الشخصية وكذا المسطرة المدنية، ان بعض الموجبات لم يذكرها القانون، ولكن ختم الكتاب المتعلق بالموضوع في الفصل 172 بالنص على الرجوع الى الراجح او المشهور او ما جرى به العمل من مذهب الامام مالك في كل ما لم يشمله هذا القانون فيه متنفس للقاضي العدل الذي ينشد الحفاظ على مصالح القاصرين اليتامى، ذلك ان الموجبات المنصوص عليها فقها أضمن وأحوط في الابقاء على اموال المحجور، والحفاظ عليها من ايدي العابثين.

فاذا وقع ونزل ان القاضي باع تركة أيتاما قبل اثبات الموجبات، هل يحمل فعله هذا على ان البيع محمول على استيفاء الموجبات ؟ او محمول على غير وجود الشروط ؟
---------------------------
(17) ص 248 249/1 مواهب الخلاف.
(18) حيازة الشهود هنا المقصود بها بيان الحدود وهذا ما لم تتضمن بينة الملك حدود الاصل وسائر ما يتميز به وما لم يتفق الخصمان على الحدود. قال ابن عاصم :
وناب عن حيازة الشهود توافق الخصمين في الحدود
انظر ص 148 حاشية الوزاني على التاودي على اللامية طبعة حجرية.
(19) التسوق هو النداء عليه للبيع بالسوق وشهرته فيه وهو المعبر عنه بالمزايدة العلنية قال في العمل المطلق: وبيعه على اليتيم كله " على المزايدة هذا اصله ص 148 - 149 ن م س.
(20) ص 249/1 مواهب الخلاف.
--------------------------
اختلفت نقول الفقهاء في ذلك فنقل التاودي قول البرزلي (21) بان القاضي الذي باع تركة قبل اثبات الموجبات أفتى السيورى بنقض البيع، وان فات لزمه المثل في المثلي والقيمة في المقوم يوم البيع اهـ.
وقد استصوب كلام السيوري ابو الشتاء قائلا : " ان بيع القاضي محمول على غير وجود الشروط وهو الصواب خلاف ما في الكراس الاول من معاوضات" المعيار ونوازل ابن رشد من ان بيع القاضي محمول على استيفاء الموجبات وعل من ادعى انخرامها اثباته …. (22)

اما الاسباب التي تباع لها اصول المحجور فهي ان يكون به ضرورة الى كسوة او نفقة او قضاء دين او ما لابد منه وليس له ما تندفع به حاجته، وان يكون في بيعه غبطة (23)، او يخاف عليه الهلاك بغرق او خراب (24) ومن الحاجة الزواج ان احتاج اليه.
وحاصل الامر - كما قال ابن قدامة - انه لا معنى لتقييد البيع بما ذكره في الجواز ولا في المنع، بل متى كان بيعه احظ له جاز والا فلا (25)

هذا واذا تولى المصفي تسوية ديون التركة التي لها او عليها طبق ما ذكرته آنفا فانه يتولى بعد ذلك تنفيذ الوصايا لتسلم اموال التركة المتبقاة الى الورثة حسب نصيب كل واحد شرعا وذلك مصداقا لقوله تعالى :
{ من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار}
وتنفيذ الوصايا يقوم به من اسند اليه الموصي ذلك اعني الوصي المختار فان لم يوجد فالمصفى المعين من طرف القاضي، واجراءات التنفيذ منصوص عليها في الفصول 195 الى 211 من مدونة الاحوال الشخصية، ويتم التنفيذ المذكور في ثلث الباقي من التركة بعد اخراج الحقوق المتعلقة بالعين وبعد التجهيز وقضاء الديون المطلقة لقول خليل في المختصر " يخرج من تركة الميت حق تعلق بعين كالمرهون وعبد جنى ثم مؤن تجهيزه ثم تقضى ديونه، ثم وصاياه من ثلث الباقي" اهـــ. وهكذا على الترتيب المذكور .
----------------------------
(21) البرزلي اهو ابو القاسم بن احمد القيرواني المتوفى سنة 844 هــ احد ائمة المالكية في المغرب سكن تونس وانتهت اليه الفتوى فيها وكان ينعت بشيخ الاسلام. انظر الاعلام.
(22) ص 250/1 مواهب الخلاف.
(23) الغبطة هي ان يدفع فيه زيادة كثيرة على ثمن المثل قال ابو الخطاب : كالثلث ونحوه.
(24) انظر ص 266/4 المغني لابن قدامة، وص 261/1 التاودي على اللامية بحاشية ابي الشتاء لدى قول الناظم سوى لحاجة او لما يخشى من الهدم او جلا، ولا مال للاصلاح او كان راجحا كدين …
(25) ص 267/4 المغني .
---------------------------
هذا عن نظام التصفية الذي احدثه ظهير مدونة الاحوال الشخصية وظهير المسطرة المدنية المغربي شانه غيره من التشريعات العربية، وهو مع ما فيه من اوجه الشبه باحكام الايصاء بالنظر في الفقه الاسلامي، فان فيه بعض الاحكام التي انتقدت لمن لدن الفقهاء المعاصرين. فقد قال ابو زهرة :
" ولا شك ان تعيين مصف للتركة اذا كانت معسرة او مستغرقة بالدين امر لابد منه ولا ظلم فيه لاحد، بل هو تمكين صاحب الحق من حقه وقد اتفقت الشريعة مع القانون في ذلك، اما اذا كانت التركة موسرة او غير مدينة اصلا فاننا لا نجد مبررا لتعيين مصف الا اذا كانت ثمة ضرورة ملجئة لذلك" (26).

وعلل رايه هذا بان " القانون اعطى للمصفي سلطة مطلقة … في التركة ولم يجعلها مقصورة على العمل على تسديد الديون وتنفيذ الوصايا كما كان صنيع الشريعة الاسلامية بالنسبة للوصي، وبمقدار هذه السلطة الواسعة قطع الوارث عن املاكه قطعا تاما حتى انه ليعد مبددا ويعاقب ان استولى على شيء من اعيان التركة غشا ….. (27).
وما انتقده ابو زهرة على القانون المصري يتوجه على القانون المغربي الذي هو الاخر لم يجز في الفصل 272 من المدونة والفصل 252 من المسطرة المدنية لاي وارث قبل تصفية التركة ان يتصرف في ما لها الا بما تدعو اليه الضرورة المستعجلة ولا ان يستوفي ما لها من ديون او يؤدي ما عليها بدون اذن المصفي، والذي نص ايضا في الفصل 276 من المدونة والفصل 248 من قانون المسطرة المدنية على نفقات التصفية تتحملها التركة. كما نص في الفصل 523 من مجموعة القانون الجنائي على معاقبة الوارث الذي تصرف في التركة او في جزء منها بسوء نية قبل قسمتها ….
---------------------
(26) ص 65، احكام التركات والمواريث.
(27) ص 67-66، نفس المرجع السابق .
---------------------
ومنع التصرف على الوارث بهذا الاطلاق من طرف القانون لا يستقيم مع ما سار عليه الفقه الاسلامي بمذاهبه الاربعة ففي المسالة تفصيل اوجزه السنهوري بقوله :
" ويخلص مما قدمناه عن اختلاف المذاهب في هذه المسالة ان الاساس الذي يقوم عليه تقييد حق الوارث في التصرف قبل سداد الدين هو حماية الدائن، وليس هو انعدام الملكية او وجودها عند الوارث. واختلاف الاقوال يرجع الى اختلاف الطريقة التي يحمى بها حق الدائن، فمن الاقوال ما يمعن في حماية الدائن الى حد ان يبطل تصرف الوارث قبل سداد الدين، وهذا قول في كل من مذاهب الاربعة، ومنها ما يجعل تصرف الوارث صحيحا بشرط الا يمس حق الدائن فينفذ التصرف باجازة الدائن او بنزوله عن دينه او ببقاء مال في التركة يكفي سداد الدين، وهذا قول اخر في كل من المذاهب الاربعة كذلك" (28).

المبحث الثاني
قسمة التركة
1) تسليم ما بقي من اموال التركة بعد تصفيتها للورثة :
بعد تنفيذ التزامات التركة يتسلم الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي ما نابه مما بقي منها، ولكل من استحق هذا النصيب بطريق الفرض او التعصيب او الوصية الحق في ان يطلب تمييزه بطريقة شرعية ( ف 291 م ح ش) اذ لا يجبر احد على البقاء على الشياع.
ويقرر الفصل 294 من المدونة انه تسري على قسمة التركة القواعد المقررة في القسمة.
والحكمة في مشروعية القسمة ازالة ضرر الشركة من اصله او التقليل منه فقط.
والاموال التي يتسلمها الورثة بعد تنفيذ التزامات التركة تعتبر مملوكة لهم من وقت موت موروثهم لا من وقت التسليم فسحب، ولكنهم لا يستطيعون التصرف فيها الا من وقت التسلم (29).
ولكل وارث - للوصول الى تسلم ما ذكر اعلاه - الحق في ان يتسلم من العدلين نسخة من اراثته ونسخة من زمام التركة (30) ( ف 290/ المدونة).
----------------------------
(28) ص 344- 345/4 الوسيط - وانظر ايضا قول الشيخ محمد عبد الرحيم الكشكي : " قد قال بصحة التصرف في التركة المدينة كثير من المالكية وكثير من الحنابلة، وبعض الحنفية سواء أكان الدين محيطا او غير محيط، بشرط ان لا يمس حقوق الدائنين ولم يتضرروا به كان ياذنوا فيه قبل ان يباشره الوارث او ان ينزلوا عن ديونهم او يبقى من التركة بعد التصرف ما يكفي لسدادها" ص 199/ التركة.
وفي المذهب المالكي اذ باع الورثة بعض الاملاك قبل اداء الديون هل يصح البيع اذا بقي من الاملاك ما يفي بالدين ؟ قال ابن القاسم لا يبطل البيع ولا تضرهم الجهالة، واستظهر ابن رشد قول ابن القاسم وأفتى به وقال اشهب يبطل البيع وقال سحنون انه جائز - ص 191/2/ المنهل العذب .
(29) ص 177/9 الوسيط
(30) كيفية تحرير زمام التركة بطالعة تتضمنها وفاة رب التركة وورثته ووصيته او تنزيله وتوكيل احد الورثة ان كان شيء من ذلك وتؤرخ الطالعة ثم تسطر الاصول التي خلفها الهالك كل واحد بقيمته التي قومه بها السمسار ثم يقيد الاثاث ويشمل اللباس والفراش وتذكر قيمة واحد او ثمنه معه، ثم تبين الصوائر التي خرجت من المتخلف وتبين مقدار ما بقي للقسم بين الورثة وواجب كل وارث منه.
ص 630/2 التدريب على تحرير الوثائق العدلية
---------------------------
وهذه النسخة من الشهادة تعتبر ورقة رسمية تقرر حقه في الارث وتبين مقدار نصيبه في التركة وتعين اموال التركة التي آلت اليه بعد التصفية .
ورغم ما ذكر فانه يجوز للورثة قبل نهاية التصفية وبمجرد تمام احصاء التركة المطالبة بان يتسلموا على الحساب الاشياء او النقود التي لا يتوقف عليها في تصفية التركة بان كانت في حالة يسار مثلا، وان يتسلموا بعضا منها بشرط الا تتجاوز حظهم في الارث الا اذا رضي الورثة جميعا ذلك ( ف289/ المدونة).

2) قسمة التركة :
سبق او اوضحت انه لا يجبر احد على البقاء على الشياع فلكل من استحق نصيبا من التركة بطريق الفرض او التعصيب او الوصية الحق في ان يطلب تمييزه بطريقة شرعية ( ف 291 من المدونة).
لكن قد يتفق الورثة فيما بينهم على اجراء عقد مخارجة بينهم (31) وفي الاغلب الاعم لا يتفقون وهنا يرفع الراغب منهم في القسمة الامر الى القاضي الذي يجريها طبقا للموجبات الشرعية ( ف 292/ المدونة).

والاجراءات المستعملة في ذلك تكون كالتالي :
يرفع الراغب في القسمة طلبه الى المحكمة الابتدائية لمحل افتتاح التركة ( ف 258 من ق م م).
ويشترط في سماع دعوى من يقوم بطلب قسمة مال الموروث ممن هو بيده من بعض ورثته او يوجه الدعوى على جميع الشركاء مع اعمال الموجب فيها، وينظر هل هم كلهم رشداء او معهم محاجير حسب الاراثة اذ لو سمعت دعوى المدعي ووقع القسم بمقتضاها على البعض دون الجميع للزم بمقتضاها التصرف في ملك شخص من غير سماع ما عنده وهو ممنوع ولكان القسم فاسدا شرعا،
-----------------------------
(31) افاد الفشتالي وغيره من المخارجة هي القسمة لا فرق بين العبارتين ص 163/ شرح الهواري على الوثائق الفرعونية، وانظر كذلك ص 310/2 التدريب على الوثائق العدلية لابي الشتاء بن الحسن الغازي.
وفي المدخل الفقهي العام ص 555/1 ما يفيد ان بين النوعين فرقا اذ اوضح ان المخارجة نوع من الصلح وفيه تبحث اذ هي قد تجري بين الوارث والوارث وبينه وبين الاجنبي يبيع منها حصته من تركة موروثه فيخرج منها ويحل محله مشتريها، بينما القسمة افراز الحصص الشائعة في الملك المشترك وتخصيص كل منها بجزء معين منه، وهي اما رضائية او قضائية. اهــ.
قلت ويظهر مما تقدم ان بين العبارتين فرقا، ولعل ذلك ما دفع مقنن مدونة الاحوال الشخصية المغربية الى ذكرهما معا في الفصل 158 حينما ذكر التصرفات التي لا يجوز للوصي او المقدم ان يباشرها الا باذن القاضي وهي التصرف في عقار القاصر او المهم من امواله والشراء او الشركة او الاقراض او الرهن او القسمة او المخارجة ….
------------------------------
ولان القسمة الشرعية لا تجوز الا مع حضور جميعهم بعد ثبوت موجباتها نقله الرهوني في حاشيته لدى قول خليل في باب الرهن : وصح مشاع وحيز بجميعه ان بقي فيه الراهن (32).
واذا رفع الوصي او الورثة الامر الى القاضي ليقسم بينهم فانه لا يقسم حتى يقوموا باعمال الموجب وهو اثبات اصل الملك للموروث واستمراره وحيازته والموت والاراثة كما لابن فرحون وغيره وذكر في المعيار عن الامام السنوسي او العمل عليه ….. (33).
وتبقى بعد ذلك الامكانية للمحكمة في ان تامر بالقسمة البتية اذا كان المطلوب قسمه قابلا لها وينتفع كل بحصته بمدرك عليه او بدونه (*) واما اذا كان غير قابل لها ولا لانتفاع كل بحصته فتأمر المحكمة ببيعه جملة او تفصيلا بالمزاد العلني مع تحديد الثمن الاساسي للبيع (34) ( ف 259 من ق م م).

وتجدر الملاحظة الى ان هذه القسمة البتية بجميع انواعها تمنع :
1- في الاصول التي بها غلة غير مؤبرة سواء كانت تقسم مع غلتها او بدونها .
2- وفي الاصول بغلتها اذا اتفق الشركاء على تاخير جنيها الى طيبها او سكتوا عن تعيين وقت جنيها (35).
ولا تجوز قسمة شيء من الثمار في رؤوس الشجر غير النخيل والعنب وعلة الجوار في هذين الاخيرين انه يجوز الخرص فيهما (36) كما لا تجوز قسمة الزرع اخضر ولا يابسا حزما و مدروسا حتى يصفى ويقسم حبا بالكيل ولا يقسم جزافا ولا بظرف يتسع احيانا كالقفة وانما يقسم بمثل القصعة والجفنة والقلة أي بشيء ثابت تكون به الاقسام متساوية (37).
----------------------------
(32) انظر ص 267/5 حاشية الرهوني وص 223/3 المنهل.
(33) انظر باب القسمة 2 البهجة ص 134
(*) أي بمدرك له.
(34) ويسمى هذا النوع من القسمة قسمة التصفية.
(35) ص 318/2 التدريب لابي الشتاء والإيار في التمر هو التذكير وكذلك في كل ما يذكر والإيار فيما لا يذكر هو انعقاد الثمرة وإبار الزرع خروجه من الارض. ص 288/ القوانين الفقهية .
(36) ص 875/2 الكافي لابن عبد البر …. والخرص هو حرز ما على النخل من الرطب تمرا أي تقديره بطن انظر ص 128 المعجم الاقتصادي.
(37) ص 876/2 الكافي لابن عبد البر.
----------------------------
واذا وجد القاضي بعد رفع الطلب طلب القسمة اليه انه لا يملك وسائل التقدير الكافية لاعداد الحصص ندب خبيرا للقيام بذلك، وحين صيرورة الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به أجريت القرعة بواسطة كاتب الضبط الذي يسلم الأنصبة حالا لاصحابها ( ف 261 من ق م م) وقد لاحظ الاستاذ مامون الكزبري على انه لا موجب للاقتراع عندما تكون الحصص على اساس التجنيب لان الحصص عند اتباع هذه الطريقة انما يعين اصحابها منذ البدء (38).

وما دمنا بصدد بحث قسمة التركة فلابد من الاشارة الى ما نص عليه الفقهاء في الطرق التي استعملوها في قسم المتروك على أنصباء الورثة المقدرة شرعا بعد تصحيح المسالة وإزالة الانكسار والتوصل الى الجامعة في حال المناسخات، فقد ذكروا في ذلك ثلاثة طرق :
وبيان هذه الطرق بسهولة ووضوح .
1- ان تصحح الفريضة حتى تبلغ منتهاها عالت ام لا وتعرف سهام كل وارث منها فاذا أردت نصيب كل وارث فاضرب سهام كل وارث في التركة ثم اقسم على المسالة فما خرج فهو حصته مثاله زوج واخت للاب وام، والتركة عشرون الف درهما والمسالة من ثمانية بالعول، فاذا اردت نصيب الزوج والعشرين الف درهم ضربت سهامه وهي ثلاثة في قيمة التركة تخرج ستين الف درهم فاقسمها على ثمانية يخرج سبعة الاف خمسمائة درهم وهكذا في سائر الورثة.
2- ان توافق بين التركة والمسالة وتضرب سهام كل وارث في وفق التركة وتقسم الخارج على وفق سهام المسالة فما خرج فهو نصيبه من التركة، فالثمانية فيما تقدم توافق عدد التركة عشرين الف درهم في الربع فخذ وفقيهما اثنين وخمسة الاف، وحصة الزوج من الثمانية ثلاثة تضرب له في خمسة الاف وفق العشرين يكون خمسة عشر الف درهم تقسم على وفق الثمانية وهو اثنان يخرج له سبعة الاف وخمسمائة درهم ومثله للاخت والام.
3- ان تقسم التركة على سهام المسالة فما خرج فاضربه فيما بيد كل وارث والناتج هو نصيب الوارث ولا يتغير في مثالنا السابق (39). وهذه الطرق تستعمل سواء كان المال مما يعد او يكال او يوزن فيقسم عدده على العدد الذي صحت منه الفريضة، او كان المال عبارة عن عروض او عقار وانه يقوم حسبما ذكر أعلاه او يباع ويقسم ثمنه على نحو ما ذكر.
----------------------------
(38) ص 369 التحفيظ العقاري والحقوق العينية.
(39) انظر ص 148/1 فتح القريب المجيب. وص 303/3 المنهل العذب.
---------------------------

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 60، ص 9.

4 التعليقات:

Unknown said...

السلام عليكم
عندي سؤال المرجو الاجابة عليه من فضلكم
15 وريث .
منهم12 طلبوا القسمة بالمحكمة الابتدائية
ضد الثلاتة الاخرين.هل يمكن للثلات الاخرين رفع دعوى لطلب الاستغلال؟ام لن يمكن لعدم بلوغهم النصاب؟
علما ان الثلات هم المدعى عنهم نظرا للتشويش و الفوضى التي يقومون بها
شكرا

Unknown said...

عندي سؤال توفيت الوالدة وتركت منزل نحن 5ذكور و بنت
المشكلة هي ان احد الاخوة منذ ما يزيد عن 35 سنة وهو مقيم ف المنزل
و هو افقرنا ولا يرد الخروج من المنزل كي يتمكن باقي الوثة من بيعه اجو ان تفيدونا في الوضعية القانونية لهذه المشكلة

Anonymous said...

نفس المشكل. المرجو الاجابة و شكراً

زوجة said...

السلام عليكم .توفي زوجي رحمه الله وليس لنا أبناء وليس لديه أبناء .الورثة هم :أنا, أمه ، 3 أخوات و2 إخوة ذكور أعرف أن نصيبي في الميراث هو الربع كم لدي من سهم وشكرا

Post a Comment