المقررات الضمنية في إطار قانون المحاماة والطعن بالاستئناف

الاستاذ النقيب الطيب بن لمقدم

محام بهيئة الرباط (الخميسات)

مقدمة :

مقررات مجلس هيئة المحامين بالمغرب كثيرة ومتنوعة، منها المقررات الصادرة في طلبات الترشيح للتمرين سواء بالقبول او بالرفض ومنها الصادرة في طلبات التقييد في جدول المحامين الرسميين سواء بالقبول ايضا او بالرفض ، ومنها الصادرة في طلبات الاستقالة سواء بالقبول او بالرفض، ومنها ايضا الصادرة في الشكايات سواء بالرفض او الحفظ او الادانة او البراءة... وكل هذه المقررات تكون بصفة مبدئية قابلة للطعن

فيها امام محكمة الاستئناف بطريق الاستئناف .

ومن تلك المقررات تكون ذات اهمية المقررات الصادرة بشان الشكايات وخاصة منها تلك الصادرة بالحفظ، كما انه ظهرت مؤخرا وبواسطة النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف ما سمي : " بمقررات الحفظ الضمنية في الشكايات". فهل هناك فعلا ما يسمى بالمقررات الضمنية الصادرة عن مجلس هيئة المحامين في بعض قوانين المحاماة السابقة (I)، وفي قانون المحاماة الحالي (II) فضلا عن تضارب الفقه والقضاء بشان بعض حالاتها ؟(III) ومدى قابليتها للطعن بالاستئناف في تلك الحالات ؟ (IV)، وقبل الرد على هذا التساؤل (V) نستعرض تلك الحالات في ما يلي:

Iا) المقررات الضمنية في قوانين المحاماة السابقة

(المقررات السلبية والصيغة الصريحة) :

نصت بعض قوانين المحاماة السابقة صراحة على المقررات الضمنية او المقررات السلبية الصادرة عن مجلس هيئة المحامين، سواء في طلبات المرشحين للتمرين او طلبات التقييد في الجدول او طلبات الاستقالة؟ او في طلبات ابرام عقد المشاركة بين المحامين او في طلبات فسخه او في الشكايات .

أ) في طلبات المرشحين للتمرين:

نص الفصل 22 من ظهير 10/1/1924 المتعلق بتنظيم هيئة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة على ان مجلس الهيئة يعلن القبول في بالتمرين بعد بحث حول أخلاق المرشح وتعد مقتضيات الفصل 18 قابلة للتطبيق فيما يتعلق بالقبول في التمرين.. أي انه عند عدم تبليغ مقرر ما في الشهر الموالي لتاريخ انتهاء الاجل الممنوح لمجلس الهيئة للبت في الطلب يمكن للمعنى بالامر ان يعتبر طلبه مرفوضا وان يطعن في ذلك، على الكيفية المبينة في الفقرة السابقة.

وفي ما يخص شهادة انجاز التمرين التي يسلمها النقيب للمحامي المتمرن، اذا ما تم رفضها، فانه يجوز للمتمرن احالة هذا القرار على محكمة الاستئناف ضمن الشروط التي حددها الفصل 18 (ف 25).

واحالت الفقرة الاخيرة من الفصل 25 من ظهير 18/5/1959 بشان تنظيم هيئة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة(ج. ر عدد 2431 بتاريخ 29/05/1959)، على الفقرة الثالثة من الفصل 20 (1) من نفس الظهير المشار اليه ايضا، فيما يخص المقرر الضمني بالرفض اوالمقرر السلبي بالرفض .

وتطبق نفس الفقرة اعلاه من الفصل 20 من الظهير المذكور في حالة المقرر الضمني برفض شهادة المجلس بإنجاز التمرين للمحامي المتمرن ( ف 28/4) .

اما في المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 19/12/1968 بشان تنظيم نقابة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة ( ج. ر عدد 2932 بتاريخ 8/1/1969 ) فقد نص في الفقرة الاخيرة من الفصل 24 على ان مقتضيات المقطع

الثاني من الفصل 20 (2) تطبق على المقرر القاضي بالقبول في التمرين،.

-------------------------

1) الفصل 20/3 ينص على ما يلي: "وعند عدم تبليغ مقرر ما في الخمسة عشر يوما الموالية لتاريخ انتهاء الاجل الممنوح لمجلس الهيئة للبت في الطلب، يمكن للمعني بالامر ان يعتبر طلبه مرفوضا وان يطعن في ذلك لدى محكمة الاستئناف في اجل خمسة عشر يوما".

2) الفصل 20/2،3 ينص على ما يلي : " ان مقرر مجلس الهيئة القاضي بقبول التقييد في الجدول يبلغ خلال ثمانية ايام للمعني بالامر والى الوكيل العام، ويمكن للمدعى العام ان يحيل هذا المقرر في الثمانية ايام الموالية لتاريخ التبليغ على محكمة الاستئناف في الاحوال المنصوص عليها في المقطع الخامس، وعند عدم تبليغ المقرر في الثمانية ايام الموالية لتاريخ انتهاء الاجل الممنوح لمجلس الهيئة للبت في الطلب، يمكن للمعني بالامر ان يعتبر طلبه مرفوضا وان يطعن في ذلك لدى محكمة الاستئناف في اجل ثمانية ايام"

--------------------------------

اما مقتضيات المقطعات 3 و 4 و 5 من نفس الفصل فتطبق على المقرر الصادر بالرفض، أي على القرار الضمني، ونفس هذه المقتضيات في المقطعات المذكورة تطبق على القرار الضمني بشان تسليم شهادة قضاء مدة التمرين للمحامي المتمرن (ف 28/4).

واما في قانون 19/79 الصادر في 8/11/1997 الذي تنظم بموجبه نقابات المحامين ومزولة مهنة المحاماة فقد نص في الفقرة الثانية من الفصل 12 على المقرر الضمني بالرفض بقوله ، " يعتبر الطلب مرفوضا في حالة عدم تبليغ مقرر داخل الثمانية ايام الموالية لا نتهاء الاجل المحدد لمجلس الهيئة للبت في الطلب" .

ب) في طلبات التقييد في الجدول:

بعد ان قرر الفصل 18 من ظهير 10/1/1924 المتعلق بتنظيم هيئة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة من ان مجلس الهيئة يبت في طلب التقييد في الجدول خلال اجل ثلاثة ايام ابتداء من تاريخ التوصل بالطلب، جاءت الفقرة الخامسة بما يلي : " وعند عدم تبليغ مقرر ما في الشهر الموالي لتاريخ انتهاء الاجل الممنوح للمجلس الهيئة للبت في الطلب يمكن للمعنى بالامر ان يعتبر طلبه مرفوضا وان يطعن في ذلك، على الكيفية المبنية في الفقرة السابقة" .

ونصت الفقرة الاولى الفصل 20 من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 18/5/1959 بشان تنظيم هيئة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة على ان : " مجلس الهيئة يبت في طلب التقييد في الجدول داخل اجل شهر ابتداء من تاريخ التوصل بالطلب وبعد التوفر على كل المعلومات المفيدة بشان طالب التقييد".

اما فقرته الثالثة فنصت على ما يلي : " وعند عدم تبليغ مقرر ما في الخمسة عشر يوما الموالية لتاريخ انتهاء الاجل الممنوح لمجلس الهيئة للبت في الطلب يمكن للمعني بالامر ان يعتبر طلبه مرفوضا وان يطعن في ذلك لدى محكمة الاستئناف في اجل خمسة عشر يوما".

وفي المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 19/12/1968 بشان تنظيم نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة. فقد نصت الفقرة الثالثة من الفصل 20 على ما يلي : " وعند عدم تبليغ المقرر في الثمانية ايام الموالية لتاريخ انتهاء الاجل الممنوح لمجلس الهيئة للبت في الطلب يمكن للمعنى بالامر ان يعتبر طلبه مرفوضا وان يطعن في ذلك لدى محكمة الاستئناف في اجل ثمانية ايام" .

اما في قانون 19/79 المشار اليه اعلاه فقد ورد النص على المقرر الضمني بشان تقييد المحامين المتمرنين الناجحين في شهادة الأهلية وكذا المرشحين المعفين من التمرين ومن شهادة الاهلية، في الجدول في الفقرة الثانية من الفصل 23 الذي اعتبر الطلب مرفوضا في حالة عدم تبليغ مقرر داخل الثمانية أيام الموالية لانتهاء الاجل المحدد لمجلس الهيئة للبت في الطلب .

ر) في طلبات ابرام عقد المشاركة بين المحامين

:

ينص الفصل 27 من قانون 19/79 الصادر بتاريخ 08/11/1979 المشار اليه اعلاه على ما يلي :

"يسلم خلال الثمانية ايام التالية لابرام عقد المشاركة نظير منه مقابل وصل او يوجه بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل الى مجلس الهيئة الذي يمكن له داخل اجل شهرين إنذار المحامين بتغيير العقد ليصير مطابقا للقواعد المهنية .

يرسل نظير من العقد داخل اجل نفس الاجل الى الوكيل العام للملك بواسطة النقيب.

يمكن للوكيل العام للملك داخل اجل شهرين ان يطلب من مجلس الهيئة الزا م المحامين بتغيير اتفاقهم اذا اعتبر انه متناقض مع قواعد المهنة .

يعتبر الطلب مرفوضا في حالة عدم التوصل بجواب من مجلس الهيئة داخل الشهرين المواليين للطلب المقدم اليه برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل .

ز) في طلبات فسخ عقد المشاركة بين المحامين:

ينص الفصل 28 من قانون 19/79 المشار اليه اعلاه على ما يلي : "يفسخ عقد المشاركة بين محامين بامر صادر من مجلس الهيئة كلما كانت متناقضة مع قواعد المهنة.

يمكن للوكيل العام للملك ايضا ان يطلب من مجلس الهيئة اصدارالامر المشار اليه في الفقرة السابقة الى المعنيين بالامر.

يعتبر الطلب مرفوضا في حالة عدم التوصل بجواب مجلس الهيئة بعد الشهرين المواليين للطلب المقدم اليه برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل" .

ج) في طلبات الاستقالة :

نص الفصل 63 من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 19/12/1968 بشان تنظيم نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة على انه : " لا تعتبر نهائية الاستقالة التي يقدمها محام الا بعد قبولها من مجلس الهيئة. ويكون المقرر الصادر عن مجلس الهيئة بقبول استقالة محام او رفضها قابلا للاستئناف من لدن المحامي والمدعي العام خلال الثمانية ايام الموالية لتبليغه. وتطبق مقتضيات الفصل 20 باستثناء المقطع 5 بخصوص قبول او رفض الاستقالة".

د) في الشكايات:

نصت الفقرة الثانية من الفصل 33 من نظام المحامين في منطقة طنجة الدولية المصادق عليه من طرف الجمعية العمومية للقضاة الرسميين لدى المحكمة المختلطة في جلستها المنعقدة في 20/12/1949 بشان التنظيم القضائي الدولي بطنجة الصادر على انه : " يجب على المجلس ان يعقد وينظر في القضايا اذا طلب منه ذلك الوكيل لدى المحكمة الجنحية كتابة، واذا لم يتخذ المجلس التأديبي الإجراءات التي طالب بها الوكيل خلال الشهر الذي أقيمت فيه الشكاية يمكن للوكيل متابعة الدعوى التأديبية مباشرة امام لجنة خاصة مكونة من ثلاثة قضاة من المحكمة يقيد القضية ويفصل فيها كما هو منصوص عليه في الفصل 35 .

وقد صرحت الفقرة الاخيرة من الفصل 51 من الظهير الصادر بتاريخ 10 يونيه 1953 بشان اعلان تنظيم المحكمة الدولية بطنجة ( ج. ر. عدد 2126 بتاريخ 24 يوليوز 1953) بانه : "يجب الزاما اخبار النيابة العامة بكل شكاية ضد محام متمرن او مقيد بالجدول والتي لها الحق في اعطاء مهلة الى مجلس هيئة المحامين للبحث في موضوعها وابلاغها بالقرار المتخذ. ان عدم تبليغ قرارها من طرف النقيب داخل هذا الاجل يعادل في نظر مجلس الهيئة قرار رفض ضمني يمكن للنيابة العامة ان تمارس ضده الطعن المنصوص عليه في الفقرة الثانية من هذا لفصل.".

ونصت الفقرة الاخيرة من الفصل 60 من ظهير 18/5/1959 بشان تنظيم هيئة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة على انه : " اذا لم يبت المجلس التاديبي في الامر وفي الشهر الموالي لتاريخ وضع الشكاية من طرف الفريق المتضرر او في الخمسة عشر يوما الموالي لتاريخ تقديم طلب المتابعة من طرف المحامي العام، فيمكن اعتبار الشكاية او طلب المتابعة مرفوضا ويجوز اذ ذاك للمحامي العام ان يرفع القضية الى محكمة الاستئناف طبقا لمقتضيات هذا الفصل.

كما نصت الفقرة السابعة من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 19/12/1968 الذي كانت تنظم بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة على ما يلي : واذا لم يبت المجلس التاديبي في الامر داخل الشهر الذي قدمت فيه الشكاية من طرف المتضرر او قدم فيه طلب المتابعة من طرف المدعي العام، امكن اعتبار الشكاية او طلب المتابعة مرفوضا، ويجوز اذ ذاك للمدعي العام ان يرفع القضية الى محكمة الاستئناف طبقا لمقتضيات هذا الفصل ".

II

) المقررات الضمنية او المقررات السلبية في قانون المحاماة الحالي :

في قانون المحاماة الحالي الصادر بتاريخ 10/9/1993 (ج. ر عدد 4222 بتاريخ 29/9/1993) والذي وقع تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 39/96 الصادر في 10/8/1996 ( ج. ر عدد 4421 بتاريخ 14/10/1996 ) وردت المقررات الضمنية في المادة 11 المتعلقة بالمرشحين للتمرين، وفي المادة 20 المتعلقة بالتقييد في الجدول بالنسبة للمحامين المتمرنين الذين انهوا مدة التمرين القانونية، والمرشحين المعفيين من شهادة الاهلية ومن التمرين.

وهكذا فقد نصت الفقرة الاخيرة من المادة 11 المشار اليها اعلاه على : " ان الطلب يعتبر مرفوضا في حالة عدم تبليغ مقرر المجلس خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهاء الاجل المحدد للبت في الطلب."

اما الفقرة الاخيرة من المادة 20 المشار اليها اعلاه تنص على : " ان الطلبات تعتبر مرفوضة اذا لم تبلغ المقررات بشانها داخل الخمسة عشر يوما التالية لانتهاء المدة للبت فيها " .

ومما يلاحظ ان هاتين الفقرتين لم يرد فيهما النص على امكانية الطعن من عدمه، غير ان المشرع تدارك ذلك في المادة 90 من قانون المحاماة اذ اورد نصا عاما بشان الطعن بالاستئناف امام محكمة الاستئناف فجاءت كما يلي : "يحق لجميع الاطراف المعنية والوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة، وكذلك في انتخاب مجلس الهيئة والنقيب، وذلك بمقتضى مقال يوضع بكتابة الضبط بمحكمة الاستئناف داخل اجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ او اجراء الانتخاب او من اليوم الذي يعتبر تاريخ لاتخاذ المقرر الضمني" .

هذا وقد جاء النص كذلك على المقرر الضمني او المقرر السلبي بشان عدم ذكر اسم المحامي المرشح لمنصب النقيب او لعضوية المجلس في قائمة المرشحين، في الفقرتين الاخيرتين من المادة 83 من قانون المحاماة الصادر بتاريخ 10/9/1993 بعد تعديلها، كما يلي :" يصدر المجلس يوم 31 من السنة التي تجري فيها الانتخابات مقررا بتحديد اسماء المحامين الذين لهم حق الترشيح لمنصب النقيب ولعضوية المجلس مع مراعاة توفر شروط الاهلية للترشيح المنصوص عليه اعلاه .

" يحق لكل محامى لم يرد ذكر اسمه في مقرر المجلس الطعن فيه، داخل اجل ثمانية ايام من تاريخ التعليق بكتابة الهيئة، امام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف التي تبت داخل اجل ثمانية ايام من تاريخ ايداع العريضة بكتابة الضبط بالحكمة المختصة وذلك بقرار غير قابل لاي طعن" .

III

) المقررات الضمنية في رأي الفقه والقضاء :

لقد تناول الفقه والقضاء موضوع المقررات الضمنية الصادرة عن مجالس هيئاة المحامين بالمغرب بشان الشكايات وابدى فيها اراءا مختلفة ومتناقضة.

أ) راي الفقه:

لقد تناول الفقه المقررات الضمنية بصورة متباينة في موضوع كينونتها بالنسبة للشكايات.

فذهب راي الى انه ليس من حق النيابة العامة الطعن في ما يسمى بالقرار الضمني بحفظ الشكايات، مرتكزا على اساس : " ان نسخ قانون بكامله بقانون جديد لم يرد فيه بعض مما كان في الاول من مقتضيات تعتبر ملغاة . وبهذه القاعدة فان القرار الضمني بالنسبة لحفظ الشكاية والذي كان منصوصا على امكانية الطعن فيه في ظهير 59 ومرسوم 1968 الذي نسخه قانون 5/6/99 وبدوره نسخه ظهير 10/9/1993، لا يمكن تطبيقه على اساس ان ممارسته اجتهاد لانه لا اجتهاد مع الغاء نص كان موجودا" (1) .

اما الراي المؤيد لطعن النيابة العامة في تلك القرارت فقد ارتكز على اساس ان : " إحجام مجلس الهيئة عن اتخاذ مقرر بشان الشكاية المحالة عليه داخل اجل الشهرين المنصوص عليه قانونا يعتبر في نظر القانون وفي نظر المادة 90 من قانون المحاماة بمثابة اتخاذ مقرر ضمني بحفظ الشكاية.

ويتولى الوكيل العام للملك الطعن في المقرر المذكور داخل اجل 15 يوما من تاريخ التبليغ او من اليوم الذي يعتبر تاريخا لاتخاذ المقرر الضمني. وان الموقف الذي تسلكه النيابات العامة في مثل هذه الظروف، انما يدخل في اطار سلطة المراقبة، أي مراقبة مدى حسن سير العدالة والسهر على عدم مخالفة القانون، ولما لها من دور خصها به المشرع في القانون المنظم لمهنة المحاماة والمتمثل في ا عطائه الحق باحالة اية

--------------------------

1) محمد بلهاشمي . الاشكاليات التي تثيرها الطعون بالاستئناف ضد القرارت المتعلقة بحفظ الشكايات في ظهير 10/9/93 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة جريدة العلم عدد 18050 بتاريخ 20/10/ 1999 .

--------------------------

شكوى في مواجهة أي محام على النقيب قصد عرضها على مجلس الهيئة، لاتخاذ مقرر بشانها داخل اجل محدد ومراقبة مدى احترام الاجال والمسطرة المنصوص عليها في هذا القانون واتخاذ الاجراء المناسب في حالة صدور مقرر مخالف" (1) .

وقد سار في نفس هذا الاتجاه الاخير الاستاذ ادريس بلمحجوب، ودلك باعتقاده ان القراءة المعمقة لقانون المهنة واهدافها النبيلة وضوابطها المتينة، توحي بان التظلم من استنكاف مجلس الهيئة عن اصدار المقرر في الموضوع بمثابة حفظ للشكاية، سيما اذا كان الملف يتوفر على العناصر الكافية لاحتوائه اجرائيا وقانونيا وموضوعيا للتقرير فيه بالمتابعة او بعدمها (2) .

كما سارت في الاتجاه الاول هيئة المحامين بالرباط عندما حررت مذكرة حول الطعون في قرارات الحفظ الضمنية للشكايات والتي رفعتها الى السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط على اثر الطعون المقدمة منه في مثل هذه المسائل، وقد ارتكزت الهيئة في مذكرتها على اساس : "انه فيما يخص الشكايات التي لم يتخذ المجلس فيها أي قرار رغم الاجل المضروب قانونا للبت فيها، فاننا نجد نفس الوضع القانوني بشانها والموجود في الحالتين المعروضتين اعلاه ( حالة طلب تحديد الاتعاب وحالة طلب رفع المنع المؤقت)، أي ان المشرع لم يرتب أي جزاء على فواة الاجل المحدد للبت فيها، ذلك ان الرفض الضمني القابل للطعن لا يمكن تصوره الا بنص قانوني صريح او في حالة اغفال البت في احدى الطلبات. وقد اعتبرت المذكرة ان مثل هذه الطعون تعتبر سابقة خطيرة في القضاء المغربي" (3) .

------------------------

1) رشيد تاشفين. حول اشكالية الطعن في مقررات الحفظ الضمني المتخذ من طرف مجلس هيئة المحامين. جريدة الاتحاد الاشتراكي ع 6121 بتاريخ 14/5/2000.

2 ) ادريس بلمحجوب. الطعن في القرار الضمني بالحفظ الصادر عن هيئة المحامين. مجلة الاشعاع عدد 19 ص 257.

3) المذكرة منشورة في " مؤسسة النقيب" النشرة الداخلية لهيئة المحامين بالرباط عدد 3 نفومبر

-

دجنبر 1999 ص 28 (المذكرة من إنجاز وتوقيع الأستاذ النقيب الطيب بن لمقدم) .

-----------------------

هذا وقد طرحت جريدة "العلم" في صفحتها الاسبوعية المخصصة "للمجتمع والقانون" هذا الموضوع على الراي العام لاثارة النقاش بشانه مبدية كون ترتيب الاثر القانوني على مجرد السكوت دون ان يكون هناك ثمة نص قانوني يبرره، يكون بمثابة تجاوز للاختصاص، خاصة فيما يخص موضوع قانون المحاماة اذا كان النص المعاقب لا يتحدث مطلقا عن الحفظ الضمني بخصوص الشكايات التي تتلقاها مجالس نقابات هيئة المحامين، فان الاستعانة بفصول اخرى لا يعد توجها سليما ويخالف مطلقا المبادئ القانونية (1) .

فهذا كان الاختلاف في الراي الفقهي، وكذلك كان الاختلاف حتى لدى القضاء المغربي بين مختلف محاكم الاستئناف بالمملكة.

ب) راي القضاء:

القضاء المغربي اصدر عدة قرارات على مستوى محاكم الاستئناف وعلى مستوى المجلس الاعلى، في موضوع المقررات الضمنية التي يمكن اعتبار مجلس هيئة المحامين قد اتخذها وذلك في ما يخص طلبات تحديد الاتعاب او طلبات التراجع عن مقرر المنع المؤقت او الشكايات .

- في طلب تحديد الاتعاب :

في طلب تحديد الاتعاب قررت المحكمة الاستئناف بالرباط تحت عدد 1964 وبتاريخ 11/3/1999 في الملف المدني عدد 4260/98 من انه : " لا يمكن اعتبار الاجل المحدد للنقيب لاصدار القرار بشان طلب تحديد الاتعاب المرفوع اليه، وفوات هذا الاجل بمثابة رفض ضمني للطلب الموجه اليه، خلاف ما تمت الاشارة اليه في المادة 90 من نفس القانون بشان الطعون المتعلقة بالقرارات الصادرة عن مجلس الهيئة، وذلك لكون المادة 50 وما بعدها من قانون المحاماة الصادر بتاريخ 10/9/1993، لم ترتب عنه أي جزاء" ( قرار غير منشور) .

- في طلب التراجع عن مقرر المنع المؤقت :

قررت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 4/6/1999 في الملف عدد 11/99 تحت عدد 210 من : " ان طلب رفع المنع المؤقت من ممارسة مهنة المحاماة اذا عرض على مجلس هيئة المحامين لا بد ان يتم الفصل فيه بقرار صريح في حالة ادانة جنائية قطعية مع توفر امكانية متابعة تأديبية بينما يرتفع المنع اذا انتهت المتابعة الجنائية "( قرار غير منشور).

-------------------------------

1) جريدة العلم عدد 18359 الصادر بتاريخ 23/8/2000 صفحة "المجتمع والقانون" ( عمود للمناقشة).

------------------------------

- في الشكايات :

اما في ما يخص الشكايات فقد قررت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء تحت عدد 210 وتاريخ 4/6/1999 في الملف عدد 11/99 من ان : "قانون المحاماة المؤرخ في 8/11/1979 قد نص في فصله 23 على الحالة الوحيدة التي يعتبر فيها سكوت مجلس هيئة المحاميين بعد اجل قدرة شهرين وثمانية ايام ابتداء من تاريخ التوصل بالطلب قرارا ضمنيا بالرفض وهي في مجال تسجيل الراغبين في لائحة المحاميين، وهذه الحالة وردت في قانون المحاماة على وجه التخصيص فليس للقضاء التوسع خارج الحدود التي رسمها ليشمل بها مجال التاديب. لان الامساك عن الفصل في طلب او نزاع بدون سبب مشروع لا يعتبر قرارا ضمنيا بالرفض في غياب نص قانوني على غرار الفصل 23 من قانون المحاماة الصادر بتاريخ 08/11/79 وانما يمكن اعتباره انكارا للعدالة او مخالفة مهنية في نصيب الجهة الموكل اليها الفصل او بعبارة اخرى فان الرفض الضمني القابل للطعن لا يمكن تصوره الا بنص قانوني صريح في حالة اغفال البت في احدى الطلبات" (قرار غير منشور)

كما قررت محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 19/11/1999 تحت عدد 8970 من ان : "عدم البت في الشكاية المحالة على نقابة هيئة المحامين من طرف الوكيل العام للملك داخل اجل شهرين يعتبر قرارا ضمنيا يتعين على الوكيل العام استئنافه داخل اجل خمسة عشر يوما. والاستئناف الحاصل بعد خمسة عشر يوما المذكورة يعتبر قد قدم خارج الاجل ويكون مصيره عدم القبول " (مجلة الاشعاع، عدد 21 ص 159 ).

وقد سارت محكمة الاستئناف بالرباط على هذا النهج في جميع الطعون من هذا القبيل والتي بتت فيها، مستندة في ذلك على اساس انه: " اذا كان المجلس ملزما في مادة التاديب باتخاد مقرر صريح بحفظ الشكاية المحالة عليه كما يفهم من نص المادة 65 ق. م. على تبليغ هذا القرار للاطراف المعنية، فعدم وجود مقتضى بشان مقرر الحفظ الضمني في مادة التاديب لا يعني ان للمجلس الحق في ان يظل ساكتا عن البت في الشكاية الى ما لا نهاية لان ذلك سيجعله في منأى عن كل مراقبة قضائية على اعماله في حين ان هذه المراقبة كرستها المادة 65 التي اجازت الطعن في قرار الحفظ الصريح والمادة 90 التي اجازت بصفة عامة الطعن في كل مقررات المجلس بما فيها الضمنية، ولم ينص صراحة على ان المقررات الضمنية القابلة للطعن هي الواردة حصرا في المادتين 11 و 20 من ق. م. ومبدا الرقابة اقره المجلس الاعلى في قرار له بتاريخ 23/11/97 عندما اكد على ان المشرع لم يعط مجالس هيئات المحامين سلطة تقديرية مطلقة لتحريك المتابعة التأديبية من عدمها وانما قيد سلطتها بمراقبة القضاء لما سن للوكيل العام للملك حق الطعن في مقرارات الحفظ حسب المادة 65 بشان اللتاديب، وتبعا لذلك فسكوت المجلس عن البت في الشكاية المقدمة اليه بعد مضي الشهرين المقرر للبت فيها ينبغي ان يعتبر بمثابة مقرر ضمني بالحفظ استئناسا بالقاعدة المقررة في المادتين 11 و 20 على اعتبار ان قانون المهنة تضمن حالات لم يرتب جزاء على عدم البت فيها داخل الاجل مثل حالة تحديد الاتعاب وحالة طلب المنع المؤقت من ممارسة المهنة عندما يتقدم به الوكيل العام للملك طبقا للمادة 64 من ق.م. التي لم تحدد اجلا للبت في هذا الطلب ولا يعقل ان يبقى عمل النقيب او المجلس دون مراقبة بحجة سكوت النص، خاصة وان المشرع قد اعطى صفة على وجوده المقرر الضمني في المادتين 11 و 20 من ق. م. ولا يجوز ان يكرر هذا المقتضى في كل المواد المسكوت عنها لان دلك غير جائز تشريعا" (1) .

وفي نفس السياق قررت محكمة الاستئناف بالرباط تحت عدد 9915 ما يلي: "ان الفصل 65 من قانون المحاماة حينما نص على قرار الحفظ وتبليغه الى السيد الوكيل العام للملك فانه لم يكن في حاجة الى التنصيص على تبليغ القرار الضمني لان المشرع لا يشرع العبث ما دام ان قرار الحفظ الضمني غير مادي ولا يصد ر في محضر او مقرر بحكم طبيعته المستفادة من فوات الاجل المحدد للنقابة لاصدار القرار

---------------------------

1) قرار محكمة الاستئناف بالرباط ع 3221 بتاريخ 3/5/2000 ملف عدد 7046/99 (غير منشور). في نفس الاتجاه قرار ع 8968 بتاريخ 19/11/99 ملف ع 1141/99 (غير منشور)

---------------------------

الملائم ذلك لانه لا يتصور ان تبقى الهيئة غير مراقبة من طرف القضاء في القيام بالمهام الموكولة اليها تشريعا وانجاز المقررات المتخذة في الاجال المحددة لها لاسيما اذا كانت تتعلق بشكايات تهم حقوق الزبناء تجاه المحامين الذين لا يهمهم أي الزبناء الا التعرف على مآل ما ا شتكوا به لدى الهيئة"(1) .

وقد اصدرت محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 17/3/1999 يسير في نفس الاتجاه الذي سارت فيه محكمة الاستئناف بالرباط، جاء في تعليله ما يلي : " لئن كان المشرع في معرض المادة 65 لم يرتب جزاء صريحا على عدم التزام مجلس الهيئة باجل الشهرين المنصوص، عليه فانه بالمقابل لم يعط صراحة لمجالس هيئات المحامين سلطة مطلقة لا حدود زمنية لها، وانه لا معنى للرقابة القضائية اذا لم تقيد من هذه السلطة الى الحد الذي يكفل فعالية مسطرة التاديب كما هي نفسها حريصة عليها، ولا معنى لها اذا لم ترتب جزاء قضائيا يخدم الاهداف العليا لقانون المحاماة وضوابطها نفسها. وان مواكبة الوكيل العام للملك من موقعه المؤسساتي في المجال التاديبي، يعتبر احدى وسائل تجسيد الرقابة القضائية التي يفترض انطلاقها ابتداءا من اليوم الموالي لانقضاء الاجل المنصوص عليه في المادة 65، في الحالة التي تكون فيها النيابة العامة على علم بجريان المسطرة التأديبية امام مجلس الهيئة (2).

اما المجلس الاعلى فهوا ايضا سار في نفس النهج الذي سارت فيه كل من محكمتي الاستئنافي بمراكش والرباط مقررا ما يلي : "لما كان التاديب نشاط اداري تمارسه السلطة الادارية لضمان حسن سير المرفق العام تحت رقابة القضاء فان اسناد المشرع هذا النشاط لهيئة غير ادارية لا ينزع عن النشاط صبغته الادارية، ولا يطلق للهيئة الغير الادارية المسند الى هذا النشاط ممارسته في غياب الرقابة القضائية.

يترتب - ولو لم تنص المادة 65 على الاثر- على عدم اتخاذ مقرر صريح داخل الشهرين اعتباره متخدا مقررا بحفظ الشكاية اذ النشاط المطلوب نشاط اداري يترتب على التغاضي عن اعلانه صراحة داخل اجل الشهرين اعتباره ضمنيا- بعد ذلك- حفظا للشكاية ( رفض) يخول للوكيل العام الطعن فيه.

----------------------------

1) قرار محكمة الاستئناف بالرباط ع 9915 بتاريخ 17/12/1999 ( غير منشور).

2) قرار ع 1146 بتاريخ 17/3/1999 في الملف ع 5616/99 جريدة ا لعلم ع 18273 الصادرة بتاريخ 28/5/2000.

-------------------------

ان ما رتبه المشرع في المادتين 11 و 20 من القانون المنظم للمحاماة من اعتبار طلبي التقييد في التمرين وفي جدول المحامين مرفوضا اذا لم تبلغ مقررات الرفض داخل 15 يوما من انتهاء المدة للبت لا يتعلق بمجال التاديب .

لا بد لقبول استئناف الوكيل العام في المقرر الضمني بحفظ الشكاية من تقديمه داخل اجل 15 يوما الموالية لليوم الذي يعتبر تاريخا لاتخاد المقرر الضمني عملا بالمقطع الاخير من المادة 90 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، لا ان ينتظر اربع سنوات" (1) .

وامام هذه الاختلافات في الفقه من جهة وفي القضاء من جهة ثانية وفيما بينهما من جهة ثالثة، يحق لنا التساؤل حول ما مدى قابلية المقررات الضمنية او السلبية للطعن بالاستئناف انطلاقا من عدة حالات مختلفة، ومركزين الراي بعد ذلك في انعدام الوجود القانوني للمقررات الضمنية بحفظ الشكايات في الوضع القانوني الحالي لمهنة المحاماة.

IV

) ما مدى قابلية المقررات الضمنية الطعن بالاستئناف؟

يعتبر المشرع سكوت مجلس الهيئة عن اتخاد مقرر في حالات نص عليها بصفة صريحة، كونه قرر فيها ورفضها بصفة ضمنية، وجعلها تخضع للطعن بنص صريح (1)، وحالات اخرى لم يفصل فيها المشرع وسكت عنها ولكن القضاء قرر بشانها ولم يعتبرها من المقررات الضمنية (2) بينما هناك حالة خاصة اختلف فيها الفقه والقضاء معا (3) .

1) حالات من المقررات الضمنية قابلة للطعن تشريعا (قاعدة قانونية) :

فالمقررات الضمنية التي اعتبرها المشرع صادرة عن مجلس هيئة المحامين بالرفض هي المتعلقة بحالة طلب التقييد في لائحة المحامين من قبل المرشحين للتمرين، وكذلك حالة طلب التقييد في جدول المحامين من قبل المحامين المتمرنين وغيرهم من.

------------------------------

1) قرار المجلس الاعلى الغرفة الادارية ع 1496 بتاريخ 2/11/2000 ملف اداري ع 273/14/2000 (غير منشور).

-----------------------------

المعفون من شهادة الاهلية، والمحامين المنتقلين من نقابة اخرى وكذلك حالة اغفال اسم المحامي الذي له الحق للترشيح في الانتخابات لمنصب النقيب ولعضوية المجلس. فهذه الحالات جميعها اذا ما سكت مجلس الهيئة عن التقرير بشانها ومر الاجل القانوني المحدد لذلك، فيعتبر هذا السكوت بمثابة مقرر ضمني بالرفض يكون قابلا للطعن بالاستئناف لدى محكمة الاستئناف. وقد نص المشرع على هذه المقتضيات القانونية في الفصول 83.20.11 و90 من قانون المحاماة الصادر بتاريخ 10/09/1993 كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم 39/96 الصادر بتاريخ 10/8/1996.

2) حالات لم يعتبرها القضاء من المقررات الضمنية (قاعدة قضائية).

ساهم القضاء المغربي في ابراز عدة حالات لم يعتبرها من المقرارات الضمنية الصادرة عن مجلس هيئة المحامين على اساس ان قانون المحاماة لم ينص عليها ويعتبرها كذلك. وكما هو الشان بالنسبة لحالة عدم اتخاذ مجلس الهيئة لمقرر حول طلب التراجع عن مقرر المنع المؤقت ( قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ع 210 بتاريخ 4/6/1999 المشار اليه اعلاه )، وحالة كون عدم الفصل في الطلبات او النزعات بسبب غير مشروع لا يعتبر قرارا ضمنيا بالرفض في غياب نص قانوني (قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ع 210 المذكور ).

وبطبيعة الحال فان محكمة الاستئناف المذكورة قررت في طعن تقدم به احد الاطراف غير النيابة العامة، على اساس انه مقرر ضمني بالرفض صادر عن مجلس الهيئة.

3) الحالة الخاصة المختلف بشانها فقها وقضاء (الشكايات) :

هذه الحالة الخاصة هي المتعلقة بالشكايات .

فالشكايات ا لتي تحال من طرف النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف على هيئة المحامين، للبت فيها تمر من طريقتين اثنتين : احالتها اولا على نقيب الهيئة وبعد ذلك احالتها من طرفه ثانيا على مجلس الهيئة. وهذا المسار حدد له المشرع اجلا لا يتجاوز شهرين تكون الشكاية بعد استيفائها لهما اما قد تم حفظها او قد تمت المتابعة بشانها

لكن الاشكال يطرح عندما لا تجد الشكاية مسارها الطبيعي ويمضي الاجل القانوني عليها بدون اية نتيجة فهل الامر اذا هو مقرر ضمني بحفظ هذه الشكاية ام ان وجود الشكاية لا زال قائما الى حين اتخاذ مقرر صريح بالحفظ او المتابعة؟

في بعض فصول تشريعات المحاماة السابقة كان المشرع بشان هذا الاشكال واضحا، فقد اعتبر المشرع الحل هو بمثابة مقرر ضمني بحفظ الشكاية ويكون من حق الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الطعن فيه بالاستئناف امام محكمة الاستئناف، وهذا ما سبق ان اشرنا اليه وبينا قاعدته القانونية اثناء بحثنا في الفقرة الاولى اعلاه.

وقد زاد الاشكال تعقيدا عندما اختلف بشانه الفقه من جهة والقضاء من جهة اخرى، وذلك في الوضع التشريعي الحالي للمحاماة، حيث لا وضوح للقاعدة القانونية فية بشان هذا الاشكال، فهل للمقررات الضمنية بحفط الشكايات وجود قانوني ا م لا؟

V

) المقررات الضمنية بحفظ الشكايات هل لها وجود قانوني؟

في اعتقادي انه عندما يكون المشرع قد فصل الراي واوضحه في مسالة معينة وبعد ذلك الغى هذه القاعدة ولم يعد اليها، يكون قد هجرها، ومن العبث اعتمادها في القضاء .

ذلك ان المشرع كان يعتمد المقررات الضمنية في الشكايات ويعتبرها كانها مقررات صادرة بحفظ تلك الشكايات، ويترتب عنها حق النيابة العامة للطعن فيها بطريق الاستئناف امام محكمة الاستئناف في اطار حق الرقابة على النقابة، غيرانه لم يعد حاليا يعتمد تلك القاعدة بحيث يكون قد سكت عنها بعدما فصل الراي فيها سابقا - كما بينا- مما تكون معه المسالة، لا تحتمل ابدا كونه تركها لاجتهاد القضاء، خاصة وان نية المشرع كانت ظاهرة واستمرت ما يقرب من ثلاثة عقود وبعد ذلك خالفها في النصوص الحالية لقانون المحاماة.

ومما يؤكد وجهة نظرنا هذه، كون المشرع سلك طريق الوضوح بشان المقرر الضمني عندما قام بتعديل وتتميم بعض فصول قانون المحاماة الحالي الصادر بتاريخ 10/9/1993، بواسطة القانون رقم 39/96 الصادر في 10/8/1996 حيث قرر ضمن المادة 83 حق كل محام للطعن في المقرر الضمني الذي اغفل المجلس فيه ذكر اسمه في قائمة المرشحين للانتخابات لمنصب النقيب ولعضوية المجلس، محددا اجل الطعن ونوعه والجهة التي يرفع اليها، ومدة بت المحكمة بقرار غير قابل لاي طعن . وبذلك يكون المشرع قد نظم طريقة الطعن في المقررات السلبية التي ينسب صدورها الى مجلس النقابة وهو بصدد اعداد قوائم المرشحين للانتخابات، مما يكون معه حرص المشرع على ايراد تنظيم لحالة الطعن في المقرر السلبي مرده الى ان هذه الخصوصية قد تكون محل خلاف في التفسير في حالة السكوت عنها، وعدم معالجتها بنص صريح كما جاء في حكم المحكمة الادارية العليا بمصر(1) .

وفي هذا الصدد فان المشرع الفرنسي في قانون المحاماة لسنة 1972 كان واضحا وصريحا فيما يخص الشكايات، واعتبر سكوت مجلس النقابة عن اتخاذ مقرر بشان طلب ا لوكيل العام اجراء المتابعة خلال شهرين بمثابة رفض يجعل من حق الوكيل العام الطعن فيه بالاستئناف (2) .

وهكذا فمراجعة المادة 65 من قانون المحاماة المغربي لا تشفع لنا سوى القول بعدم وجود المقرر الضمني او السلبي الناتج عن سكوت مجلس الهيئة عن اتخاذ مقرر بشان الشكايات، وبالتالي تشفع لنا للقول بانعدام امكانية الطعن مطلقا لانعدام النص الصريح في هذه الحالة. ولا يمكن القول بجواز ذلك الا في حالة مراجعة المشرع لهذه المادة والنص بصفة صريحة على المقرر الضمني او المقرر السلبي اما بالرفض او بالحفظ، والنص كذلك على حق ممارسة الطعن فيه من الطرف المعني ومن.

---------------------------

1) طعن رقم 3089 لسنة 35 القضائية. جلسة 16/12/1990 ذكره الدكتور عبد الفتاح مراد في كتابه الاحكام الكبرى للمحكمة الادارية العليا المصرية الطبعة الاولى بدون تاريخ ولا مكان الطبع ص 239.

2)الفصل 122 من مرسوم رقم 468/72 بتاريخ 9/6/1972 ، ج. ر بتاريخ 11/6/1972 ويلاحظ هنا ان هذا الفصل متشابه الى حد ما للفقرة السابعة من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 19/12/1968 الذي كان ينظم بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة.

------------------------------

الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف. ذلك انه اذا كان اللمحكمة ان تؤول قرارتها فان حق تاويل القوانين على سبيل الالتزام انما هو موكل للمشرع (1) .

وكيفما كان الحال فانه لا يمكن للقضاء تاويل مقتضيات المادة 65 من قانون المحاماة لوضوحها اولا ولعدم ذكرها للمقرر الضمني او السلبي ثانيا ولعدم النص فيها لا بصورة صريحة ولا بصورة ضمنية على حق الطعن امام القضاء فيما عدا مقرر حفظ الشكايات الصريح ثالثا.

وفي هذا الاطار تجدر الاشارة هنا الى ان ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها عدد 3221 والقرارات الصادرة بعده، من انه : "لا يعقل ان يبقى عمل النقيب او المجلس دون مراقبة بحجة سكوت النص، خاصة وان المشرع قد اعطى صفة على وجود المقرر الضمني في المادتين 11 و 20 من قانون المحاماة ولا يجوز ان يكون هذا المقتضى في كل المواد المسكوت عنها لان ذلك لا يجوز تشريعا"، هنا اعتقد ان المشرع لم يعط اشارة واحدة فقط على وجود المقرر الضمني او السلبي، كما اشار الى ذلك القرار السالف الذكر، بل اعطى اشارات اخرى على وجود المقرر الضمني او السلبي في مواد من قانون المحاماة، منها ما هو مذكور في قوانين المحاماة السابقة، ومنها ما هو مذكور بالنسبة لقانون المحاماة منها ما هو مذكور في قوانين المحاماة السابقة، ومنها ما هو مذكور بالنسبة لقانون المحاماة الحالي في المادة 83 بعد تعديلها وتتميمها بمقتضى القانون رقم 39/96 الصادر بتاريخ 10/8/1996 بشان عدم ذكر اسم المحامي في قائمة المرشحين للانتخابات لمنصب النقيب ولعضوية المجلس وحق الطعن في ذلك خلال اجل محددمما يكون معه المشرع على علم يقيني بالمقرر الضمني في قانون المحاماة منذ الازل ، حيث تعامل معه بالنص الصريح الكامل شكلا وموضوعا في مادة واحدة، وتعامل معه في الوقت الراهن مرة بفصل الشكل عن الموضوع في مواد مختلفة من قانون المحاماة، ذلك انه نص على وجوده في مادة معينة ( ف 11) وعلى الطعن فيه في مادة اخرى (ف 90). و نص مرة اخرى على وجوده وطريقة الطعن فيه في مادة واحدة كما كان عليه الشان في قوانين المحاماة السابقة (ف 83) .

----------------------------------

1) قرار بتاريخ13/7/1928 ذكره، ابراهيم زعيم ومحمد فركت في وكالة الخصام

-

المحاماة ج 1 مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر الدار البيضاء 1991 ص 158.

---------------------------------

وهنا ايضا فان ما ذهب اليه قرار محكمة الاستئناف بالرباط عدد 9915 من ان : " الفصل 65 من قانون المحاماة لم يكن في حاجة الى التنصيص على تبليغ القرار الضمني لان المشرع لا يشرع العبث ما دام ان قرار الحفظ الضمني غير مادي ولا يصدر في محضر او مقرر" وهذا الراي صحيح الا حد ما، وذلك لانه فعلا فان القرار الضمني يكون مبلغا في حد ذاته ولا يحتاج الى تبليغ لانه ينتج من امرين هما ايداع الطلب وعدم البت بعد مضي الاحل على ايداعه (1)، ولكنه من جهة اخرى فهو غير صحيح لعدم النص ضمن نفس المادة على وجود المقرر الضمني سواء بصفة صريحة او بصفة ضمنية، وهذا ينطبق ايضا على ما ذهب اليه قرار محكمة الاستئناف بمراكش عدد 1146 المشار اليه اعلاه كسابقيه.

وفي هذا الاطار يجدر بنا لفت النظر الى ان قرار المجلس الاعلى الصادر عن الغرفة الادارية عدد 1496 المشار اليه اعلاه رغم كونه سار في اتجاهات بعض القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف بشان وجود المقرر الضمني بحفظ الشكاية وامكانية الطعن فيه من طرف الوكيل العام، فانه بالرغم من هذا الانحياز الغير مبرر، فهو متناقض في تعليلاته، حيث اعتبر التاديب وممارسته من طرف هيئة غير ادارية هو نشاط اداري بينما اخرج من هذا النشاط الاداري لهذه الهيئة ما يتخذه مجلس هيئة المحامين من مقررات سلبية او ضمنية بشان طلبي التقييد في التمرين وفي جدول المحامين لكونه لا يتعلق بمجال التاديب وكان مجال التاديب هو الوحيد المشكل للنشاط الاداري لهيئة غير ادارية كما هو الشان مع هيئة المحاميين بينما هذا الطرح ليس صحيحا، اذ ان كل المقررات الصادرة عن مجلس هذه الهيئة هي ذات صبغة ادارية في مجالات غير مجال التاديب، بل وقد كان للمجلس الاعلى فيما سبق موقف منذ 13/5/1970 يفهم منه الطابع الاداري لقرارات نقابة المحامين (2)، غير انه تراجع عن هذا الموقف بعد ذلك واعتبر ان مجلس هيئة المحامين ليس بسلطة ادارية وبالتالي لا يسوغ

---------------------------------

1) قرار محكمة الاستئناف بمكناس عدد 664 بتاريخ19/10/1978. الطيب بن لمقدم في مبادىء الاحكام والقرارات القضائية. مطبعة النجاح الجديدة 1992 قاعدة رقم168 ص 78.

2) قرار المجلس الاعلى عدد 238 بتاريخ 13/5/1970 مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 20 ص 56.

--------------------------------

الطعن في القرارات الصادرة عنه عن طريق مسطرة الالغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة (1) .

وبهذا القرار الحديث المتناقض في حد ذاته مع تعليلاته يكون المجلس الاعلى قد رجع الى سالف عهده خلا ل السبعينات باسباغه على هيئة المحامين الصبغة الادارية بنشاطها الاداري رغم المحتويات الخجولة للقرار، الشيء الذي يستخلص منه تناقض احكام المجلس الاعلى الغرفة الادارية في الموضوع مما يكون معه كون القرار لم يحترم ارادة ونية المشرع الضمنية المتجلية في عدم النص من طرفه على المقررات السلبية بشان الشكايات في المادة 65 من قانون المحاماة، خاصة وان اجال الطعون واحترام هذه الاجال هي من النظام العام.

---------------------------------

1) قرار المجلس الاعلى عدد 52 بتاريخ 26/2/1982 لاجتهادات المجلس الاعلى الغرفة الادارية للأستاذين احمد البخاري وامينة جبران مطبعة وليلي مراكش 1996 ص 412.

---------------------------------

0 التعليقات:

Post a Comment