الزواج المختلط في دول المغربي العربي

والقيد الحسين
أستاذ القانون الدولي الخاص المساعد
بكلية حقوق وجدة

مقدمة :
ان الزواج المختلط ليس ظاهرة عشوائية، بقدر ما هو سلوك غائي (1) يقوم به الفرد بطريقة متكاملة بغية الوصول إلى تمتين العلاقات في شكل مواقف يسعى من خلالها إلى تبادل المنافع المعنوية والمادية بهدف اشباع الحاجات، على هدي قواعد دينية او مدنية تنظم تلك الروابط.

من هنا يمكن القول بان الزواج المختلط بما يكلفه من تقارب اجتماعي وثقافي وروحي بين عنصر مغربي وطرف يحمل الجنسية الأجنبية، او بين عناصر مغربية متباينة بحسب العامل الديني وفق ما ورد في الفصل الثالث من ظهير الجنسية المغربية لعام 1958 . قد أدى الى ان يبحث الأشخاص عن كمالهم خارج الدائرة التي يتمتعون بجنسيتها بصرف النظر عن اختلاف البيئات الاجتماعية. والأمر الذي أدى الى انفتاح دول المغرب العربي على تشريعات غربية لا تمت بصلة الى الاسلام، ملتمسة منها حماية مقدساتها وعصرنتها في ان واحد.

في حين تمسكت البلدان الاخرى باعتدال اكثر دون الإخلال بأحكام الشريعة السلامية رغم ان تداخل أبنائها مع غيرهم من شعوب الدول الأوروبية قد ترتب عنه الاعتراف الضمني ببعض المقتضيات على استحياء تارة وبدافع الحماس العاطفي صراحة تارة اخرى ضمن نصوص اتفاقية سارية المفعول تعد دخيلة على مجتمعاتنا.

دون ان يخالجنا أي شك في ان البحث عن التوازن والاستقرار رهين بمراعاة أحكام الشريعة الثابتة باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
--------------------------
(1) السلوك الغائي: هو مجموع أنواع السلوك التي يسلكها الفرد للوصول الى هدف.
انظر في تفاصيل ذلك، حسن محمد خير الدين، محاضرات في المدخل للعلوم السلوكية، مكتبة عين شمس القاهرة، 1975 - ص 20.
-----------------------
وبالتالي فلا اجتهاد في مورد النص، وان أمكن استخدام الرأي فيتعين ان يتم وفق الأحكام الفقهية السائدة.
فالأجنبية حينما لا ترغب في استمرار الحياة الزوجية مع الوطني، فعلى القضاء ان يتدخل لإنهاء تلك العلاقة وإنصافها كما حدث في الاجتهادات القضائية التونسية دون ان يسيء الزوج استعمال حقه في الطلاق. فضلا على ضرورة وضع قيودRestriction على كل من يتعسف في مجال تعدد الزوجات، لا سيما عندما يكون غير قادر على الإنفاق. وان كنا نلاحظ ان التعدد غير متوسع فيه مجال الزواج المختلط.

بالاضافة الى ضرورة القضاء عل حالات الغش نحو القانون Fraude à la loi والافتئات على محل الاختصاص لتعلق ذلك بالنظام العام، بالنسبة للأجانب الذين يعلنون إسلامهم على أوراق رسمية لامر ما في نفس يعقوب، في حين يضمرون كفرهم، فيترتب عن ذلك أبناء يحملون أسماء مختلطة. ورغم ان المشرع المغربي قد وضع قيودا متعددة على القاضي مراعاتها. فعذر القاضي المغربي انه يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر.

المبحث الاول
اثر الزواج المختلط على جنسية الزوجة

لا شك ان الجنسية المكتسبة بمقتضى الارتباط العائلي، تتاثر الى حد كبير بالأوضاع الاجتماعية المتأصلة في المجتمع، وفق جملة من الاعتبارات تبدو في كثير من الأحيان وكانها جزء لا يتجزأ من عاداتنا وتقاليدنا، وفي احيان أخري وكانها بعيدة كل البعد عن النظام العام في بلداننا، الأمر الذي يؤدي بنا الى بيان ان هذا الموضوع تتقاسمه فكرتان أساسيتان هما :

أولا : وحدة الجنسية في العائلة الواحدة Principe de l'unité de Nationalité dans la famille
والتي تتطلب دخول الزوجة الأجنبية التي تتزوج من وطني في جنسية زوجها بقوة القانون « en plein droit » بمجرد انعقاد زواجهما. بغض النظر ان أي إجراء شكلي آخر كتقديم تصريح او توافر شرط الإقامة او الحصول على موافقة السلطة. وبالتالي فالأجنبية يمكن لها ان تكتسب الجنسية على هذا الأساس دون ان تتجشم سوى مشقة البحث عن عنصر وطني ملائم للدخول في علاقة زواج مختلط Mariage Mixteولا يبقى كأثر مباشر اذاك سوى سريان ذات الجنسية على سائر أفراد الأسرة الواحدة.

وهذا الاتجاه معيب بالآتي:
أ‌- انه يخل بمبدأ دولي اصيل، يعطي لكل شخص الحق في اختيار الجنسية التي يرغب فيها، وفق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.
ب‌- انه يفسخ المجال للإكثار من حالات انعدام الجنسية، حالة اسقاط الجنسية عن الزوجة بمجرد زواجها من وطني.
ت‌- كما ان احترام إرادة المرأة الأجنبية في الاحتفاظ بجنسيتها الأصلية معناه الوقوع في حالات تعدد الجنسيات حين تبقي على جنسيتها الاصلية، وتستفيد في ان واحد من الجنسية الجديدة. وما دام الأمر كذلك، فان هذه الوضعية تتعارض مع المبادئ الدولية والإقليمية.
ث‌- كذلك يسهم في دخول عناصر دخيلة غير مرغوب فيها، في الجماعة الوطنية، لا تدين بالولاء للدولة بقدر ما تكيد له من الداخل. مما يقود الى إحداث الصدع في الجسم المغاربي العربي الذي يوجد في أمس الحاجة الى المزيد من الوفاق والتوافق لوحدة المشاعر والآمال والمصير بين أبنائه مهما تباعدت أقطارهم لربط أقصى المغرب بأقصى المشرق عملا باتفاقية الجنسية العربية التي تشجع الزواج المختلط بين ابناء الأقطار العربية ليصبح ظاهرة اجتماعية وسلوكا منتشرا في الوطن العربي من الخليج الى المحيط. وقد ورد فيها: " تكتسب المرآة العربية بالزواج جنسية زوجها العربي. وتسقط عنها به جنسيتها السابقة ما لم تطلب الزوجة الاحتفاظ بجنسيتها في عقد الزواج أو بإعلان لا حق خلال ستة اشهر من تاريخ عقد الزواج. وإذا سحبت حكومة دولة الزوج جنسيتها الجديدة وفقا لقوانينها تسترد جنسيتها السابقة. أما اذا كان الزوج ليست له أية جنسية فلا تسقط عن المرأة بزواجها منه جنسيتها السابقة" (2).

فهذه التدابير جديرة بان تؤخذ بعين الاعتبار في إطار القانون الدولي الخاص، لان الزواج وسيلة للتلاقي باعتباره " ميثاق ترابط وتماسك بين رجل وامرأة على وجه البقاء غايته إنشاء أسرة على أسس مستقرة ومتجانسة…. "(3).
---------------------
(2) اتفاقية الجنسية التي صادق عليها مجلس جامعة الدول العربية بقراره رقم776 بتاريخ 5 ابريل1954 من دور الانعقاد العادي الحادي والعشرين.
(3) وقد عرفت الأحوال الشخصية المغربية في الفصل الاول من الباب الاول الزواج بأنه: " ميثاق ترابط وتماسك شرعي بين رجل وامرأة على وجه غايته الاحصان والعفاف مع تكثير سواد الأمة بانشاء أسرة تحت رعاية الزوج على أسس مستقرة تكفل للمتعاقدين تحمل أعبائها في طمأنينة وسلام وود واحترام".
--------------------
والمعروف ان تونس قد عرفت مثل هذا الاتجاه في القانون عدد 6 لعام 1963، وبذات الطريقة السابقة التي تكفل التدخل بأقل قدر ممكن لتلافي حالات انعدام الجنسية. حيث ورد في الفصل الثالث ما يلي: " تصبح تونسية منذ تاريخ عقد زواجها المرأة الأجنبية التي تتزوج بتونسي اذا كان قانونها الوطني يجردها من جنسيتها الاصلية متى تزوجت بأجنبي".

ومثل هذه النتائج غير المحمودة اقتضت إيجاد البديل في زمن تشابكت فيه المصالح والمنافع بين الناس، وانتهى الأمر بالأخذ بازدواج الجنسية في العائلة الواحدة.
وفيما يتعلق بالمبدأ الاول، نلاحظ ان بعض التشريعات قد دأبت على الحاق الزوجة بجنسية زوجها الوطني، كما هو الشان في قانون الجنسية الاردنية لسنة 1928 الذي نص على انه: " تعتبر زوجة الأردني أردنية وزوجة الأجنبي اجنبية". والمادة 22 من القانون المدني الاسباني لعام1931 التي ورد فيها: " تتبع المرأة المتزوجة جنسية زوجها". والتشريع السعودي في المادة 16 من قانون عام 1957 الذي رتب اثرا على جنسية الزوجة الأجنبية عند زواجها من أحد الوطنيين. وكذلك ما ورد في الفقرة الاولى من المادة السابعة من القانون البحريني عدد11 لسنة1963 الساري المفعول حتى الان، وقد نص على انه: " اذا تزوجت امرأة بحريني بعد تاريخ العمل بهذا القانون او قبل ذلك أصبحت بحرينية" (4).

ثانيا: مبدأ استقلال الجنسية في العائلة:
وفقا لهذا المبدأ فان الزوجة تتولى أمر الاحتفاظ بجنسيتها الأصلية او التخلي عنها بعد إبداء رغبتها، دون فرض الجنسية الطارئة عليها. مما يؤدي الى كفالة الأصول المرعية المثالية في مجال الجنسية حالة تحقيق الاستقلال المطلق، وعدم تأثر الجنسية بالزواج المختلط. فضلا على ان هذا المبدأ كفيف بمراقبة مدى صلاحية المرأة الأجنبية للاندماج في المجتمع وقابليتها للتوافق مع رعاياه.

وغني عن التأكيد ان الزواج المختلط بما يتضمنه من عناصر أجنبية معاصرة للزواج او لاحقة عنه، بعد تغيير الجنسية(5)، وسيلة حسب هذا الاتجاه للإبقاء على جنسية المرأة الأجنبية التي تتزوج من وطني، مما لا يترتب عنه أي اثر للزواج على جنسيتها اذ قد تكتشف أنها معه على طرفي نقيض وليسا على موجة واحدة.
وفيما يلي نلقي نظرة مختصرة على التطبيقات العملية لهذا المبدأ الذي جاء كترجمة لطموحات الجمعيات النسائية في العالم ترسيخا لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، يمكن بلورتها فيما يلي:
---------------------
(4) راجع في تفاصيل ذلك، مقالة الأستاذ الدكتور حسن محمد الهداوي، " اكتساب الأجنبية لجنسية زوجها في التشريعات العربية) - مجلة " الملحق القضائي" العدد 16، ابريل1986، ص 198.
(5) الدكتور هشام علي صادق، الجنسية والموطن ومركز الأجانب - المجلد الاول في الجنسية والموطن، منشاة المعارف بالإسكندرية،1977. ص: 136.
--------------------

1) اتفاقية مونتفيديو: Montevideo
التي أسفرت عن توصيات بين دول أمريكا عام 1933، حول إزالة أي اثر للزواج المختلط حالة اكتساب الجنسية وزوالها. مما نتج عنه تدخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة لدى الجمعية العامة التابعة لها لتوكيد المشروع المتعلق بإقرار المساواة بين الجنسين. حيث ورد في المادة الاولى منه بان الزواج المختلط يظل دون تأثير على جنسية الزوجة، كما لا ينجم عن تغيير الزوج لجنسيته أي اثر. بالاضافة الى المطالبة بتبسيط إجراءات التجنيس Naturalisation بالنسبة للمرأة التي ترغب في الارتباط بجنسية زوجها.
2) اتفاقية نيويورك: NEW YORK
التي صدرت في 10 دجنبر1962 لتوكيد وجوب توافر الرضا الكامل في الزواج وتحديد السن الأدنى فيه وتوثيق عقد الزواج.
3) اتفاقية عام 1966 المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والتي تتوخى المساواة بين الجنسين مع توافر عنصر الرضائية.
4) اتفاقية1979 بشان القضاء على مختلف أنواع التمييز ضد المرأة.

ثالثا: محاولات التوفيق بين المبدأين:
ومقتضى هذا الاتجاه، اعمال السلطة التقديرية للادارة، حيث يؤخذ بعين الاعتبار المزايا التي يكفلها مبدأ وحدة الجنسية ونقيضه تعدد الجنسية في العائلة الواحدة، مما لا يؤدي إلى فرض الجنسية على الزوجة الأجنبية احتراما لارادتها. فلا يترتب على الزواج أي اثر مباشر على جنسيتها ما لم تعبر عن إرادتها بوضوح.

وتجدر الاشارة ان المشرع المغربي لم يجعل للزواج أي اثر على جنسية الرجل في الحالات الدائمة لاكتساب الجنسية المغربية. حيث اعتد بالأثر غير المباشر للزواج على جنسية الزوجة التي تكتسب الجنسية المغربية حالة زواجها من مغربي إذا عبرت عن إرادتها في هذا الاتجاه. وذلك بعد توافر الشروط الاتية:

أ‌- ان يكون الزواج شرعيا وفق قانون الزوج المغربي، مع الإدلاء بوثيقة تثبت صحة الزواج.
ب‌- ان تقيم الأسرة - وهنا الزوجة - بصورة اعتيادية ومنتظمة طيلة سنتين في إقليم دول الزوج.
ت‌- ان تفصح عن رغبتها في اكتساب الجنسية المغربية بواسطة تصريح توجهه الى وزير العدل.

ويعد عدم اعتراض وزير العدل خلال الستة اشهر من وصول التصريح موافقة ضمنية تمتد بأثر رجعي حتى تاريخ انعقاد الزواج مع بقاء التصرفات التي أبرمتها صحيحة طبقا لفكرة حماية الظاهر والحفاظ على الحقوق المكتسبة للأفراد.

كما ان الفقرة الأخيرة من الفصل العاشر من ظهير الجنسية طبقت بأثر رجعي على المرأة الأجنبية التي زوجت من مغربي قبل فاتح اكتوبر1958. وذلك مع بقاء شرط الاقامة واستمرارية الزوجية وقت الإفصاح عن تلك الرغبة.

الا ان هذا الاتجاه التشريعي يؤدي الى بقاء الأرملة بلا جنسية اذا فقدت جنسيتها الأصلية لانتقاء شرط استمرارية الزواج بالنسبة لها. وهو ذات المسار بالنسبة لباقي تشريعات دول المغرب العربي الاخرى مما يتعين معه إسقاط هذا الشرط شريطة ان يكون لها أبناء او ان تكون حسنة السلوك. كما هو الشان بالنسبة للقانون العراقي رقم 43 لسنة1963 في الفقرة السابعة من المادة الثانية عشرة منه اذ جاء فيها ما يلي:" اذا كانت المرأة الاجنبية غير عربية فلا يحق لها ان تقدم طلب اكتساب جنسية زوجها العراقي الا بعد مضي مدة ثلاث سنوات على الزواج وإقامتها في العراق المدة المذكورة وبشرط استمرار قيام الزوجية حتى تقديم الطلب. ويستثنى من ذلك من يتوفى عنها زوجها وكان لها منه ولد".

رابعا: ملاحظات على الاتفاقية المغربية الفرنسية المبرمة عام1981:
ويلاحظ اخيرا انه بالرغم من مراعاة مقتضيات النظام العام المغربي، بما يتضمنه من قيم أخلاقية وشعور جماعي ديني وسياسي وقانوني، فان الاتفاقية المغربية - الفرنسية الموقعة بالرباط في10 غشت1981، والمصادق عليها بمقتضى ظهير شريف صادر في14 نونبر1986 قد شملت بعض النصوص التي جاءت لحل بعض المشاكل المستجدة بحكم التقارب والتداخل بين الحضارات والمدنيات المختلفة كحالة الانفصال الجسماني Séparation de corps والأخذ بنظام الزواج المدني، حيث نص الفصل الثاني عشر من الاتفاقية المذكورة المتعلقة بحالة الاشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية. على ان ( تطبق القواعد المشار إليها في الفصول التاسع والعاشر والحادي عشر من هذه الاتفاقية على الانفصال الجسماني اذا كان هذا الانفصال مقررا في القانون المختص لإحدى الدولتين …)، كما ان الفصل السادس منها قد اشار الى انه " ينعقد الزواج بين مغربي وفرنسية فوق التراب الفرنسي امام ضابط الحالة المدنية المختص طبقا للقانون الفرنسي. ويسجل لإضفاء الشرعية عليه تجاه القانون المغربي من طرف الموظفين القنصليين المغاربة المختصين بعد التثبت من إقامته…".

وبالنظر الى فحوى هذين النصين، وما يستتبعه من ترجيح قانون الأحوال الشخصية للزوجة الاجنبية على قانون الزوج المغربي، فاننا نرى بان نسلك في ذلك سبيل الآية الكريمة { واهجروهن في المضاجع}. لان الوضع المشار اليه قد يؤدي الى اثارة كثير من المشاكل في الواقع حينما يتعارض النظام العام المغربي مع مقابله الفرنسي في العمل مما يكرس المزيد من اللبس والغموض. ولهذا نقترح سد هذه الثغرة بالرجوع الى الأصل. بمعنى ان يصبح الطلاق بيد الزوج دون تعسف في استعماله، ويكون من حق الزوجة ان تطلب التطليق للضرر، مما يساير اتجاهنا بان ثمة تفاوتا ملحوظا بين النظامين العامين، فما هو بديهي في المجتمع الفرنسي يعد شاذا في المجتمع الإسلامي. الامر الذي لا يمكن معه مراعاة مقتضيات النظام العام المغربي حالة بقاء مثل هذا التفاوت.

فضلا على ان الاجتهاد القضائي المغربي قد درج على تقرير أمر واقع يتجلى في ترتيب الاثار المدنية للزواج الواقعي Mariage putatif بالنسبة للأبناء حالة وجود موانع شرعية Empêchements légaux كزواج يهودية بمسيحي. حيث يكون هذا الزواج غير قابل للحياة والاستمرارية طالما بني على باطل. اذ كان عليها احترام الشكل الديني للزواج باعتباره من النظام العام في نظر المشرع المغربي. الذي حرص على " ضرورة توافره دائما أعطى لقانون 4/3/1960 الاثر الرجعي مخالفا لقاعدة عدم رجعية القوانين".

ولما كان القانون العبري لا يجيز لليهودية ان تتزوج بشخص من غير ديانتها، في حين يجوز للمسلم ان يتزوج بها(6)، فان معاشرتها لمسيحي تعد " زنى محضا والأولاد أولاد سفاح
------------------------
(6) Jean Deprez : législation comparer - pluralisme des statuts personnels - conflits interpersonnels fasicule I, p.9
------------------------
ولا يترتب لها عن هذه المعاشرة أي حق من حقوق الزوجات على أزواجهن" (7) ولا تتحول الى علاقة مشروعة رغم ادعاء الزوجة بأنها قد اعتنقت الديانة المسيحية وقامت بتعميد أبنائها (8)، لان زواجها المدني لا يكتسي صبغة شرعية لوجوب إبرام عقد زواجها طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية الغراء. كما نص على ذلك الفصل الثالث حالة زواج المغاربة غير اليهود مسلمين ومسيحيين (9). علما بان المغرب كما أكد ذلك ابا حنيني أثناء افتتاح السنة القضائية67/1968 قد "حصل على استقلاله ودون قوانينه، ووحد محاكمه، لذا فان جميع الحجج التي كانت في السابق من لتبرير ذلك الشوذوذ وذلك الخروج عن القياس في ميدان تنازع القوانين الذي كان يهدف الى استبعاد تطبيق القانون الإسلامي - حتى عندما كانت الضرورة تدعو الى ذلك - على الأهلية ونظام الاسرة للأجانب، تقسط لذاتها" لان النظام المغربي اذ " مكن القانون الإسلامي للاحوال الشخصية من تجاوز حدود طائفة المسلمين… فقد تخلص في نفس الوقت من كل الدفوعات المناوئة والتي كانت الى حد الآن تعترض - بأمس الطابع الديني - والطائفي لهذا القانون - على تطبيقه بصفته قواعد قانونية عامة ذات نزعة شاملة".

المبحث الثاني
الزواج المختلط وسيلة للتقارب الاجتماعي
بين بلدان المغرب العربي
لعل المنطق المجرد، يقودنا الى القول بأنه لتلافي مواطن الاختلاف يلزم الوقوف على نقاط الاتصال بين بلدان المغرب العربي التي تجمع فيما بينها عناصر مشتركة موضوعية كاللغة التي تعد أداة حقيقية لتحقيق الاتفاق العام بين اية جماعة(10) فضلا على تقارب العادات والتقاليد فيما بينهما، وأخرى ذاتية تتجلى في الالتقاء بالضرورة نتيجة الشعور بالقرابة الروحية التي قواها الدين الإسلامي الحنيف وعمل على توجيهها وتنظيمها واستمرارها. مما يمكن التعبير عنه بجنسية الواقع الفعلي Nationalité de fait ، الحقيقة التي تكون اكثر ارتباطا بالشخص وإحدى الدول التي يحمل جنسيتها.
---------------------
(7) صدر هذا الحكم (غير المنشور) بمناسبة دعوى تقدم بها بيير بورنيكس ضد عزران ماري امام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء - حكم مدني عدد 1279 - ملف عدد 23306 صاد بتاريخ 13/1/1970.
ويراجع كذلك الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 2 مارس 1973، قضية رقم23207، قرار عدد 161.
(8) الدكتور محمد على البار، عمل المرأة في الميزان، الدار السعودية للنشر والتوزيع، ط1 - جدة 1981، ص 16.
(9) قضاء المجلس الاعلى، العدد الثاني، نونبر1968.
(10) الدكتور شارل بلوندل ( تعريب الدكتور حكمت هاشم)، المدخل الى علم النفس الجماعي، دار المعارف بمصر، الطبعة الاولى 1953 - ص 7.
--------------------

ومن هذا الاتجاه تعزز الاتصال بسبب الانسجام المتبادل، وكان الزواج المختلط ثمرة لتلك العلاقة الأولية التي وصلت الى مستوى معين. نظرا لتبني دول المغرب العربي الثلاث ( المغرب، تونس، والجزائر) لمبدأ توفيقي يتلافى عيوب وحدة الجنسية في العائلة الواحدة، ويستفيد في ان واحد من مزايا مبدأ فكرة استقلال الجنسية، ويمكن الاستدلال على ذلك، بالرجوع الى المادة12 من قانون الجنسية الجزائري رقم63-96 الصادر في27 مارس1963، بمطالبتها للزوجة الأجنبية رغم كونها قاصرة في التخلي عن الجنسية الأصلية مما يؤدي بها الى ان تصبح عديمة الجنسيةApatride . كما حاول المشرع التونسي ترجمة ذلك، بالاعتراف للاجنبية بالحق في اكتسابها للجنسية التونسية طبقا لما ورد في الفصل14 من قانون الجنسية التونسية لعام 1963 من انه " يمكن للمرأة الأجنبية المتزوجة بتونسي والتي بموجب قانونها الوطني تحتفظ بجنسيتها الاصلية رغم تزوجها بأجنبي ان تطلب الجنسية التونسية…".

وبالنظر الى ما سبق، نلاحظ تدخل الادارة قبل منح الجنسية للزوجة الأجنبية عن طريق الزواج مراعاة لمصلحة الدولة في التريث قبل إسناد تلك الجنسية قصد مراقبة سلوك المرأة ومدى اندماجها في المجتمع، وايضا إعمالا لإرادة المرأة دون فرض الجنسية عليها بصورة تحكمية. عملا بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك الفصل15 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 دجنبر1948 الذي نص على انه: " لكل شخص الحق في ان يحمل جنسية"، وقرار الجمعية العامة رقم 2263 لسنة1967 الذي ورد فيه: " ولا يترتب على الزواج من أجنبي أي مساس بجنسية الزوجة يجعلها عديمة الجنسية او يلزمها بجنسية زوجها".

وإذا كان الزواج المختلط يمثل طريقا جديدا لاكتساب الجنسية، ميسرا لإسناد الصفة الوطنية بمعزل عن فكرة الانحدار من جهة الأب التي دفعت بفقه الحماية ان ينعتها " بالجنسية المغلقة"، فان سائر الدول المغرب العربي رغم تمازج الأواصر فيما بينها لم تجعل من الزواج بمغاربية مصدرا من مصادر الجنسية المغربية المكتسبة بحكم القانون، كباقي الدول الأوروبية، لاشتراط صحة الزواج وكون الزوج مسلما (11).
-------------------
(11) لا يمكن رد عدم وجود قانون دولي خاص مغربي، لتمسك المغرب بأحكام الشريعة الإسلامية كما يدعي Guiho حينما قال بأنه لم يكن يتوفر على قانون موحد وعلماني للأحوال الشخصية إبان الحماية.

Voir : O. PESLE : « La femme Musulmane dans le droit la religion et les mœurs » Les éditions La FORET- RABAT, 1946 - p. 116.
------------------
كما ان المقتضيات الجديدة التي عرفها المغرب، والتي عبر عنها جلالة الملك المغفور له محمد الخامس في خطابه التاريخي يوم 18 نونبر1958، بمناسبة الذكرى الحادية والثلاثين لجلوسه على عرش أسلافه المنعمين، تضمنت ما يمكن ان يؤدي - لحل ما يحدثه التساكن في مجتمع عصري من مشاكل مدنية واقتصادية قد عززت بتحضير عدة نصوص كقانون المسطرة الجنائية، وقانون الجنسية الذي هو حدث هام واحد مظاهر السيادة، ومدونة الأحوال الشخصية… " (12).

في حين لم تتبلور الجنسية الجزائرية الا سنة1963، أي سنة نيل الاستقلال عام 1962، حيث كان الجزائري بمثابة رعية فرنسية يخضع في أحواله الشخصية للشريعة الإسلامية(13).

وتمكينا للسلطات المختصة في الدول الثلاث من اداء وظيفتها في رقابة العناصر الاجنبية، تطلب سريان مدة معينة قبل إيداع التصريح: في المغرب سنتين على الأقل، وذات المدة في تونس، وبدون تحديد في الجزائر. الا انه ينبغي إسقاط هذا الشرط للأسباب الآنفة الذكر.

اولا: قاعدة شخصية قوانين الأحوال الشخصية:
ان ربط قاعدة " شخصية قوانين الاحوال الشخصية " بما أوثر عن الرسول ص، من إخضاع الاجانب لقانون الدولة التي يحملون جنسيتها تبعا لقوله المأثور: " دعهم وما يدينون" (14) معناه بيان الجذور الاولى لهذه القاعدة التي اصبحت تشكل حجز الاساس في بناء القانون الدولي الخاص بمعزل عن باقي فروع القانون الاخرى المختلفة.. الأمر الذي ادى الى استفادة الاجانب من هذا الامتياز، طبقا للفصل الثالث من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب الذي ورد فيه: " تخضع الحالة الشخصية واهلية الفرنسيين والأجانب الى قانونهم الوطني". مما ادى الى تطبيق القانون المحلي كقانون شخصي ملتصق بالشخص بعد زوال ما سطرته الحماية من سلب الاختصاص التشريعي والقضائي لفائدة القانون الفرنسي او القانون الوطني للأجانب.
------------------
(12) محمد الخامس ملك المغرب. انبعاث أمة، الجزء الرابع، 1958/1959.
(13) راجع: ابراهيم عبد الباقي، الجنسية في قوانين دول المغرب العربي، دراسة مقارنة معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، سنة1975، ص 25.
(14) وقد ساير الفقه الإسلامي هذا الاتجاه منذ القدم، ذلك ان افراد الجاليات غير المسلمين المقيمين بدار الإسلام كانت تطبق عليم في نزاعاتهم الشخصية قوانينهم الخاصة، طبقا لما جاء به الإمام مالك في الامهات من ان المسائل الخمس التي هي الهبة والعتق والزواج والطلاق والزنا لا يحكم فيها بينهم بحكم الإسلام. راجع مقالة الاستاذ عبدة السلام حادوش " الفقه الإسلامي والنزاعات ذات العنصر الاجنبي" مجلة رابطة القضاة، السنة الاولى، العدد 4، ابريل1964.
---------------------
وقد جاء الفصل3 من قانون الجنسية المغربي لعام1958 ليجعل من القانون الشخصي للمغاربة، دون اليهود قاعدة عامة، ولتصبح بالتالي المحاكم المغربية صاحبة الولاية العامة. مما دفع البعض(15) الى اعتبار ان المشرع قد خرج عن دائرته المغلقة بعد وضعه لقانون وضعي للأحوال الشخصية. خاصة بعد تعايش أفراد من أصول وديانات متباينة في المغرب.

وهذا المبدأ الذي يعد ( نجمة) القانون الدولي الخاص، بقي ساري المفعول في الجزائر رغم وقوعها تحت نير الاستعمار لفترة طويلة. حيث ظل الجزائري خاضعا لقواعد الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بأحواله الشخصية في حله وترحاله.

وهو ما اكده المجلس الاعلى في المغرب أخيرا في قرار رينو جاكلين ضد رينو فرانك اميل الذي ورد فيه: " اذا كانت الأحوال الشخصية للاجانب تحكمها قوانينهم الشخصية فيما يخص الجوهر، الا ان مسطرة الاستماع الى الشهود الواجب تطبيقها هي المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية المغربية دون سواه…" (16).

ثانيا: التعارض بين الأنظمة القانونية لدول المغرب العربي والدول الغربية:
تجدر الإشارة الى ان نقاط الاختلاف فيما بين هذه الأنظمة، تكمن في الامور الاتية: - تعدد الزوجات، تحريم زواج المسلمة بغير المسلم، التوارث والوصية، الابن الطبيعي والطلاق … الخ. وسنتناول بعض هذه النقاط على الشكل التالي:

1 - تعدد الزوجات Polygamie :
اذا كانت الشريعة الإسلامية تؤكد صراحة هذا الوضع، بمباركة الفقهاء قديما وحديثا فان رعايا بلدان المغرب العربي لا يحق لهم إبرام مثل هذا الزواج المتعدد فوق التراب الفرنسي لتصادمه مع النظام العام. وبالتالي فان عقده يكون صحيحا طالما تم بطريقة شرعية في المغرب اوالجزائر، بدون تحايل على القانون. بحيث يرتب هذا الزواج كافة اثاره المدنية باعتباره حقا مكتسبا حتى ولو انتقل الشخص الى الخارج. فالقاضي الفرنسي لا يستطيع ان ينصب نفسه رقيبا للأنظمة العامة ما دام ذلك يشكل مساسا بسيادة ذلك البلد الذي يختص وحده بالاعتراف للشخص بالتعدد او إنكاره عليه.
------------------
(15) راجع مقالة الدكتورة فاطنة سرحان : " القانون الواجب التطبيق على الأحوال الشخصية للاجئين وعديمي الجنسية في القانون الدولي الخاص المغربي - المجلة المغربية للقانون، ع1. لسنة1986، ص 21.
(16) قرار صادر عن الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى، عدد17 مؤرخ في8 ابريل1983 - ملف مدني عدد 12627، قضية رينو جاكلين ضد رينو فرانك اميل.
-----------------
ومن المفارقات ان القضاء البلجيكي اقر أحقية الزوجتين بالمطالبة بالتعويض عن وفاة زوجهما تبعا للقانون المدني البلجيكي، فضلا عن إمكانية الاستفادة من النفقة في ان واحد(17).

وقد رتب الفصل الثامن عشر من مجلة الأحوال الشخصية التونسية على الاية الكريمة: { فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة… ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} ( سورة النساء، اية3)، جزاء جنائيا، اذ انه يعاقب على هذا الفعل بالحبس لمدة تصل الى سنة وغرامة تقدر بـ 240 دينار تونسي، او بإحدى هاتين العقوبتين(19). وذلك خلافا لباقي بلدان المغرب العربي التي تأخذ بالآية الآنفة الذكر على إطلاقها. مما يعطي للزوج كامل الحق في ممارسة التعدد حتى بالنسبة للزيجات المختلطة.
ويتضح من ذلك ان تعدد الزوجات ينتج كامل اثاره بفرنسا وبلجيكا اذا نشأ خارجها في بلدان المغرب العربي، ولا يرتب أي اثر اذا تم داخلها. لان الواقعة التي اكتملت كافة عناصرها في المغرب او الجزائر لا يمكن بأي حال تجاهلها.
2 - منع زواج المسلمة بغير المسلم: La prohibition du mariage de la musulmane avec un non musulman يهدف هذا الحظر الى المحافظة على الهوية الإسلامية للأسرة في المجتمع الإسلامي والى تنزيه الشريعة الغراء من ان ينسب إليها من ليس منها. بسبب التطبيق العملي، الذي خرج عن روح هذه المقتضيات، رغم انف النصوص الثابتة القطعية الدلالة والثبوت. وبذلك فان كل زواج مختلط من هذا النوع يكون باطلا لخروجه عما ورد في الكتاب والسنة. ومن ثمة فان منع زواج المسلمة بغير المسلم امر مسلم به في كل من المغرب والجزائر، في حين يكتنفه بعض الغموض في تونس. مما تمخض عنه وجود تأويلات متباينة أهمها:
-------------------------
(17) voir MICHEL TAVERNE, le Droit Familial Maghrébin et son application en BELGIQUE, RUXELLES, 1981, p. 136.

(18) محكمة الرباط في 24 مارس1937.

P. LOUIS RIVIERE, Précis de LEGISLATION MAROCAINE, Tomell, 1946 - p.19.
(19) Voir : Abderrazek Moulay RACHID, «LA CONDITION DE LA FEMME AU MAROC » Thèse d'état, Fac. De droit, Univ. Mohammed V. RABAT 1985. P. 352.
-------------------------
أ‌- رأي مؤيد لزواج المرأة المسلمة بغير المسلم، يحشد أصحابه في دفاعهم كل الوسائل المتاحة في محاولتهم اليائسة للتخلص من أحكام الشريعة الإسلامية. استهداء بما ورد في الفصل الخامس من المجلة La Majalla (20)، من انه " يجب ان يكون كل من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية …" Exempte d'empêchement légaux في حين كانوا يقصدون ما هو وارد في النص الفرنسي (Empêchement au mariage prévus par la loi رغم نعتهم سهوا بان الموانع شرعية وليست قانونية، وكان طبيعيا ان ما لقي قبولا حماسيا وترحيبا شديدا سرعان ما تعارض مع النظام العام في تونس. رغم ان توطئة دستورها تنص فقط على ان: " تونس دولة حرة، مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها… " إلا ان الشعب التونسي، وعكس ما يشاع، مصمم على تعلقه بتعاليم الإسلام.

ب‌- اتجاه معارض راجع، يتمسك بالمنع بناء على ان عبارة " الموانع الشرعية" معناها كل ما هو منصوص عليه في الشرع، بما في ذلك تحريم زواج المسلمة بغير المسلم(21) وبالتالي فان تفسير مضمون الفصل الخامس من مجلة الأحوال الشخصية التونسية يكون على هدي أحكام الشريعة الاسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع عموما.

وقد توج ذلك تطبيقات قضائية حاسمة تكرس ذلك الحظر، فضلا على صدور مذكرة ادارية في تونس تمنع ضابط الحالة المدنية من إبرام أي عقد زواج بين مسلمة وغير مسلمة في حالة اختلاف الدين (Disparité de culte) . وعليه فان اتفاقية نيويورك لعام 1962، التي صادقت عليها تونس سنة1968 محكوم عليها بان تخضع للنظام العام التونسي المبني على تعاليم الإسلام. نظرا للمكانة الخاصة التي للقواعد الشرعية فيها بصرف النظر عن علمانية الدولة في فترة زمنية بها.

ونعيد التذكير بحقيقة معبرة، وهي ان محكمة التعقيب ( النقض) التونسية قد أحالت الى قواعد الشريعة الإسلامية حينما قالت: " وحيث ان زواج امرأة مسلمة بغير مسلم تشكل خطيئة لا تغتفر(Un péché impardonnable)، وبالتالي فان الشريعة الإسلامية تعتبر مثل هذا الزواج وكأنه لم يكن" (22).
-----------------
(20) A ce sujet, Voir : MAURICE BORMANS, «STATUT PERSONNEL ET FAMILIE AU MAGAREB DE 1940 A NOS JOURS », Paris 1977 - p. 298.

(21) أستاذنا الدكتور احمد الخمليشي، " وجهة نظر" مجموعة أبحاث ومقالات قيمة- الدار البيضاء 1980 - هامش الصفحة243.

(22 ) Cour de cassation, 31 janvier 1966 - Revue tunisienne de droit, 1968, p. 114.
--------------------------------
خاتمة:
يرتكز الزواج المختلط على رغبة الزوجة في الارتباط بمجتمع الدولة، ورغبتها في الاندماج ضمن تشكيلته. مما أدى في كثير من الحالات الى تفاعل عدة معطيات تفرز بالخصوص تشرد الأطفال حالة الطلاق او الانفصال، ومشكلة المطالبة بالآثار المدنية للزواج وكذا فكرة التوارث. الأمر الذي يؤدي الى صعوبة إيجاد حلول ناجعة ومنطقية لتحقيق التداخل والاتصال بين شعوب دول المغرب العربي التي ارتبطت منذ القدم بروابط الدم. خاصة بعد ان اتسعت وسائل الاتصال بين أبناء المنطقة مما أدى الى نشوء زيجات مختلطة، لا سيما بعد ان تخلى كل طرف على فكرة الحذر من الغير، واستقر في المغرب بسبب التذمر من المستعمر الذي جثا على صدر الجزائر ابتداء من عام1830 وعلى تونس منذ 1881.

وتوج ذلك بالحصول على الاستقلال، ووضعت تشريعات تنظم الأحوال الشخصية لمواطنيها. فكانت المجلة التونسية التي حاولت استلهام أفكار بعض الرواد التونسيين أمثال الطاهر الحداد في كتابه" امرأتنا في الشريعة والمجتمع" بعد إضفاء الطابع الإسلامي عليها.

حيث جاء الفصل التاسع عشر منها محرما لفكرة الزواج عقب الطلاق البائن، وكذلك مؤكدة في الفصل الثلاثين على ان الطلاق بيد المحكمة. فضلا على ان المجلة قد تنبهت للخطورة التي قد تنجم عن الزيجات المختلطة بعد استشراء الأمراض المعدية الحديثة، فقررت ضرورة الكشف الطبي ما قبل الزواج بالنسبة لكل مقبل على الزواج كيفما كان في تونس. عملا بما ذكره الطاهر الحداد من انه " ليست الفائدة في الكثرة فنسل أوفر صحة وعافية وأخلاقا أولى واحسن من كثرة عليلة".

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 59، ص11.

3 التعليقات:

موقع زواج said...

موضوع جيد

brahimblogger3046com.blogspot.com said...

شكرا جزيلا استاذي

brahimblogger3046com.blogspot.com said...

شكرا جزيلا استاذ

Post a Comment